أب يمني مفجوع يروي لتسنيم حكاية ظلم السعوديين القتلة

أب یمنی مفجوع یروی لتسنیم حکایة ظلم السعودیین القتلة

خاص\ تسنيم: كان نائما في بيته بجانب اطفال في السادس عشر من رمضان، ليصحو على وقع الانفجار، وبعدها أصبح ابراهيم أبو زينب صاحب اكثر صور السيلفي إيلاما في العالم.

إبراهيم عبد الكريم والمكنى بـ "أبو زينب" احد ضحايا العدوان البربري السعودي على اليمن، التقط صورة سيلفي مع ابتنه، لتصبح من أشهر صور السيلفي في مواقع التواصل الاجتماعي، ليس لجمال زينب، ولا بسبب ابتسامة ابراهيم، بل لان خفافيش الظلام السعودية كانت قد قتلت زينب، ولان ابراهيم أبى أن تكون صورته الاخيرة مع زينب بالدموع فقط، فجاءت ابتسامته الحزبنة وسط دموعه لتقول: "نحن شعب لا يُقهر".

وهكذا روى ابراهيم لوكالة تسنيم ما حصل له في يوم 16 رمضان للعام 2015: عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل،  كنا نائمين في المنزل الذي يقع في الجراف الغربي مديرية الثورة، وفجأة لا اعرف ماذا حصل بنا: رأيت نفسي بمكان أشبه بكارثة وليس بمنزلي الذي نمت فيه، وانا مطمئن وزوجتي وأولادي نائمون بكل خير وسلام.ما إن صحوت، وإذا بصراخ زوجتي وأصوات الناس تناديني: إبراهيم إبراهيم… هذه الثواني المعدودة حولت مسار حياتي الى مجرى آخر.

صورة لما تبقى من منزل ابراهيم بعد قصفه من قبل الطيران السعودي

جحيم و صراخ وزينب تحت الركام

وتابع:  أصبح منزلي جحيما من هول المنظر وصوت الأنين والصراخ من زوجتي وجيراني. كنت ابحث عن الباب المؤدي الى الغرفة التي بها بقية اسرتي، فلم استطع فتحها، فصعدت من جدار الصالة الى الغرفة التي كانت أسرتي تنام بها، لأجد الركام الى منتصف الغرفة تماما. زوجتي تصرخ من تحت الأنقاض: رجلي رجلي، ونصف جسدها تحت الركام. حاولت بكل ما أعطاني ربي من قوة إبعاد الحجارة من فوق ابنتي، وإذا بطفلتي زينب التي لم تكمل عامها الأول مدفونة بالكامل تحت الركام المتساقط من المنزل المجاور لنا.

الطفلة زينب ابراهيم التي قتلت اثر القصف السعودي لحي سكني

أين زينب؟!

وقال: أتى الناس لإنقاذنا، فحاولوا أن يكسروا الباب لإخراجنا من المنزل، فجأة، رأيت ابني واقفاً أمامي من فوق الركام، فشكرت الله الذي أخرجه لي حيا. ولكن، بقيت زوجتي وابنتي زينب، فحاولت إخراج ابنتي من تحت الركام، وكانت زوجتي تصرخ من تحت الركام الذي يغطي نصف جسدها السفلي، هاتفة: يا الله يا الله؛ فجأة سمعت صوت الإسعاف، وكنت أحفر لإخراج ابنتي زينب من تحت الركام، فانتشلتها وسلمتها إلى أحد الأشخاص الذين أتوا لإنقاذنا. بعد ذلك، أزلت الركام من فوق زوجتي، وإذا جسمها مملوء بالدماء، والكسور واضحة في انحاء جسدها. لقد أصبحت معاقة تماماً.هرعت سيارة إسعاف وأخذت زوجتي، أما أنا فانطلقت بسيارة أخرى إلى مستشفى المؤيد. دخلت وأنا أنادي وأصرخ: أين ابنتي زينب.

في المستشفى

وأضاف: قصدت قسم الطوارئ فوجدت زينب، واذا بالطبيب يحاول إنقاذها. طلب مني ان ادعه يكمل عمله، إلا انني في هذه اللحظة لم أستطع الاقتناع بأنها قد استشهدت. رأيت مالم أره طوال حياتي، من حزن ومأساة. شعرت أن قلبي يقطر دماً وينفطر حسرة على طفلتي زينب. فلو اجتمع العالم في هذه اللحظة على مساعدتي سأطلب منهم أن يعيدوا إلي ابنتي وحبيبتي وفرحة عمري "زينب".

الطفلة الشهيدة زينب ابراهيم

الانكار

أخذت الطفلة من مستشفى المؤيد وتوجهت بها إلى مستشفى الثورة العام في العاصمة صنعاء، إذ إنه الوحيد الذي توجد فيه جميع الأجهزة الطبية. كنت على أمل بان ابنتي سوف تعيش. أخذتها بحضني إلى هناك، غير آبه بالدم الذي يسيل من ظهري ويدي. وصلت الى قسم الطوارئ، وإذا بالقاضية تنزل علي: لقد فارقت طفلتي الحياة. زينب ابنتي في ذمة الله. وقتها لم اعد أرى شيئا، وغبت عن الوعي، أغمي علي.

أين أسرتي؟!

 صحوت فوجدت نفسي في غرفة المستشفى، والناس من حولي. ناديتهم: أين أسرتي؟ أين زينب ابنتي؟ اين زوجتي؟ اين ابني؟ فيأتيني جواب الطبيب انهم كلهم بخير، ولكن لم يات احد منهم، ولم أر ايا منهم: لا ابنتي زينب ولا ابني عبد الكريم…نهضت من سريري، ذهبت أبحث عن أسرتي. أين ذهبوا بهم: وجدت ابني عبد الكريم في المستشفى العسكري، وكانت إصابته –  والحمد لله – بسيطة. بفضل الله تحدث إلي فتأكدت أنه بخير، والحياة مازالت تدب في عروقه. بعدها كان التعب أكبر، إذ علي الذهاب إلى المستشفى الذي فيه زوجتي. وما إن وصلت وزوجتي في غرفة العمليات، وكنت أصرخ وأنادي: أين ابنتي زينب؟ أين قلبي زينب؟

زينب في ثلاجة الموتى

رد أخي علي قائلا أنها {زينب} في ثلاجة الموتى  فخرجت مسرعاً الى هناك، لأرى أين وضعوا ابنتي. وحين رأيت المكان الذي أودعت فيه، تمنيت الموت على أن لا أرى ابنتي زينب في هذا المكان. كانت في ثلاجة كبيرة من الثلاجات التي يحفظون الماء فيها، و فيها أطفال كثر. كانت صدمتي أكبر مما رأيت من الركام الذي نزل علي أنا وأسرتي، عندما رأيتك يا زينب في ثلاجة ومن فوقك عشرة من الأطفال الموتى. ابنتي زينب التي لطالما خفت عليها من نسمات الرياح ومن شعاع الشمس ومن رمل الأرض أن يلمس جسدها، رأيتك اليوم بأبشع مكان وبأصعب منظر فكانت الدموع تنهمر من عينوي من دون شعور. أحسست أن دمي تجمد في عروقي، وان قلبي لم يستطع ان ينبض أكثر، فقد كنت يا زينب كل نبضي وكل حياتي وكل ما أملك.

أتمنى إن يصل صوتي إلى كل العالم أطفال اليمن بحاجة إلى علاج ورفع الحصار

 

صورة أبكت ملايين الناس

 زينب ابنتي لماذا قتلوكِ؟ قتلوكِ باسم ماذا؟ قتلوكِ يا ابنتي باسم الدين، باسم لا إله الا الله محمد رسول الله! و الله ورسوله بريئون منهم ومن أعمالهم، أخذتها من الثلاجة، كفنتها، وطلبت من أخي أخذ صورة لي مع ابنتي زينب، طلبت من أخي أن يلتقط صورة أخيرة لي مع ابنتي وفلذة كبدي زينب، وهي جثة هامدة لكن أخي تردد، وقال لي إنني لست بحالة جيدة، لاداعي لهذه الصورة وهذا الموقف، لكنني أصريت.فكانت هذه الصورة التي أبكت الملايين من الناس، وهي الصورة التي أيقظت قلوب العالم من ظلم نتعرض له.

بعدما دفنت الجثة، وتوجهت إلى المستشفى الذي ترقد فيه زوجتي، في مستشفى المؤيد كانت نتيجة إصابة زوجتي، بعد انتهاء العملية، تثبيت جهاز خارجي في رجلها، لكنه لم يكن نافعا.

أطفال اليمن بحاجة الى علاج

واختتم ابراهيم بالقول: أبحث عن العدالة فمن سيرشدني إليها؟ ومن سيقودني إلى طريقها والى مكانها، سواء أكانت في مشارق الأرض أم في مغاربها؟ نريد من يحس بنا ويشعر بما نعانيه من ظلم وألم ووجع وقهر وتشرد. نتمنى كل من في قلبه ضمير ورحمة، ان يتعاطف مع قضيتي، وقضية شعب ووطن وارض وبلاد قد دمرت وانتهكت، تحت مسمى عاصفة الأمل، وهي بالفعل عاصفة الأمل لهم بأنهم تمتعوا برؤية أهل الإيمان والحكمة والحضارات، دماؤهم تسال وحضارتهم تدمر وشعبهم ينتهك من كل جانب، والعالم العربي والغربي لم يهتز له ساكن. نأمل منكم النظر إلى حالنا بعين العدل. انظروا إلينا من باب إن هذا حق من حقوق الإنسان، الذي لطالما انتم تدعون إليه وتعملون جاهدين من اجله، فهذا حق من حقوقنا: الأمن والأمان وحمايتنا وحماية أولادنا من القتل والانتهاك.أتمنى إن يصل صوتي إلى كل العالم. بكل مصداقية ووضوح، أطفال اليمن بحاجة إلى علاج ورفع الحصار.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة