سبع سنوات على الأزمة السورية.. كيف تغيّرت خارطة السيطرة من البداية إلى النهاية؟ +إحصائيات وخرائط


سبع سنوات على الأزمة السوریة.. کیف تغیّرت خارطة السیطرة من البدایة إلى النهایة؟ +إحصائیات وخرائط

دمشق /تسنيم - خاص // مع بدء الحراك الشعبي في عدد من البلدان العربية نهاية العام 2010 والذي تتوّج بالإطاحة بعدد من الزعماء أبرزهم التونسي والليبي والمصري واليمني، كان لابدّ للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أن تستشعر الضعف الحاصل في جسد تلك البلدان لتبدأ بالركوب على موجة هذا الحراك، وتعمل على توجيهه وفقاً لمصالحها في المنطقة وفي مقدمتهم مصلحة الكيان الصهيوني.

سوريا كانت من بين الدول الضحية التي ركز عليها الغرب لاستهدافها تحت مظلة "الحراكات الشعبية" في العالم العربي، وكان لابد من شرارة تشعل الشرارة الأولى والتي تمثلت في شائعة تداولها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لم يُكشف عن تفاصيلها الكاملة حتى اليوم. تقول الشائعة أن "مسؤولاً سورياً أقدم على قلع أظافر بعض الأطفال الذين كتبوا عبارات مسيئة للدولة السورية على حائط أحد المدارس في مدينة درعا، لتتوالى بعدها الأحداث بشكل متسارع جداً".

تظاهرات وضخ إعلامي غيرُ مسبوق من قبل وسائل إعلام الدول الغربية و"الخليجية" ضد الدولة السورية وقياداتها مع التركيز بشكل كبير على تشويه سمعة شخص الرئيس السوري بشار الأسد؛ الشخص الذي كان في وقت ما نموذجاً تمتدحه القنوات العربية والأجنبية، ليتحول اليوم الى الهدف الأول الذي تصوّب نحوه تلك القنوات وتريد الاطاحة به؛ فما الذي تغير؟!

القيادة السورية تعاملت مع الحراك بكل هدوء وروية، وأقرّت على لسان مسؤوليها بأحقية بعض المطالب التي نادى بها المتظاهرون وعملت الدولة على تلبيتها مباشرة، حيث أعلنت المستشارة السياسية والإعلامية للرئاسة السورية "الدكتورة بثينة شعبان" بتاريخ 24 -3-2011 إلغاء العمل بقانون الطوارئ لرفع بعض القيود على حرية الأفراد، و وقف الرقابة على وسائل الإعلام وغيرها من الأمور التي تتيح حرية أكثر للأفراد، كما شكّلت الدولة السورية لجاناً خاصة للتواصل مع المناطق والقرى التي شهدت تظاهرات واحتجاجات للوقوف على متطلباتهم والعمل على تلبيتها.

معظم الخطوات التي أقدمت عليها الدولة السورية، كانت تُقابل بالرفض والمزيد من التظاهرات التي سرعان ما أخذت طابع التخريب والاعتداء على الممتلكات إضافة إلى حمل السلاح والاعتداء على قوى الأمن السورية وعناصر الشرطة الذين تلقوا الأوامر من أعلى سلطة في سوريا بعدم استخدام العنف ضد أي متظاهر، بل العمل على ضبط النفس وإعادة الأمن إلى جميع المناطق السورية.

لا يمكن الجزم بوجود عامل واحد وراء ما حصل في سوريا من أحداث، بل هناك العديد من العوامل الداخلية والخارجية المتداخلة التي تركت بصماتها على جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية وغيرها.

أبرز هذه العوامل تكمن في الرغبة الغربية للاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد؛ باعتباره الداعم الأكبر لحركات المقاومة في المنطقة ضد الكيان الصهيوني، إن كانت المقاومة الإسلامية في لبنان وحزب الله، أم حركات المقاومة الفلسطينية على مختلف توجهاتها وانتماءاتها؛ الامر الذي يشكّل تهديداً لكيان العدو "الإسرائيلي"، باعتبار أن سوريا هي صلة الوصل بين المحور المقاوم ابتداءً من إيران إلى العراق وصولاً إلى لبنان ففلسطين المحتلة.

لهذا السبب كان لابدّ للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من تأجيج الصراع في سوريا بأساليب وطرق متعددة.

التركيز على شخص الرئيس الأسد، كان محور اهتمام أغلب وسائل الإعلام المعادية لسوريا، حتى وصل الأمر إلى إطلاق العديد من الشائعات حول انشقاق أقرب المقربين للرئيس ومنهم زوجته أسماء الأسد، حيث نشرت قناة العربية السعودية في العام 2012 شائعة "انشقاق زوجة الرئيس الأسد وفرارها مع أولادها الثلاثة إلى لندن"، كما تناولت وسائل الإعلام نبأً يتحدث عن "إصابة ومقتل العميد ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد في إحدى التفجيرات بدمشق"؛ إلا أن كل هذه الشائعات ذهبت أدراج الرياح مع ظهور عائلة الرئيس تمارس حياتها الطبيعية.

لا يمكن إنكار مسألة الانشقاقات التي طالت بعض الشخصيات السورية، والتي وصلت في أعلى مستوياتها إلى انشقاق رئيس الحكومة الأسبق رياض حجاب وتوجهه للسعودية، لكن ما كشفه رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم عن كواليس انشقاق الشخصيات السورية، يؤكد أن فرار هؤلاء كان نتيجة الطمع بالمال والمناصب ولم يكن نابعاً عن حرصهم على الشعب والوطن.

ويؤكد "بن جاسم" في مقابلة له مع قناة الـ "بي بي سي" البريطانية "أن عمليات الانشقاق في صفوف الجيش السوري كانت أغلبها تجري بإغراءات مالية؛ فالعسكريون العاديون الذين ينشق منهم كان يحصل على 15 ألف دولار أميركي والضابط يحصل على 30 ألف دولار أميركي؛ مشيراً إلى أنّ انشقاق رئيس الوزراء السابق رياض حجاب، تم بالتنسيق مع ابن خاله الذي يعيش في الاْردن منذ زمن طويل، وقد دفعت له السعودية مبلغ 50 مليون دولار أميركي".

يقول الباحث والخبير السياسي حسام شعيب في تصريح لـمراسل "تسنيم"، "إن هذه الحرب التي تعرضت لها سوريا منذ سبع سنوات طرحت أسئلة كثيرة، أهمها :هل ما سمي بالحراك الشعبي بداية كان حواراً ديمقراطياً وطنياً يحمل مطالباً حقيقية أم أنه غير ذلك؟".

واردف شعيب : من خلال القراءة الموضوعية والتحليل السياسي والاجتماعي نؤكد أن هذا الحراك لم يكن وطنياً وإن كان في ظاهره مبنياً على مطالب وطنية وشعبية، لأننا شهدنا منذ البداية خراباً طال كافة المؤسسات وغالبية المدارس ودور العبادة والأسواق والمدن بأكملها؛ فهل هذا كان المنتظر من شعارات الديمقراطية التي أطلقها المتظاهرون؟.

وتابع : أعتقد أن المشروع الأمريكي كان يسير وفق مراحل؛ فبعد احتلال العراق، كانت الخطوة التالية هي تهيئة الأجواء ليس فقط في سوريا وإنما أيضاً في مرحلة لاحقة للوصول إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خاصة أن سوريا وإيران يشكلان حجر عثرة كبير في وجه تمرير المشروع الصهيو -أمريكي في المنطقة واليوم وجدنا ذلك من خلال إشغال سوريا بهذه الحرب الكونية عليها، بالمقابل توجهت دول الخليج الفارسي للتطبيع بشكل علني مع الكيان الصهيوني.

ولفت المحلل السياسي السوري الى أن "المشكلة كانت في مسألة الوعي الوطني والاجتماعي والتي تبين أنها مفقودة عند شريحة كبيرة من الشعب لأن الجميع كان مبهوراً".

وأضاف: "كل ما جرى في سوريا ليس بثورة وإنما حقيقة كان ضمن مشروع الفوضى الخلاقة التي تحدثت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندوليزا رايس"، وإن تطبيق هذا المشروع يحتاج إلى حوامل تمثلت بالأفكار الأيديولوجية سواء لحركة الإخوان المسلمين أم للحركة الوهابية وقد رأينا مجموعات وفصائل تحمل هذا الفكر وتقاتل تحت هذا المعتقد حتى أن تنظيم داعش أعلن مسألة الخلافة لأنه أراد جلب أكبر قدر ممكن من الجهاديين في العالم، وبالتالي رأينا من يؤيد تنظيم داعش من مشايخ السعودية الذين دعوا للجهاد في سوريا وهذا يؤكد أن هذا المشروع ليس فقط في سوريا إنما هو لكل دول المنطقة وتحديداً لمحور المقاومة بهدف إبعاده عن القضايا الأساسية".

واعتبر شعيب أن السبب الأبرز لما حصل في سوريا هو البروباغندا الإعلامية التي أثرت في النفوس العربية، فالشعب العربي عامة ينبهر بأي حالة جديدة، خاصة أننا لم نعتد في تاريخنا أن يقدم زعيم عربي استقالته تحت ضغط وحراك شعبي، وما رأيناه في ليبيا وتونس ومصر قد أبهر الجميع، ونحن نتحدث عن حراك شعبي استطاع أن يسقط أنظمة، هذا الأمر شجّع الكثيرين ليقوموا  بنفس الحراك في سوريا، ولعلّ هناك من خرج بداية وهو يحمل نوايا طيبة ولا يعتقد أساساً أن يكون أداة من أدوات المشروع الأمريكي على سوريا، لكنه بمجرد أنه خرج فقد تحوّل إلى أداة، إضافة إلى أن هناك طابواً خامساً في الداخل السوري يعمل لهذا المشروع ويخطط له منذ اللحظة الأولى لذلك كان يتم استهداف شخصيات محددة في سوريا بناء على طلب من جهات خارجية، وهذا يؤكد وجود مشروع يريد استهداف سوريا.

وقال : نحن لا ننكر أن سوريا بحاجة لتطوير وإصلاح سياسي واقتصادي وحتى الرئيس الأسد ذكر ذلك، ولكن هل هذا التقصير في الإصلاح هو مبرر كافي لأي مواطن في الداخل السوري بأن ينقلب على الدولة أو يستعين بالأجنبي؟ فالبعض ذهب أبعد من ذلك.. ذهب إلى "إسرائيل" وهذا يؤكد على أن المشروع لم يكن مسألة خلاف الشعب مع شخص الرئيس الأسد، إنما الموضوع أكبر من ذلك.

وحول المقارنة بين العام الحالي والأعوام السابقة من الأزمة التي عاشتها سوريا، قال الباحث حسام شعيب: " إن الشعب السوري اليوم يتخلى بالكثير من الوعي، فلم يعد يقتنع بما جرى، بدليل أن غالبية الشعب يوجد الآن في مناطق سيطرة الدولة السورية وهو مؤيد للجيش السوري في حربه ضد الإرهاب، وبعد مرور سبع سنوات على بداية الأزمة، تغيرت أشياء كثيرة، فنحن اليوم نتحدث عن خروج عشرات الآلاف من المدنيين من الغوطة، نتحدث عن تحرير أغلب المناطق السورية من الإرهاب، نتحدث عن وعي حقيقي أصبح لدى الشعب السوري".

ولفت الى أن هذا الوعي لم يتولد لولا صمود الدولة ولولا أن هناك عواقب كارثية قامت بها المعارضة السورية في الداخل والخارج، ففي الداخل كان هناك إجرام بحق المدنيين، وتعدي على الإسلام وعلى حقوق الناس، وحتى استخدام الأطفال للتجنيد وحمل السلاح واستخدام المدنيين كدروع بشرية".

واستطرد الخبير السياسي السوري قائلا : نسمع الآن أن الجميع بات يتحدث عن أولوية الوقوف خلف الدولة والحكومة السورية لذلك ورغم كل التباكي في مجلس الأمن على الغوطة الشرقية، نشهد الآن عشرات الآلاف يخرجون للعودة إلى الدولة، لأنّ ما عانته الغوطة ومناطق سورية أخرى من الإرهاب لم يعد يحتمله السوريون أو يقبلوا به.

(خرائط سوريا في مرحلة ما قبل وبعد الازمة)

آخر إحصائيات الحرب على سوريا :

سبع سنوات من الحرب على سوريا كانت كفيلة بأن تخلّف مئات آلاف الضحايا المدنيين جراء اعتداءات المجموعات الإرهابية على الأحياء السكنية في مختلف المحافظات السورية.

المجموعات الإرهابية شنت هجمات عديدة باستخدام السيارات المفخخة وقذائف الهاون والصواريخ محلية الصنع ضد المدنيين المتواجدين في مناطق سيطرة الدولة السورية في العديد من المدن والقرى والبلدات، استهدفت هذه الهجمات الأسواق والمدارس والمساجد والمؤسسات الحكومية.

وبحسب مصادر مطلعة فإن عدد الضحايا في صفوف المدنيين وعناصر الجيش السوري جراء اعتداءات المجموعات الإرهابية خلال السنوات الماضية يتراوح بين 300 آلف إلى 350 ألف شهيد في مختلف المحافظات السورية؛ وان ما يقارب 12000 شخص سقطوا منذ مطلع عام الحالي 2018 حتى الآن، جراء استهداف الإرهابيين للأحياء السكنية جلّ الضحايا كانوا في مدينة دمشق وضواحيها.

المجموعات الإرهابية توزعت في الأراضي السورية بانتماءات مختلفة ودعم من قبل دول غربية وإقليمية، حيث قُدر عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بحوالي 90 ألف مقاتل توزعوا إلى أكثر من 93 جنسية. و وصل عدد المقاتلين الذين يحملون جنسيات أوربية وأمريكية إلى 21500، عاد منهم 8500 مقاتل إلى بلدانهم.

كما تجاوز عدد قتلى الإرهابيين السعوديين في سوريا مع نهاية العام 2017 7000 قتيل. وقتل أكثر من 3000 انتحاري معظمهم من تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة".

وقد احتلت السعودية المرتبة الأولى في تمويل المجموعات الإرهابية في سوريا (18 مليار دولار)، في حين احتلت قطر المرتبة الثانية بـ (17 مليار دولار). و بلغ عدد الفصائل الإرهابية المقاتلة في سوريا الـ 800 فصيل إرهابي.

وتحتل البلدان التالية بالتسلسل، المراتب العشرة الأولى في أعداد الإرهابيين الذين قاتلوا في سوريا خلال الأعوام السبعة من الحرب :

(السعودية – تركيا – الشيشان – تونس – ليبيا – العراق – لبنان – تركمنستان – مصر – الأردن) وغيرها من البلدان العربية والأجنبية.

وبعد تحرير الجيش السوري لأرياف دمشق ودير الزور ومدينة حلب وثلث ريف إدلب، بات يسيطر على حوالي 85 بالمئة من مساحة سوريا، بينما  لا يزال 15 بالمئة من سوريا تحت سيطرة المجموعات المسلحة.

توزع الفصائل المسلحة المتبقية في سوريا :

- في ريف درعا جنوب البلاد تتوزع جبهة النصرة وعناصر لواء الفرقان.

- في مدينة إدلب وأريافها الشمالية والجنوبية يسيطر عدد من الفصائل المسلحة أبرزها : (هيئة تحرير الشام، أحرار الشام، الحزب التركستاني، فتح الشام، وجند الأقصى).

- في حماه يسيطر المسلحون على الريف الشمالي والجنوبي (جبهة النصرة، أحرار الشام وجيش المجاهدين ولواء الإسلام).

- في حلب ما يزال الريف الغربي وبعض أجزاء الريف الجنوبي تحت سيطرة الفصائل الإرهابية أبرزها (حركة نور الدين الزنكي، هيئة تحرير الشام، الحزب التركستاني، وجيش السنة).

- في دير الزور ما تزال بعض جيوب داعش متواجدة في ريف دير الزور الشرقي على الحدود السورية العراقية ، في حين تتركز الميليشيات الكردية في مناطق شرق الفرات بريف دير الزور بحماية أمريكية.

- في الحسكة لايزال بعض أجزاء ريف المحافظة تحت سيطرة داعش والميليشيات الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.

- قوات سوريا الديمقراطية أو ما يسمى "وحدات الحماية الكردية" باتت القوة ذات النفوذ الثاني في سوريا من حيث سيطرتها على مساحات جغرافية، إذ تفرض سيطرتها على نحو 42 ألف كلم مربع من مساحة الأراضي السورية بنسبة نحو 22.8% بعد أن تمكنت خلال الأشهر الفائتة، من تحقيق تقدم كبير بدعم أمريكي جوي، وتمتد مناطق سيطرتها من الحدود السورية العراقية إلى ريف منبج الغربي مروراً بالرقة وأجزاء من محافظة دير الزور، إضافة لسيطرتها على أحياء في مدينة حلب وريف حلب الشمالي الشرقي.

اللاجئون في سوريا:

تجاوز عدد اللاجئين السوريين إلى مناطق خارج سوريا، 5 ملايين شخص.

وتجاوز عدد هؤلاء اللاجئين الهاربين من المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون إلى مناطق سيطرة الدولة السورية 8 ملايين شخص.

في حين وصل عدد المنازل المدمرة بفعل الإرهاب إلى 3.5 مليون منزل.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة