هيستيريا السعودية حيال قطر و ايران؛ أسباب و دوافع

هیستیریا السعودیة حیال قطر و ایران؛ أسباب و دوافع

على ما يبدو أن السعودية قد وضعت جميع الخطوط الحمر تحت أقدامها، وأن الشيء الوحيد الذي يعتبر فاقداً لأدنى مستوى من القيمة لدى النظام السعودي، هو الإنسانية والقيم الأخلاقية والإنسانية.

إن السعودية التي ترى نفسها محاصرة في المنطقة من كل جانب تسعى  إلى إنقاذ نفسها من حالة العزلة السياسية التي تعيشها عبر التقرب من أسيادها الأمريكان، وكي تحقق هدفها المنشود فهي مستعدة لطرق جميع الأبواب على أمل النجاة من المستنقع الذي علقت فيه.

بطبيعة الحال ومن وجهة النظر السياسية، فإن سلوك النظام السعودي حيال إيران وكذلك الدول العربية يمكن تفهمه. ويجب ألا يتوقع من هذا البلد أن ينتهج سلوكاً مبنياً على المنطق والأخلاق في تعامله مع إيران. ولننظر إلى سلوك السعودية في كيفية التعامل مع شقيقتها (قطر) فكيف هو الحال في تعاملها مع من لا تدعي أنهم أشقاء (إيران). الدولة التي هي على خلاف مع شقيقتها، وإعلامُها يلعن قطر ليلاً ونهاراً، وقامت بهجوم إعلامي كبير على هذا البلد، وصبت جام غضبها عليه، لا نتوقع منهاأن تقيم علاقات صداقة مع إيران التي تعتبرها الرياض بلداً غير عربي.

إننا إذا ما قمنا بجولة على صفحات الصحف السعودية سنرى أنه لا يمر يوم على هذه الصحف دون أن تتحدث بشكل مسيء عن إيران، بحيث أن هذه الصحف صنعت من إيران عدواً وهميا، كما أن الدعاية الإعلامية السعودية صورت إيران على أنها هي عدو دول المنطقة وليس الكيان الصهيوني المحتل. وحتى أن الرياض تقوم في هذا الصدد بدعم الزمر المنفورة من قبل الشعب الإيراني ولا تتمتع بأي مكانة في إيران، وهي بمشاركتها في مؤتمر زمرة منافقي خلق إنما تظهر بذلك غضبها وعدائها حيال الشعب الإيراني وحكومته.

لقد بلغ غضب وهيستيريا السعودية حداً بحيث صار بإمكاننا أن نلمس هذه الهيستيريا في جميع محطات الإعلام المرئي والمسموع التابعة للنظام السعودي. حقيقة لا نعرف أين يريد هذا النظام القبلي الجاهل العاجز عن تهجي كلمة الديمقراطية ولم يكن قد شهد إجراء عملية إنتخابية طوال عهده أن يصل بهذا التسرع؟

ويبدو ان سبب هذا السلوك السعودي هو هزائم نظام الرياض في الملفات الإقليمية. فالسعودية وبوصول قيادات سياسية عديمة للخبرة إلى الحكم فيها وبالمليارات التي صرفتها حتى الآن فشلت وهزمت في جميع ملفات المنطقة، بدءاً من اليمن وسوريا ومروراً بالعراق، كما أنها فشلت حتى في إحتواء بلد صغير من بلدان منطقة الخليج الفارسي مثل قطر التي ترفض بأي شكل من الأشكال الرضوخ للهيمنة والوصاية السعودية.

لقد وصل الحال بالنظام السعودي إلى حد، وعبر تعديه على جميع القوانين والمواثيق الدولية بحيث صار يتحكم بمصير بلد آخر ويحدد له مع من يقطع علاقاته ومع من يخفضها، وأن يطرد هذا الفصيل السياسي من أراضيه، وبعبارة أخرى جعل من نفسه شرطياً في المنطقة، وسمح لنفسه بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، ويريد لهذه البلدان أن تتحرك ضمن الدائرة التي حددها هو لها، وفي حال لم تنفذ هذه البلدان ما يطلبه منها النظام في السعودية فإنها ستكون عرضة للعقاب، وللأسف الشديد فإن بعض البلدان العربية في المنطقة والتي تتبع سياسة هذا النظام، تشجع عبر صمتها ودعمها هذا النظام على الإستمرار في مثل هكذا سياسات. 

في الوقت الذي تمر فيه المنطقة بأزمات خطيرة فإنه يجب على بلدان المنطقة تخطي هذا المنعطف التأريخي عبر تفهم وإدراك هذه الظروف والجلوس إلى طاولة الحوار ، لأن حالة عدم الإستقرار قد تعم جميع البلدان في المنطقة عاجلاً أو آجلاً، وقبل جميع هذه الأزمات، فإن الكيان الصهيوني والدول الكبرى التي تبحث عن إيجاد سوق لبيع أسلحتها في المنطقة، هي التي ستحصد الثمر والرابح الوحيد في كل ما يجري.

لقد تعرضت منطقة الشرق الأوسط لأزمات كبيرة، وهي ليست مستعدة لتحمل أزمة أخرى، ويننتظر من السعودية عبر إدراك الأوضاع الراهنة للمنطقة أن تنتهج لغة المنطق والعقل، وأن تبتعد عن كل ما من شأنه زيادة حدة التوتر والأزمات في المنطقة، وأن تستبدل المواجهة بالتعاون البناء، لأنه يجب على السعودية إدراك أن عهد القوة والوصاية على بلد آخر قد ولى، وأنه لا يمكن للتهديد والوعيد أن يخضع بلداً، أو أرغامه على التسليم والرضوخ لما تطلبه وتريده الرياض، فالمنطقة بصدد أن تشهد قيام تحالفات جديدة، والبدان الساعية وراء إستقلالها ومن أجل حماية نفسها ستنضم لا شك إلى هذا المحور، ما سيجعل الأوضاع أكثر تعقيداً بالنسبة للدول الرامية للهيمنة وذات السلوكيات الأنانية.

كاتب وصحفي إيراني

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة