شكري في بيروت: مهمة صعبة.. بأدوات محدودة

شکری فی بیروت: مهمة صعبة.. بأدوات محدودة

تمثل زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لبيروت، خطوة هامة، ليس فقط على طريق العلاقات المصرية اللبنانية، ولكن أيضا على طريق اهتمام القاهرة بالقضايا الإقليمية ومشكلات الدول المحيطة، إلا أنها تطرح العديد من التساؤلات حول حدود الدور المصري في لبنان وجدواه.

لا شك بأن مستقبل لبنان يمثل أهمية كبيرة لمصر، فمن ناحية، يتصل الوضع اللبناني بشدة بالوضع المتفجر في سوريا. بحيث لا يمكن لمصر لعب دور حيوي في الوضع السوري من دون بناء جسور قوية مع لبنان. كما أن استقرار الوضع اللبناني نفسه يمثل أهمية للسياسة لمصر التي عانت من انهيار النظام الإقليمي. كما أن طبيعة العلاقات المصرية مع القوى الإقليمية الرئيسية، خصوصا إيران وتركيا، تحتم عليها تنمية دورها الإقليمي الذي تراجع بشدة، والساحة اللبنانية قد تكون الأنسب لمصر في محاولة خلق توازن مع الدورين الإيراني والتركي.

من ناحية أخرى، تبدو المهمة المصرية صعبة للغاية في لبنان. فالقيام بأي دور على الساحة اللبنانية، يستدعي بالضرورة وجود علاقات قوية مع الأطراف المختلفة في الداخل اللبناني، وأيضا مع الأطراف الخارجية المؤثرة في لبنان. وهو ما تفتقده مصر بوضوح. تماما كما تفتقد القدرة على تقديم الدعم للبنان، سواء كان اقتصاديا أو سياسيا.

الملفات الإقليمية التي قد تطرح خلال زيارة شكري لبيروت، لمدة يومين، لا تخلو من التعقيدات. فالملف السوري الملتهب تتخذ فيه القاهرة موقفا واضحا مساندا لاستمرار النظام السوري، حفاظا على الدولة السورية، بينما تشهد بيروت انقساما حول الموقف منه. بالإضافة إلى ان لبنان يعد الدولة العربية الأكثر تأثرا بالأوضاع في سوريا، نتيجة التماس الحدودي من ناحية، وموجات اللاجئين التي ترى فيها بعض الأطراف اللبنانية تهديدا للتوازن الديموغرافي في لبنان، والأهم من ذلك مشاركة «حزب الله» المباشرة في الصراع السوري.

ولكن التناقض الجزئي بين العاصمتين العربيتين حول الملف السوري لا يقاس بالتناقض بينهما في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، فبينما تتجه مصر بقوة إلى تطوير العلاقات بإسرائيل، بل وتسعى إلى القيام بدور الوسيط بين إسرائيل ودول عربية أخرى، يمثل لبنان الدولة العربية الأكثر مواجهة لإسرائيل بعد فلسطين. وهو ما يجعل المسافة بين الموقفين المصري واللبناني كبيرة، خصوصا أن الزائر المصري سبقت زيارته للبنان زيارة لإسرائيل أثارت جدلا كبيرا في مصر.

ويقول معصوم المرزوق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون العربية لـ «السفير» ان زيارة شكري «تبدو غامضة بعض الشيء. فلكي يكون لمصر دور على الساحة اللبنانية يجب أن تكون علاقاتها واتصالاتها بمختلف الأطراف في لبنان قوية، وهو أمر غير متوفر. فالحكومة المصرية لها موقف حاد من «حزب الله»، وهو طرف رئيسي على الساحة اللبنانية، ولا يمكن الوصول لأي تفاهم من دونه. كذلك الأطراف التقليدية التي كانت علاقاتها بمصر جيدة في لبنان، تراجعت علاقاتها بها في السنوات الماضية».

وتمنى المرزوق أن تكون الزيارة «بداية لعودة الاهتمام المصري بالشأن اللبناني»، كما تمنى «أن تكون بداية موفقة للديبلوماسية المصرية». وأضاف: «إذا كانت الزيارة تتعلق بالملف السوري، فسيكون على شكري أن يحاول الجمع بين الفرقاء في لبنان حول الأزمة السورية وهي مهمة صعبة بالطبع. أما إذا كانت الزيارة تتعلق بالصراع العربي الصهيوني فلا أتوقع أن تحرز أي نجاح نتيجة المواقف المتباينة بين البلدين».

في الوقت الذي يتزايد فيه النفوذ التركي والإيراني في المنطقة، تبدو مصر بلا أدوات حقيقية. فالدور المصري تراجع على نحو غير مسبوق. وفي الوقت الذي تحاول فيه مصر استعادة دورها الاقليمي، سبقتها قوى أخرى في الإقليم لتشغل المساحة التي لم تكن لتظل خاوية. كذلك يأتي المسعى المصري للساحة اللبنانية في الوقت الذي تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية وسياسية لا يمكن إخفاؤها، بحيث أصبحت قدرتها على تدعيم دورها محدودة للغاية. وبرغم ذلك ليس أمام الديبلوماسية المصرية التي فقدت الكثير من رصيدها في أفريقيا والشرق الأوسط سوى أن تحاول استعادة دورها مجددا بما تملكه من أدوات.

المصدر: السفير

/انتهي/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة