البارزاني غير مخول قانونياً بالترشيح لرئاسة إقليم كردستان مرة أخرى

البارزانی غیر مخول قانونیاً بالترشیح لرئاسة إقلیم کردستان مرة أخرى

العراق بشكل عام يعاني من مشاكل اقتصادية وإقليم كردستان بالأخص لديه مشاكل جمة على هذا الصعيد، وبعضها ناجم عن عدم وضوح السياسات النفطية حيث ليست لدينا إحصائيات دقيقة حول بيع النفط من قبل حكومة الإقليم ووزارة الموارد الطبيعية بدورها لا تقوم بواجبها ولا تعلن عن ذلك.

أجرى مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء في إقليم كردستان العراق إدريس سليماني مقابلة مع النائبة في برلمان إقليم كردستان العراق السيدة تلار لطيف التي تنتمي إلى كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني.

وقد أكدت السيدة لطيف في هذا اللقاء على أن المشروع السياسي في إقليم كردستان العراق قد وصل إلى طريق مغلق وما لم يستعيد البرلمان حيويته ويزاول نشاطاته الديمقراطية بشكلها الطبيعي فليس من الممكن وضع حلول للمشاكل الحالية، كما تطرقت إلى الحديث عن الرسالة التي وجهها مؤخراً رئيس الإقليم المنتهية ولايته مسعود البارزاني للأحزاب والتيارات السياسية في الإقليم لغرض تحقيق اتفاق مشترك وصرحت بالقول: يجب على الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يستحوذ على أهم المناصب السياسية في إقليم كردستان العراق أن يعيد حساباته ويبدأ مداولات وفق رؤى جديدة بغية تحقيق اتفاق يرضي جميع الأطراف.

كما حذرت هذه النائبة من فشل المحادثات المرتقبة معتبرة ذلك سيفتح الباب على مصراعيه لمشاكل وأزمات ويفاقم الأوضاع أكثر مما هي عليه في الوقت الراهن وستكون له نتائج وخيمة لا تحمد عقباها.

وفيما يلي تفاصيل هذه المقابلة:

مراسل تسنيم: بصفتك واحدة من أعضاء برلمان إقليم كردستان العراق، كيف تقيمين الأوضاع السياسية في الإقليم؟

تلار لطيف: إقليم كردستان يواجه في الوقت الراهن مشاكل عديدة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية، في حين أن قوات البيشمركة تخوض معارك مع أكبر تنظيم إرهابي في العالم، فنحن نواجه مشاكل داخلية محتدمة قد ألقت بظلالها على جميع جوانب الحياة في الإقليم ومن المؤسف أنها أسفرت عن توقف نشاطات البرلمان بشكل عملي وبالتالي جعلت المشروع السياسي يصل إلى طريق مغلق.

كما تعلمون فالبرلمان يتولى مسؤولية تشريع القوانين ومن مهامه الهامة أيضاً إعادة النظر في قانون الانتخابات الخاص برئاسة الإقليم، ولكن من المؤسف أن أعمال البرلمان قد تأثرت بالخلافات السياسية التي بلغت الذروة بين مختلف الأحزاب والتيارات، لذا نأمل من هذه الحركات السياسية أن ترجح مصلحة الإقليم على مصالحها الذاتية ونرجو أن تفتح آفاقاً جديدةً لإجراء محادثات سياسية ودية بغية الخروج من هذه الأزمة المطبقة وتلبية مطالب الشعب الكردي.

مراسل تسنيم: ما هو السبب الأساسي في تفاقم الأزمة الحالية في إقليم كردستان برأيكم؟

تلار لطيف: السبب الأساسي بطبيعة الحال داخلي ناشئ من الاختلافات المحتدمة بين الأحزاب السياسية وقانون انتخابات رئاسة الإقليم على رأس المسائل التي أدت إلى ذلك.
الحزب الديمقراطي الكردستاني يصر على إبقاء مسعود البارزاني كرئيس للإقليم ولكن هذا الأمر ليس قانونياً لأن ولايته قد انتهت ولا يحق له الترشيح مرة أخرى، ومن هذا المنطلق عقدت خمس كتل برلمانية اجتماعات مكثفة للتداول حول إعادة النظر في قانون الانتخابات الرئاسية للإقليم بغية وضع تغييرات أساسية في النظام الحاكم وتحويله إلى نظام رئاسة برلماني وذلك لكي يتمكن أعضاء البرلمان من انتخاب رئيس للإقليم بشكل مباشر.

المشكلة التي يعاني منها الإقليم على هذا الصعيد لا تكمن في شخص البارزاني بالتحديد، بل نحن في صدد إقرار قانون يضمن سلامة المستقبل السياسي وتفعيل العملية الديمقراطية إذ إن التفسير الخاطئ للقانون الحالي يعد سبباً أساسياً في حدوث هذه الأزمة التي تتفاقم يوماً بعد يوم والتي أسفرت عن تعطيل العملية السياسية، ومن المؤسف أن التأزم ليس سياسياً فحسب وإنما تعرضنا لنكسة اقتصادية كبيرة.

نحن بصفتنا ممثلين لمواطني إقليم كردستان نطالب الجهات السياسية ببذل ما بوسعها لأجل التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، ولكن في الحين ذاته لا ينبغي لهذا الاتفاق المرتقب أن يؤثر سلباً على القانون الذي هو على رأس الأمور.

مراسل تسنيم: الرسالة التي وجهها رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى الأطراف السياسية فتحت آفاقاً جديدة لإجراء حوار بين مختلف الأطراف الكردية، فيا ترى ما النتائج التي تمخضت عن هذه الرسالة؟

تلار لطيف: بالطبع فإن كل رسالة من الممكن أن تتمخض عن نتائج إيجابية، ولكن ما يحظى بأهمية في المقام هو أن يتبنى الحزب الديمقراطي الكردي رؤى جديدة خلال المحادثات المقبلة بين الأطراف السياسية وأن يطرح مشروعاً جديداً بغية تمهيد الأرضية لتحقيق اتفاق مشترك لأن مشكلتنا الأساسية اليوم تكمن في قضية رئاسة الإقليم ولكن من المؤسف أن أعضاء هذا الحزب ما زالوا يصرون على إبقاء مسعود البارزاني على رأس السلطة في حين أن بقاءه غير قانوني وترد عليه الكثير من المؤخذات التشريعية، وحتى إن ربطنا الموضوع بالاستحقاقات الانتخابية فهو اليوم متربع على عرش الإقليم دون أي انتخابات تذكر، فلحد الآن لم تجر أية انتخابات لذا لا أحد يعلم من هو الشخص الأنسب وما هو الحزب المخول في ترشيح هذا الشخص للرئاسة، إذ لم يتم أي اقتراع لكي يقال إن الحزب الكذائي حصل على أغلبيتها، لذا من الضروري إقرار مشروع انتخابي محدد بغية تحقيق تقارب في وجهات النظر بين مختلف الأحزاب والتيارات السياسية وبالتالي وضع حلول مناسبة للأزمة التي تعصف بالإقليم.

وأؤكد لكم أن غالبية المناصب الحساسة في الإقليم هي اليوم تحت إشراف أعضاء الحزب الديمقراطي ومن هذا المنطلق يجب عليهم إبداء مرونة في المحادثات المرتقبة بغية إنصاف سائر الأحزاب التي تحظى بدعم شعبي واسع.

مراسل تسنيم: ما هي توقعاتكم بالنسبة إلى المحادثات المرتقبة بين الأحزاب والتيارات السياسية في الإقليم؟ فهل ستتمكن من تحقيق اتفاق مشترك يضمن المصالح العامة للشعب الكردي؟

تلار لطيف: لا بد من تحقيق اتفاق على هذا الصعيد، فالمشاكل قد بلغت ذروتها في الإقليم، وعلى سبيل المثال فإن الكثير من المعلمين قرروا إقامة اعتصامات لإيقاف عملية التعليم نظراً للعقبات التي وضعت في طريقهم والتماهل في دفع مستحقاتهم المالية ورواتبهم الشهرية ورغم مرور عدة أشهر على العام الدراسي الجديد لكن التلاميذ لم يلتحقوا حتى الآن بمدارسهم، لذا إن لم يتم الاتفاق بين مختلف الأطراف السياسية سوف تتفاقم الأزمة إلى أقصى حد وستكون لها عواقب وخيمة لا تحمد عقباها.

مراسل تسنيم: لو فشلت المحادثات المرتقبة، فكيف سيكون مستقبل المشروع السياسي للإقليم برأيكم؟

تلار لطيف: أرجو أن تصل هذه الجهود إلى نتائج مريحة ومرضية ولا بد من عدم ترجيح المصالح الفئوية على المصالح العامة، فالحياد عن القيم الثابتة يضر بمصلحة الإقليم ويهدد جميع الإنجازات التي تحققت طوال فترة إدارته بواسطة الأكراد، فالشعب الكردي طوال تأريخ صراعة مع النظام الصدامي البعثي قد تحمل نفقات طائلة وقدم تضحيات جسيمة، لذا ليس من الصحيح بمكان تبديد جميع ذلك لأجل مصالح خاصة.

أنا على ثقة كبيرة بأن الأحزاب والتيارات السياسية سوف تدخل هذه المحادثات بتوجهات فكرية جديدة وفي مقابل ذلك يجب على الحزب الديمقراطي أن يبدي مرونة وأن يخوض المحادثات في إطار رؤية جديدة لأجل تحقيق اتفاق يخدم مصالح الشعب الكردي.

مراسل تسنيم: بصفتك ممثلة للشعب الكردي في برلمان إقليم كردستان العراق، فما هي البرامج والنشاطات التي تطمحون لها بغية الخروج من الأزمة الحالية؟

تلار لطيف: من المؤسف أن برلمان إقليم كردستان في الوقت الراهن قد علق نشاطاته، وما دام الأمر على هذا المنوال فلا يسعنا استدعاء الوزراء والمسؤولين إلى صالة البرلمان لاستنطاقهم بغية توضيح الحقائق وحلحلة المشاكل العالقة، ولكن رغم ذلك لجأنا إلى أسلوب آخر وفي مذكرة وقع عليها غالبية أعضاء البرلمان طالبنا الهيئة الرئاسية كي تمهد الأرضية المناسبة لعقد جلسة برلمانية وإنعاش العملية الديمقراطية لكوننا نعتقد أن البرلمان له دور فاعل على صعيد الإشراف وليس من الصواب بمكان هدم كل تلك الإنجازات وعدم وضع حلول للمشاكل التي أزمت أوضاعنا، وفي هذا الحالة لا ينبغي لنا الجلوس ومتابعة الأوضاع كمراقبين فقط.

لدينا جهود حثيثة مع سائر التيارات السياسية بهدف تطبيع قضايا البرلمان والضغط على الأحزاب بغية تحقيق اتفاق سياسي تنصب نتائجه في خدمة جميع الأطراف.

مراسل تسنيم: تحدثتم عن المشاكل السياسية في الإقليم، فهل لا تخبرونا عن المشاكل الاقتصادية؟

تلار لطيف: العراق بشكل عام يعاني من مشاكل اقتصادية وإقليم كردستان بالأخص لديه مشاكل جمة على هذا الصعيد، وبعضها ناجم عن عدم وضوح السياسات النفطية حيث ليست لدينا إحصائيات دقيقة حول بيع النفط من قبل حكومة الإقليم ووزارة الموارد الطبيعية بدورها لا تقوم بواجبها ولا تعلن عن ذلك أبداً في حين أن وزارة النفط في الحكومة المركزية في بغداد تعلن مبيعاتها النفطية وتمنح اللجان البرلمانية المختصة قوائم خاصة بذلك.

من المؤسف أن النفط في إقليم كردستان لم يتحقق الغرض منه فهو ليس وسيلة لرفاهية الشعب وإنما أمسى عاملاً لتشديد الخلافات وتأزيم الأوضاع الداخلية، فقد كنا نتوقع أن مبيعات النفط من قبل حكومة الإقليم ستمنحنا استقلالاً اقتصادياً ولكن النتائج كانت عكسية تماماً، فالحرب ضد إرهابيي داعش وهبوط أسعار النفط لها دخل في تفاقم مشاكل الإقليم.

الشعب الكردي منذ الانتفاضة التي انطلقت في العراق عام 1991 م ضد نظام البعث الصدامي البائد عانى الأمرين، لذا إن لم تتضح الصورة الحقيقية حول السياسة النفطية سوف لا يتسنى لنا الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها علينا، بل وستتفاقم أكثر مما مضى.

مراسل تسنيم: ما هي السبل الكفيلة برأيكم للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية؟

تلار لطيف: نحن نسعى إلى تحقيق استقلال اقتصادي في إقليم كردستان إلا أن ضعف الحكومة وعدم وجود برنامج محدد على هذا الصعيد سيتسببان في فشل جميع المساعي الاقتصادية، وبصفتي عضو في البرلمان الكردستاني أعتقد أن من مصلحتنا التعامل بأسلوب صادق مع الحكومة المركزية في بغداد وإقامة علاقات حسنة معها، فهذا الأمر ينصب في مصلحة الشعب الكردي والإقليم بأسره.

هناك مسألة تحظى بأهمية بالغة على هذا الصعيد، وهي توفير 17 بالمئة من ميزانية الإقليم من الميزانية العامة للعراق ولو تم تنفيذها ستغير الأوضاع الراهنة وتؤول بها إلى حال أفضل.

مراسل تسنيم: هل أن جميع الأحزاب الكردية متفقة حول العودة إلى أحضان بغداد وإيجاد اتفاق مع الحكومة المركزية على صعيد القضايا الاقتصادية؟

تلار لطيف: كما يبدو من تصريح المسؤولين في مختلف الأحزاب فإنهم يرغبون بإقامة علاقات حسنة مع الحكومة المركزية في بغداد ولكننا لا نلمس ذلك عملياً على أرض الواقع، كما نلاحظ اختلافاً على صعيد إقرار قانون الميزانية العامة في البرلمان العراقي، والحزب الديمقراطي الكردستاني له وجهة نظره الخاصة حول الموضوع لكن سائر الأحزاب تضع المصلحة العامة في مرأى عينها وأيدت إقرار 17 بالميزانية العامة لصالح الإقليم لأن ذلك من شأنه أن ينعش الاقتصاد إلى حد كبير.

مراسل تسنيم: ما هي الواجبات الملقاة على عاتق حكومتي الإقليم وبغداد حول الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإقليم كردستان؟

تلار لطيف: لا ينبغي للحكومة المركزية أن تستثمر الأوضاع الحالية في إقليم كردستان لكسب امتيازات منه، بل لا بد لها من العمل على توطيد العلاقات بين أربيل وبغداد عن طريق اتخاذ خطوات جادة وأساسية لأن الإقليم أثبت بشكل عملي بأنه متعاون مع الحكومة المركزية في الدفاع عن الحدود ومكافحة الإرهاب، فهو داعم حقيقي للعراقيين جميعاً، وهذا الأمر نلحظه جلياً في تعاون قوات البيشمركة مع الجيش العراقي وسائر القوات المسلحة، لذا ينبغي لبغداد إثبات حسن نيتها تجاه الإقليم والسعي لإقرار علاقات حسنة معه عن طريق اتخاذ خطوات إيجابية على أرض الواقع، وفي مقابل ذلك يجب على حكومة الإقليم الالتزام مع ما أبرمته من اتفاقيات مع الحكومة المركزية ولا سيما في المجال الاقتصادي.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة