الرقة.. الحصرم التركي والهدية المجانية

الرقة.. الحصرم الترکی والهدیة المجانیة

منذ اجتياح تنظيم "داعش" محافظة الرقة طاردا فلول مايعرف بـ "الجيش الحر" و"جبهة النصرة" الارهابية أرسى قواعد الحكم القائم على السيف والسواد وعبر الإجرام الدموي الذي أقدم عليه داعش أرسل رسالته للعالم جمعاء بأن لاهوادة في الحدود والقادم أعظم.

وغدت الرقة حصنه المنيع وعاصمته السورية ومنطلقا للتوسع، إذن داعش واقع على الخريطة ولايمكن تجاهل ذلك، والتركي الجار الاقرب للتنظيم الذي بدا تقدمه مضطردا وعجلة انتصاراته مسرعة تأهب لحماية حدوده مترقبا حسم معركة "عين العرب" بين الأكراد وداعش والتي حسمت لصالح أصحاب الأرض الكرد بدعم جوي مباشر من مايعرف بـ"التحالف الدولي".

ورغم ذلك ان العقدة الكردية في ذهن التركي عصية على الحل فالعداوة تاريخية والثأر مرتقب، لذلك عندما وضع التركي العين على الرقة وحضر كل مايلزم ، فوجئ بالأمريكي يعد الأكراد ممثلة بـ" قوات سورية الديمقراطية" لخوض معركة التحرير بما تمثله الرقة من رمزية لإنتهاء حلم داعش والكابوس الإرهابي المزمن.

نظر التركي إلى الرقة نظرة الثعلب الذي لم يستطع أن يطول عنقود العنب فقال "دعني منه أنه حامض" ولو أن البديل غير كردي لكان الأتراك أول الداعمين وخاصة بعد ماتوارد من معلومات أهلية عن اشتباكات دامية حصلت بين مجموعات مسلحة مأتمرة بالأمر التركي في مدينة الباب السورية وهذه دلاله واضحة على تخبط "زعران" التركي وعدم إمكانية الإعتماد عليهم لتحقيق توازن ما على الأرض.

الأمريكي يعد الطبخة دوما وينضجها في الوقت المناسب، وإن لم يستطع أكلها يحرقها، فمن الواضح أن الجيش السوري قد أنهى وجود داعش من المناطق التي حشد جهوده فيها وخاض معارك حاسمة للقضاء عليه، فمن قام بمحاربة داعش في مناطق انتشاره في ريف الرقة الواصلة حتى ريف الحسكة وحلب أنه المنتج الأمريكي الجديد "قسد" المدرب والمدعوم بكل انواع العتاد والسلاح الأمريكي والموجه بكنترول أمريكي من قادة ومستشارين.

بدأ التنظيم يخسر قراه الواحدة تلو الأخرى ومع كل خسارة يضيق الخناق عليه شيئا فشيئا في عقر داره الرقة، الآن وبعد محاصرة "قوات سوريا الديمقراطية" لداعش من جهاته الثلاث تتوارد معلومات متضاربة حول قبول التنظيم مضطرا للتفاوض مع تشكيلات "قسد" لترك ممر آمن للخروج من الجهة الجنوبية الشرقية الباب الوحيد المفتوح أمام داعش.

لكن إلى أين إلى الحضن الروسي؟ هذا مالم ولن تسمح به روسيا التي تسعى إلى جانب الجيش السوري وحلفائه  لإلحاق الهزيمة والضربة القاضية بالتنظيم واضعة جهودها الأساسية في ضربات سلاح الجو الذي ألحق الضرر الأكبر بالبنية التحتية للتنظيم، وخاصة أن المحافظة على النصر الميداني في تدمر والمستمر إلى الشرق من أولى أولويات الروسي.

حيث استهدف سلاح الجو الروسي عبر مئات الطلعات الجوية أرتال داعش المنسحبة من الرقة بإتجاه تدمر والسخنة، اليوم قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على حي "حطين" الرقاوي بعد سيطرتها على حيي "المشلب والسباهية والرومانية" في الجهه الغربية كما سيطرت على عدة كتل في المنطقة الصناعية إضافة لهجومها على مقر الفرقة السابعة عشر غرب المدينة  ونشرت عدة مواقع صوراً مأخوذة من أقمار صناعية تظهر "ضعف أو غياب" تحصينات المدينة من الجهتين الغربية والشرقية، وخاصة على البوابات الأثرية للمدينة التي تعدّ نقطة دفاع مهمة في حال تحصينها بشكل جيد.

وأظهرت تلك الصور حجم الدمار الذي طال الأحياء التي تقدمت فيها "قسد" خلال الأيام الماضية، والذي نتج من قصف سلاحي المدفعية والجو التابعين لقوات "التحالف".

كذلك، بيّنت تجهيز الأخير لمرابض مدفعية في ريف المدينة الغربي، قرب قرية المحمودلي، تتيح له تغطية إضافية لمواقع "قسد" في الطبقة ومحيطها القريب، إضافة إلى المواقع الأخرى التي سبق أن أنشأها خلال الأشهر الماضية.

إذن كل ماهنالك أن مايجري في الرقة مراسم "استلام وتسليم" بين فصيلين مصممين أمريكيا الأول منتهي الدور والفاعلية والثاني لازال ضمن الصلاحية إلى حين، فما الذي يبرر تحول تنظيم داعش من قوة جارفة تقتضم وتكتسح وتصول وتجول إلى قوة مهلهلة تستجدي الخلاص؟.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة