تغيير تكتيكات داعش وضرورة اعادة النظر في هيكيلة قوات الأمن العراقية

تغییر تکتیکات داعش وضرورة اعادة النظر فی هیکیلة قوات الأمن العراقیة

تصاعد موجة التفجيرات الانتحارية لداعش والاختراقات الامنية في العراق يحتم اعادة النظر في هيكلية قوات الامن العراقية والعودة لإشراك الحشد الشعبي في مهام حفظ الأمن.

 تقول احصائيات دائرة مكافحة الارهاب والتطرف في وزارة الخارجية الامريكية ان عدد العمليات الارهابية في العراق قد انخفض من 3370 عملية في عام 2014 الى 2418 عملية في عام 2015 وقد تبنى تنظيم داعش التكفيري مسؤولية اقل من 31 بالمئة من هذه العمليات ورغم عدم تبني اية جهة مسؤولية 69 بالمئة المتبقية من هذه العمليات يعتقد معدو هذه الاحصائيات أن 99 بالمئة من هذه العمليات تحمل بصمات داعش ولذلك واستنادا الى الارقام المعلنة من قبل هذه الدائرة انخفض عدد العمليات الارهابية التي تبنى تنفيذها داعش علنا من 959 عملية في عام 2014 الى 741 عملية في عام 2015 اي بتراجع قدره 23 بالمئة.

وعند مراجعة طبيعة هذه العمليات الارهابية تبين ان 85 بالمئة منها كانت من نوع  التفجيرات و5 بالمئة هجمات مسلحة واختطاف و10 بالمئة عمليات انتحارية، بمعنى ان داعش نفذ في عام 2014 نحو 95 عملية انتحارية في العراق وهذا العدد انخفض الى 74 عملية في عام 2015 وهذا في وقت يعلن فيه داعش انه نفذ 589 عملية انتحارية بمختلف انواعها في الستة اشهر الاولى من عام 2016 الحالي 359 منها نفذت في العراق (61 بالمئة)، وتظهر هذه المعلومات ان داعش نفذ استدارة كاملة نحو العمليات الارهابية وان نسبة هذا النوع من العمليات تضاعفت 4.85 ضعفا علما بان داعش ينفذ العمليات الانتحارية بأربعة اشكال رئيسية هي تفخيخ الشاحنات وتفخيخ السيارات والاحزمة الناسفة والعمليات المزدوجة وهي تجهيز الاليات المفخخة باسلحة متوسطة والاقتراب بها الى اقرب نقطة ممكنة من خطوط القوات العراقية ومن ثم تفجيرها.     

  اما الأمر المهم في مقابل هذا التصاعد في عدد العمليات الانتحارية هو رد فعل الحكومة العراقية من اجل احتواء هذه الموجة، فعلى سبيل المثال قام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعد تفجير الكرادة الارهابي في بغداد باعفاء قائد عمليات بغداد والمسؤولين الامنيين في محافظة بغداد من مهامهم في 8 يوليو وفي نفس اليوم قدم وزير الداخلية محمد سالم الغبان استقالته وقبلها العبادي وسط مطالبات شعبية متصاعدة بتغيير القادة العسكريين والامنيين العاجزين عن حفظ امن بغداد، وهنا تبرز بعض النقاط التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار من اجل احتواء موجة عمليات داعش مستقبلا، وهي:

1- ان تغيير القيادات الامنية في بغداد بعد تفجير الكرادة ياتي في وقت كان نائب رئيس اللجنة الامنية في البرلمان العراقي محمد الربيعي قد حذر في 13 يونيو (3 اسابيع قبل تفجير الكرادة) في تقرير أيده كافة القيادات الامنية وقدم الى رئيس الوزراء بأن الكرادة مهددة، لكن السجالات السياسية الموجودة حول مسألة المحاصصة تسببت بتهميش هذا التحذير. 

2- ما حذر منه الربيعي ليس بالامر الجديد وهناك نماذج من هذه التحذيرات اطلقت في زمن حكومة المالكي بشأن سقوط الموصل لكن الحكومة قالت في حينه ان الامور تحت السيطرة وتجاهلت التحذيرات وقد ادى ذلك الى ايجاد ملف قضائي ضد المالكي.

3- بغض النظر عما يقال حول تجاهل الحكومة المركزية للتحذيرات يجب القول ان قسما من هذ التجاهل نابع من الثقة الكاذبة بالهيكلية الامنية، وبمعنى أدق ان عودة البعثيين الى المؤسسات الامنية والعسكرية العراقية منذ يونيو 2004 خلقت مشكلة للحكومة المركزية وهي ظاهرة الاختراق التي ساعدت بقوة على اعادة احياء شبكة خلايا داعش وقدرة هذا التنظيم على تنفيذ عمليات دقيقة بلغ عددها 7681 عملية من 15 صنفا مختلفا منذ صيف 2012 الى صيف 2013 حيث استطاع داعش في تلك الفترة التنسيق مع مسؤولي سجني ابوغريب والتاجي ونجاة 700 من المحكومين بالاعدام من هذين السجنين ومن ثم احياء القلاقل في العراق وصولا الى احتلال محافظات نينوى والانبار والموصل.

وفي مجمل الاحوال ونظرا الى وجود عوامل مثل اختراق داعش للاجهزة الامنية يبدو ان الحزام الامني لبغداد يعود حاليا الى الاوضاع التي كانت سائدة بعد سقوط الموصل في عام 2014 في وقت يتذكر الجميع ان العبادي امر في السابع من سبتمبر 2015 الجيش العراقي بمهاجمة مقر كتائب حزب الله العراق لمجرد وجود اتهامات واهية باختطاف هذا التنظيم 18 عاملا تركيا وحينها تسبب ذلك بايجاد ازمة مع الحشد الشعبي ومن ثم امر العبادي وهو القائد العام للقوات المسلحة باخلاء خط الدفاع الثاني عن بغداد من قوات الحشد الشعبي واوكل مهام حفظ الامن في قسم من هذا الخط الى الفرقة الثامنة المدرعة والألوية السادسة والسابعة عشر التي كانت تتولى مهام حفظ الامن في خط الدفاع الاول، وهكذا انسحبت قوات الحشد الشعبي الى خلف الخطوط الدفاعية وتم نشرها في دائرة الجمارك وموقف السيارت المعطلة ومعمل الالبان والثكنات السابقة للجيش في ابوغريب واليوسفية والطارمية في غرب وجنوب وشمال بغداد ليتم ارسالها الى الخطوط الامامية للقتال اذا امر القائد العام للقوات المسلحة بذلك، والان يبدو ان عودة الحشد الشعبي الى الحزام الامني لبغداد وداخل العاصمة يعتبر حلا مناسبا وهي تجربة تم اختبارها سابقا، ورغم وجود بعض الاصوات المعارضة لوجود الحشد الشعبي في العاصمة سابقا لكن مناعة الحشد امام ظاهرة الاختراق ووجود الدوافع القوية في صفوف قوات هذه التشكيلة يجعل من استخدام الحشد الشعبي حلا ناجعا لاحتواء موجة نفوذ الخلايا العملياتية لداعش وسرعة وشدة هذا النفوذ الى المناطق الشيعية.

ان استطلاعا اجري بعد تفجير مدينة الصدر اثناء عملية تحرير الفلوجة اظهر ان 73 بالمئة من المشاركين بالاستطلاع يؤيدون مشاركة الحشد الشعبي في حفظ الامن في بغداد.

المصدر:  الوقت

/انتهي/    

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة