هل أمريكا جادة في محاولتها لحل أزمة قطر مع السعودية وحلفائها؟

هل أمریکا جادة فی محاولتها لحل أزمة قطر مع السعودیة وحلفائها؟

عادَّ وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تيلرسون" إلى بلاده خالي الوفاض بعد قيامه بجولة شملت عدداً من الدول الخليجية في المنطقة إستمرت لأربعة أيام دون أن يقدم فيها تيلرسون أي مبادرة لحل أزمة قطر مع السعودية وحلفائها ولم يحقق أية نتائج تذكر.

وقد عقد تيلرسون في بداية جولته الخليجية إجتماعاً في الدوحة مع أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني بحضور الوسيط الكويتي، ثم أعقبه بإجتماعات رفيعة المستوى في السعودية مع المسؤولين السعوديين بمن فيهم الملك السعودي وولي عهده لمناقشة الأزمة القطرية، وإخيراً عقد إجتماعاً سداسياً لمناقشة الأزمة ذاتها في مدينة جدة السعودية.
وبعد مشاورات مكثفة عادَّ وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى الدوحة مجدداً حيث عقد لقاءً هو الثاني في جولته في المنطقة مع أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني وأجرى معه مشاورات. وبعد إنتهاء مشاوراته غادر تيلرسون العاصمة القطرية الدوحة بإتجاه العاصمة الأمريكية واشنطن دون أبداء أية معلومات عن نتائج مشاوراته مع أطراف الأزمة الخليجية.

أمريكا لا تمتلك مبادرة لحل الأزمة

وكما كان واضحاً منذ البداية فإن الأمريكيين لا يحملون أي شيء جديد في جعبتهم لحل أزمة قطر مع السعودية ومن يدور في فلكها، ومثلما بدأ واضحاً خلال الجولة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي، فإن واشنطن لم تقم بتقديم أي مبادرة أو خطة كبيرة من شأنها ضمان حل هذه الأزمة، ولم نرى وزير الخارجية الأمريكي قد قدم أية مبادرة أو خطة من شأنها تخطي الأزمة الراهنة سوى مذكرة التفاهم التي وقعتها واشنطن مع الدوحة فيما يخص المواجهة مع الإرهاب، ورغم الإنخفاض البسيط في مستوى حدة الأزمة خلال هذه الأيام إلا أن الأزمة وجذورها ما تزال على حالها ولم تتغير، حيث ما زالت الدول المقاطعة لقطر تؤكد على ضرورة أن تستجيب الدوحة لمطالبها، في الوقت الذي تصر فيه قطر على رفضها لهذه المطالب وتواصل التمسك بموقفها، ولا إشارات من أن الدوحة ستتراجع عن موقفها في مواجهة الدول العربية الأربع السعودية والإمارات والبحرين وخلفهم مصر.

ولم تتمكن مذكرة التفاهم التي وقعت الأربعاء بين أمريكا وقطر حول تمويل الإرهاب من نيل موافقة الدول المحاصرة لقطر كثيراً، لأن الدول المخالفة لسياسات الدوحة ترى أن هذه المذكرة سوف لن تؤدي إلى التقليل من مخاوف هذه الدول حيال نشاطات قطر، ولابد من تنفيذ الدوحة لجميع مطالبها.
ومن النقاط المثيرة للإهتمام هي أن وزير الخارجية الأمريكي كان يؤكد خلال جولته الأخيرة على الوساطة الكويتية، وهذا يبين أن الطرف الأمريكي لم يكن يضع مسألة حل الأزمة على جدول أعماله.

وكذلك فإن كثير من المحللين ينظرون إلى مساعي أمريكا لحل أزمة قطر مع السعودية وحلفائها بعين الريبة، ويعتقدون أن الأمريكيين ليسوا راغبين كثيراً في أن تجد هذه الأزمة طريقها للحل سريعاً، لأن مصلحة أمريكا هي في إستمرار هذه الأزمة. وقد أشارت صحيفة الوطن الكويتية في تحليل لها إلى هذه القضية حيث قالت: إن واشنطن تسعى للإستفادة من هذه الأزمة في تأمين مصالحها وبيع وإبرام مزيد من عقود وصفقات الأسلحة بهدف دعم الإقتصاد الأمريكي.

خدعة أمريكا الكبرى للسعودية

إن أول من تحدث عن تمويل قطر للإرهاب هي أمريكا حيث تطرقت لهذا الأمر في مؤتمر الرياض، ثم وقعت السعودية وحلفائها في الفخ الأمريكي حيث كانت تعتقد هي ومن معها أنها ستحصل على دعم شامل من واشنطن في المواجهة مع قطر، فأعدت قائمة بـ13 مطلباً ضد قطر وحددت مهلة بـ10 أيام كفرصة للدوحة للرد عليها، وهذه الدول التي كانت قد هددت قطر بعمل عسكري بعد إنتهاء المهلة، لم تقم بأي إجراء كبير بعد إنتهاءها لإجبار الدوحة على تغيير موقفها والتسليم بمطالب السعودية وحلفائها، كما أن موقف الدوحة بات أفضل من ذي قبل حيث ردت على مطالب الطرف الآخر بمطالب أيضاً، وأعلنت أنها سترضخ لمطالب الرياض ومن معها في حال قبلت الأخيرة بمطالبها فيما يخص عدداً من القضايا في المنطقة.

وعلى ما يبدو أن السعودية وحلفائها وصلوا إلى نتيجة مفادها أنهم "خدعوا خدعة كبيرة" لأن واشنطن في البداية وقعت صفقة عسكرية بقيمة 110 مليارات دولار مع السعودية، وفي المقابل وعبر إدانة ظاهرية لنشاطات الدوحة قامت أيضاً بإبرام صفقة تسليحية بقيمة 12 مليار دولار، وأخيراً أيضاً خلال الجولة الأخيرة لتيلرسون ولما إعتبر بأنه محاولة للفت أنظار السعودية وحلفائها لحل الأزمة قامت واشنطن بتوقيع "مذكرة مكافحة الإرهاب" مع الدوحة. في الحقيقة فإن الأمريكيين إنتهجوا في الأزمة الحالية بين قطر والسعودية وحلفائها سياسة مزدوجة، فهم من جانب دعموا السعودية ومن لف لفها، ومن جانب آخر وضمن إنتقاد ظاهري لسلوك قطر في المنطقة وعقد صفقات جديدة معها قاموا بالتخلي عن السعودية في هذه القضية، حيث أدى ذلك إلى إفقاد الرياض القوة على إجبار قطر على التسليم بمطالبها، فالملفت للنظر هو أن وزير الخارجية الأمريكي وصف خلال جولته الأخيرة موقف قطر بأنه "منطقي" في الوقت الذي كان يتوقع منه أن يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف بصفته طرفاً محايداً أو الا يقدم على إتخاذ موقف من شأنه أن يكون مؤذياً للطرف الأخر. إن السعودية وحلفائها يعتقدون أن أمريكا وقفت في الأزمة الراهنة إلى جانب قطر أكثر من وقوفوها إلى جانبهم.

إستمرار أزمة قطر مع الدول العربية الأربع

وعليه فإنه لا يبدو أن الأزمة بين قطر والسعودية وحلفائها ستحل في القريب العاجل؛ وهي النقطة التي أكد عليها "أنور قرقاش" وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، وعليه فإنه يجب علينا أن نتوقع إشتداداً للأزمة في علاقات قطر مع الدول الأربع خلال الأيام القادمة. من جانب آخر فإن الوساطة الكويتية لم تؤدي لحد الآن إلى نتيجة، على الرغم من دخول سلطنة عمان مؤخراً على خط هذه الوساطة، لكن لحد الآن لم يتضح بعد ماذا سيكون مصير جهود الوساطة هذه، إلا أن الشيء الواضح هو أن الأمريكيين لم يقوموا بشكل جدي بما كان يتوقع منهم لحل هذه الأزمة، وبدل أن يقدموا مبادرة جديدة لحل الأزمة يسعون لإبرام مزيد من الصفقات العسكرية مع طرفي النزاع بهدف تأمين مصالحهم الإقتصادية، كما أن صمت واشنطن على التواجد العسكري التركي في قطر زاد من مخاوف السعودية وحلفائها إزاء الموقف الأمريكي.

كاتب و صحفي ايراني

/انتهي/ 

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة