"هراء ترامب" ولعبة سياسة الحرب والسلام في العالم بين الديمقراطيين والجمهوريين!


"هراء ترامب" ولعبة سیاسة الحرب والسلام فی العالم بین الدیمقراطیین والجمهوریین!

الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الذي بدأ حملته الانتخابية وسط صخب إعلامي محتدم وأثار الكثير من الضوضاء حول توجهاته الحقيقية، ومنذ اللحظة الأولى لدخوله البيت الأبيض اتخذ قرارات مثيرة للجدل كانت لها أصداء واسعة وأثارت استياء ملايين الناس في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، ولا سيما المسلمين منهم، ومن يتصور أن الجمهوريين أشد وطئاً من الديمقراطيين فهو خاطئ.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء نقلاً عن موقع " وطن امروز " أن الرئيس الأمريكي الذي وفد مؤخراً إلى أروقة البيت الأبيض قد بدأ ولايته الرئاسية بضوضاء إعلامية محتدمة على نفس النسق الذي شهدته الساحة الأمريكية إبان حملته الانتخابية التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية الأمريكية والعالمية نظراً لغموض برامجه المستقبلية وتوجهاته السياسية محلياً ودولياً.

أول قرار اتخذه ترامب تمثل في منع منح تأشيرات دخول لمواطني سبعة بلدان إسلامية وبما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وقد صرح مؤخراً بضرورة مراقبة تحركات طهران بدقة أكثر بعد أن أجرت تجربة صاروخية ناجحة ليؤكد تصريحات سلفه باراك أوباما والتي هي مكررة وهزيلة بأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة!

فمن جملة تصريحاته وقراراته المثيرة للجدل ضرورة التصدي للجمهورية الإسلامية سواء في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وفي خارجها الأمر الذي يدل على أنه أكثر تشدداً من سلفه أوباما، ولا شك في أنه رجل معتوه ومتعجرف وخشن ولا يتورع من اتخاذ قرارات جنونية لا تحمد عواقبها، فهو مجنون تربع على عرش البيت الأبيض لمدة أربع سنوات.

هناك توقعات في داخل البلاد فحواها أنّ دونالد ترامب قد يخوض مغامرات عن قريب تسفر عن حدوث تغييرات جذرية ولا سيما في منطقة غرب آسيا وفي المناطق المحاذية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ومن المؤكد أن هذه التوقعات السياسية المعقدة تقتضي تسليط الضوء بشكل دقيق على هراء دونالد ترامب واستكشاف ما يضمره من برامج مستقبلية، حيث يمكن تقييم آرائه التي صرح بها إبان حملته الانتخابية وبعد توليه مهام الرئاسية في إطارين مختلفين، أحدهما بيانها من زاوية إعلامية وتقييمها مع القابليات الحقيقية التي يمتلكها بغية تنفيذها على أرض الواقع، والإطار الآخر بيانها في رحاب النتائج التي من الممكن أن تتمخض عنها.

لو حللنا تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد من الناحية الإعلامية فهناك عدة مسائل جديرة بالإشارة، ومن جملتها السؤال التالي: يا ترى هل أن الرئيس الأمريكي المنتمي إلى الحزب الجمهوري - مثل دونالد ترامب - عادة ما يكون معتوهاً ومتوحشاً عسكرياً بشكل مبالغ فيه بحيث لا يمكن مقارنته مع الرئيس الذي ينتمي للحزب الديمقراطي - مثل باراك أوباما -؟ السبب في طرح هذا السؤال هنا هو أن القاصي والداني على علم بكون السياسة العامة لواشنطن تجاه الجمهورية الإسلامية هي سياسة معادية لكون طهران ترفض السير في ركبها والتبعية لها إضافة إلى دعوتها لتحرير شعوب المنطقة والعالم من الظلم والاضطهاد، لكن البعض يتصور أن الديمقراطيين من أمثال باراك أوباما وهيلاري كلنتون أقل وطئاً في هذا المضمار من الجمهوريين الذين تتجلى صورتهم الحقيقية اليوم في شخصية الرئيس الجديد ترامب، لذا قيل إن الديمقراطيين مهما اتخذوا من إجراءات ضد إيران فهم أفضل من الجمهوريين، أي أنّهم أهون الشرّين!

هذه الرؤية بطبيعة الحال ليس صائبة، لذلك لا بد من تحليلها على ضوء بعض الملاحظات، ومنها أننا نقر بكون الجمهوريين في ظاهر سلوكياتهم يعتبرون أكثر جنوناً من الديمقراطيين، حيث يميلون بشكل كبير إلى اتباع نظريات النزعة الواقعية في علاقاتهم الدولية، وهذه النظريات بطبيعة الحال مرتكزة على النظام الفوضوي بحيث تمنح الحق للقوى الكبرى بأن تصوغ النظام العالمي وفق رغباتها ومصالحها الخاصة، حيث تعتبر السلطة هدفاً يجب تحقيقه مهما كلف الثمن وحتى لو اقتضت الحاجة اللجوء إلى الحروب الدامية. وفي مقابل ذلك فالديمقراطيون يعتقدون بضرورة الاعتماد على القدرة الناعمة واتخاذ إجراءات معقدة تضمن تحقيق أهدافهم وبما في ذلك أسلوب الترغيب والترهيب والاعتماد على القدرة العسكرية بأسلوب ذكي، لذا يعتبرهم البعض أكثر تفهما وحكمة من أقرانهم الجمهوريين؛ إلا أنّ الحقيقة على خلاف ذلك تماماً، فالهدف واحد لكلا الفئتين لكن غاية ما في الأمر أن الآلية المتبعة لتحقيقة مختلفة.

والطريف أنه رغم مساعي الديمقراطيين لإيهام الرأي العام بأنهم دعاة سلام، لكن لو تتبعنا تأريخهم الحافل بالحروب والهجمات العسكرية على سائر البلدان نجدها أكثر بكثير مما قام به أقرانهم الجمهوريون، ومن هذا المنطلق فقد بادر العديد من المراقبين والباحثين السياسيين إلى استقراء نشاطاتهم العسكرية في خارج الحدود إبان القرنين الماضيين فتوصلوا إلى أنهم يفوقون حزب دونالد ترامب المعتوه بنسبة 16 إلى 10! فضلاً عن ذلك، فإن الشعارات التي رفعها الرئيس الأمريكي الجديد في حملته الانتخابية والتي بدأ يطبقها حالياً كلها توحي بأنه لا يرغب في إنفاق الأموال الأمريكية على النزاعات العسكرية في خارج الحدود حيث أكد على مبدأ America first حيث جعل مصالح الولايات المتحدة هدفه الأول وأعرب عن عدم استعداده للتضحية بالأمن والاستقرار الداخلي الأمريكي في سبيل التحالفات الدولية.

وخلال مناظرته مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلنتون أعلن أن المجتمع الأمريكي يعاني من الفقر بواقع 17 مليون فقير ولا سيما من النساء والأطفال، كما أشار إلى أن الحكومة الأمريكية لديها ديون تفوق العشرين مليار دولار في حين أنها أنفقت في منطقة الشرق الأوسط أكثر من ستة آلاف مليار دولار، وبعد أن ذكر هذه الإحصائيات المدوية بادر إلى توبيخ هيلاري كلنتون وقال إن الديمقراطيين قد حولوا أمريكا إلى بلد من بلدان العالم الثالث.

إذن استناداً إلى ما ذكر فالوعود التي قطعها ترامب على نفسه يجب وأن تردعه عن أية مغامرات في خارج الحدود أو أنها توصل ذلك إلى أقل تقدير، ولا سيما شن هجمة عسكرية على الجمهورية الإسلامية، إذ إن هذا الرجل وجميع الساسة الأمريكان وجميع الأعداد يعرفون حق المعرفة أن أية مغامرة جنونية ضد إيران ستكون عاقبتها وخيمة للغاية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإحصائيات ليست وحدها التي تشير إلى كون الديمقراطيين أكثر عنجهية ومغامرات عسكرية من الجمهوريين، بل إنهم يكنون عداءً مضمرا للجمهورية الإسلامية والعبارة الشهيرة " جميع الخيارات مطروحة على الطاولة " قد ترددت على ألسنتهم مراراً كمنطق تهديد للشعب الإيراني وهي بطبيعة الحال تشمل الخيار العسكري أيضاً، ولكنهم لم يلجؤوا إلى هذا الخيار لأنهم يعرفون حق المعرفة أنه غير مجدٍ لهم، لذا لو كانوا يعلمون بأنهم سيحققون منه النتائج التي يرغبون فيها لما توانوا عن ذلك لحظة واحدة ولأقدموا منذ زمن على هذه المغامرة الجنونية وشنوا حرباً ضدنا، وعلى هذا الأساس نتوقع أن الجمهوريين حتى وإن أطلقوا تصريحات نارية فهم لا يجرؤون على اتخاذ الخيار العسكري ضدنا لأنه لو كان ممكناً لاتخذه سلفهم أوباما وحزبه، وما يثبت هذه الحقيقة أن أوباما حينما التقت معه القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني قبل مغادرته البيت الأبيض بفترة قصيرة، طرح عليه سؤال حول الأسباب التي جعلت واشنطن تتخلى عن الخيار العسكري مقابل طهران جراء عدم التزامها بالاتفاق النووي - حسب زعمهم - فأجاب أوباما بصراحة قائلاً: " لا يوجد أي خيار عسكري من شأنه أن يوقف إيران عن تنفيذ برامجها ".

وإضافة إلى أوباما، هناك أعضاء آخرون في طاقمه الحكومي كانوا على يقين بعد نجاعة الحل العسكري في التعامل مع الجمهورية الإسلامية وبمن فيهم وزير خارجيته جون كيري، حيث أكد على أن الاتفاق النووي يعد أفضل رادع لإيقاف نشاطاتها النووية عند حد معين.

وعلى أساس ما ذكر نستشف بوضوح أن من يتصور كون الجمهوريين أشد وطئاً من الديمقراطيين فهو خاطئ، ومزاعم دونالد ترامب حول أن " جميع الخيارات مطروحة على الطاولة " في التعامل مع إيران، هي مجرد تصرفات عنجهية وخزعبلات خاوية لا وجود لها على أرض الواقع.

/ انتهى /

الأكثر قراءة الأخبار ايران
أهم الأخبار ايران
عناوين مختارة