800 يوم على التدخل العسكري في اليمن؛ هل حققت السعودية هدفها؟

800 یوم على التدخل العسکری فی الیمن؛ هل حققت السعودیة هدفها؟

في الـ 25 من مارس من العام 2015 قام التحالف الذي تقوده السعودية وعبر عملية سميت بـ "عملية عاصفة الحزم" بإستهداف اليمن بهجمات نفذت براً وجواً.

800 يوم إذاً تمر على هذا الإعتداء، أي ما يقرب من سنتين و3 أشهر، وقد شكلَّ هذا الأمر فرصة لنا لمراجعة الأسباب التي قادت لهذا الإعتداء، وما إذا كانت السعودية قد إستطاعت من خلال حربها هذه، تحقيق أهدافها المعلنة أم لا؟

إن الهدف الأساس الذي أعلنت عنه السعودية لحربها على اليمن، وطبقاً للمصادر الرسمية، هو إعادة الشرعية وسلطة "عبد ربه منصور هادي" وإجبار حركة أنصار الله على الخروج من المدن اليمنية بما في ذلك العاصمة صنعاء وتجريد هذه الحركة من سلاحها.

وقد إعتبر التحالف السعودي أن السبب الرئيس لحربه على اليمن هو إعادة منصور هادي إلى سدة الحكم، كما سعى هذا التحالف عبر أدواته الإعلامية ومواقفه الرسمية، إلى إظهار سيطرة حركة أنصار الله على أنها غير شرعية، حيث وظفَّ هذا التحالف جميع إمكانياته سعياً منه إلى إعادة حلقته الأساسية إلى السلطة.

فالإعلام الخاضع لسيطرة السعودية ظلَّ يصف أنصار الله بالميليشيات والحكومة غير الشرعية، فيما إعتبر حكومة الرئيس الهارب هادي التي تتخذ من المنفى مقراً لها، حكومة شرعية وأكد على دعمه الكامل والشامل لهذه الحكومة.

ومن الأهداف الأخرى والتي أعلنت عنها السعودية، هي إجبار حركة أنصار الله والمقاومة اليمنية على الخروج من المدن الرئيسية اليمنية التي سيطرت عليها هذه الحركة، فالسعوديون والتحالف الذي يقودونه ومنذ بدء هجومهم كانوا قد رهنوا أي وقف لإطلاق النار أو السلام بالخروج الفوري لأنصار الله والمقاومة اليمنية من المدن اليمنية، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

إن السعودية سعت من وراء مطلبها هذا، إلى تحقيق هدف بعيد المدى، وهو تجريد حركات المقاومة اليمنية من أسلحتها، كي تتمكن من السيطرة على اليمن وإعادة حلقتها الأساسية، حيث سيضمن ذلك لها السيطرة على المقدرات اليمنية والبدء بتنفيذ خططها المستقبلية في هذا البلد.

مما لا شك فيه أن السعودية كانت وما تزال تسعى إلى تحقيق هدف غير معلن لها في الحرب على اليمن، وقد أظهرت ذلك بشكل أو بآخر في إعلامها والإعلام الموالي لها، وهو الخوف من تأسيس قوة مماثلة لحزب الله والمقاومة الللبنانية عند حدودها مع اليمن، حيث أن السعودية لم تتمكن من احداث أي تقدم في هذا الأمر، فالنظام السعودي وفي حال التوصل إلى تسوية مع أنصار الله سوف لن يكون أمامه من حيلة سوى التعايش مع هذه المقاومة، فهذه الحركة المتجذرة في اليمن لا يمكن إبعادها أو حذفها من المشهد السياسي في هذا البلد.

كذلك للسعودية أهداف غير معلنة أخرى في اليمن، حيث يمكن الإشارة إليها على النحو التالي: الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، هذا النفوذ (المعنوي) الآخذ في الإتساع يوماً بعد آخر في الدول بما في ذلك الشعب اليمني، فخوف السعودية منصب على تنامي الدور الإقليمي لإيران في اليمن، وذلك خلافاَ للإدعاءات التي تروج لها الرياض في هذا الشأن وهي مد حركة أنصار الله بالأسلحة من قبل إيران.

إضعاف مكانة ووضع الشيعة في اليمن وتعزيز مكانة ووضع المجموعات المرتبطة بالسعودية في اليمن، فتعزيز مكانة شيعة اليمن تعني بالدرجة الأساس تعزيز مكانة الشيعة في السعودية، وهذا الأمر لم يكن محبذاً بالنسبة للنظام السعودي.

إن النظام السعودي الذي لم يستطع الوصول إلى أهدافه عبر الخيار العسكري، سعى في وقت من هذه الأوقات إلى إظهار وجه معتدل وإنساني له في الساحة الدولية، حيث حاول بالدفع بهذه الأهداف عبر إنتهاج طرق الدبلوماسية والحوار.

فالعمليات العسكرية المسماة بعاصفة الحزم ووفقاً لآراء الخبراء السياسيين لم تحقق أهدافها التي إنطلقت من أجلها في بداية الأمر، حيث أنها إنتهت بعد مرور 27 يوماً في تاريخ الـ21 من نيسان/ إبريل بإعلان وقف لإطلاق النار من قبل السعودية. وقد إدعت السعودية أن عملية عاصفة الحزم تمكنت من تحقيق أهدافها في تدمير الترسانة الصاروخية لأنصار الله، معلنة بذلك بداية عملية سياسية بإسم عملية إعادة الأمل لإعادة منصور هادي إلى السلطة.

لكن إنصار الله والمقاومة اليمنية وبكشفها للمطالب الكبيرة وغير المعقولة للسعودية، لم تخضع لهذه المطالب الكبيرة التي طرحها النظام السعودي، وكما رأينا فهذه الحرب ما تزال متواصلة حتى يومنا هذا، وما تزال البنى التحتية اليمنية عرضة لهجمات حرب هذا النظام، تلك الحرب التي راح ضحيتها الآلاف من النساء والأطفال الذين دفنوا تحت أنقاض منازلهم جراء قصفها، وتشريد مئات الآلاف، وإضافة إلى كل هذا، فهذه الحرب فرضت على اليمن حصاراً جوياً مشدداً وبرياً وجوياً.

فحرب السعودية وإضافة إلى عدم تحقيق الرياض لهدفها من خلال الخيار العسكري، أظهرت كذلك في المجال السياسي طبيعة الإعتداء والتعدي التي يتمتع بها النظام السعودي حيال الدول الأخرى في المنطقة لا سيما الدول المتحالفة معه، بحيث أن بلداً مثل قطر لم يعد راغباً بالخضوع لمطالب هذا النظام.

وعليه وخلافاً لإدعاءات السعودية بأن معظم غاراتها نفذت ضد أهداف عسكرية، فإن معظم هذه الغارات ركزت على أهداف غير عسكرية وإدارية، وقد دمرت هذه الغارات البنى التحتية للدولة اليمنية، والحقت بهذا البلد الفقير الذي يعاني من الفقر والبطالة خسائر جسيمة وكبيرة.

وطبقاً لتقرير لإحدى المراكز القانونية "المركز القانوني للحقوق والتنمية" فإن 800 يوم من العدوان السعودي على اليمن نتج عنها إستشهاد واصابة 33 الف و395 مواطنا يمنيا.

وأشار المركز في تقرير صادر عنه إلى أن تحالف العدوان تسبب خلال 800 يوم في تدمير البنية التحتية للشعب اليمني مبينا أن القصف المباشر إستهدف 15 مطار و14 ميناء.

وذكر التقرير أن العدوان ألحق أضراراً بالطرق والجسور بلغت ألف و733 ما بين طريق وجسر و 368 خزان وشبكة مياه و162 محطة كهرباء ومولدات 353 شبكة ومحطة إتصالات، لتصبح أهم المنشآت الحيوية في اليمن خارج نطاق الخدمة، ما انعكس ذلك كارثياً على حياة مجمل اليمنيين.

وفي القطاع الإجتماعي لفت التقرير إلى أن العدوان دمر أكثر من 404 ألف و485 منزلا، إضافة الى 746 مسجدا، و757 مركزا ومعهدا تعليميا،كما تم قصف 294 مستشفى ومرفق صحي و26 مؤسسة إعلامية.

وبين التقرير أن تحالف العدوان إستهدف الوحدات الإنتاجية منها ألف و633 منشأة حكومية،و676 مخزن أغذية و528 ناقلات مواد غذائية و552 سوق ومجمع تجاري و318 محطة وقود سيارات و242 صهريج وقود و282 مصنع وألفين و762وسيلة نقل.

ووفقا للتقرير فإن تحالف العدوان إستهدف خلال 800 يوم 221 مزرعة للدواجن والمواشي وألف و784 حقلا زراعيا و207 معالم أثرية و 230 منشأة سياحية ، لتصبح أهم القطاعات الخاصة والعامة والمختلطة خارج عملية الإنتاج، ما كلف الإقتصاد الوطني خسائر كبيرة وخلق أزمات إجتماعية تمثلت بالبطالة والفقر.

لقد قام النظام السعودي في ظل صمت الدول والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان بمنع دخول أي نوع من المساعدات الإنسانية الدولية والحاجات الضرورية التي تتطلبها حياة المواطن اليمني، بحيث أن اليمن وبسبب تأخر وصول الأدوية والمستلزمات الطبية يعاني من الأمراض الوبائية والأمراض المعدية التي أصبحت تهدد حياة الآلاف من اليمنيين.

في البعد العسكري فهذا النظام الذي يملك الأسلحة المتطورة وغير المتكافئة مع ما يملكه الشعب اليمني، مني بالهزيمة أمام بلد فقير مثل اليمن، وقد لجأ إلى الحرب الجوية بسبب عجزه على خوض حرب شاملة لا مثيل لها، كما أن هذا النظام إستعان في الحرب البرية بمرتزقة، ولجأ إلى طلب المساعدة من المجموعات الإرهابية والتكفيرية في هذا المجال، سعياً منه لتحقيق أهدافه.

لذلك ونظراَ للأمور التي جرى الإشارة إليها، فإن السعودية فشلت في كلا المجالين، في البدء بالحرب، وكذلك الإستمرار بها، وأدى ذلك إلى خسائر يصعب تعويضها بالنسبة للنظام السعودي على المستويين الإقليمي والدولي، بحيث أن نتائج ذلك بدأت للتو بالظهور إلى العلن، ولا بد من إنتظار مزيد من هذه النتائج في المستقبل.

في الوقت الذي لا يُرى فيه حتى بصيص أمل في أن يتم إنهاء هذه الحرب، لأن الدول المشاركة في هذا الملف أو المحافل الدولية لم تقم لحد الآن بأي تحرك بإتجاه إنهاء هذه الحرب.

كاتب وصحفي إيراني

/انتهي/ 

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة