خاص/ تسنيم- ما هي ضمانات العودة التي يطلبها السوريون في الخارج؟

خاص/ تسنیم- ما هی ضمانات العودة التی یطلبها السوریون فی الخارج؟

يترقب آلاف السوريين المهجرين خارج وطنهم بشغف أخبار وتطورات ملف العودة إلى بلدهم، وإعلان انتهاء مسلسل النزوح والتهجير الذي دام سنوات بتفاصيله المقيتة السوداوية.

خاص || تسنيم:إقر مجلس الوزراء السوري في جلسته الدورية أمس الأحد؛ تشكيل هيئة التنسيق العليا لعودة السوريين المهجرين من خارج البلاد، وتنسيق الجهود بين كل الوزارات بهدف إعادة الخدمات والبنى التحتية لكل المناطق المحررة من الإرهاب على يد الجيش العربي السوري، شكّل رصيفاً آمناً للمرور نحو الحدود قبل تعبيد الطريق كاملاً نحو الداخل السوري.

وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري "حسين مخلوف" أكد أن الهيئة ستكون مكلفة بالتواصل مع الدول الصديقة وأيضاً مع منظمات الأمم المتحدة لتقديم الدعم بهدف عودة المهجرين وتأمين كل متطلباتهم.

وزارة الخارجية والمغتربين السورية تكرر في كل مناسبة الدعوة للمواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد للعودة إلى وطنهم الأم، مؤكدة مسؤوليتها عن مواطنيها وأمنهم وسلامتهم وتأمين احتياجاتهم اليومية من الحياة الكريمة.

من لبنان، يواصل النازحون السوريون العودة إلى ديارهم وقراهم ومناطقهم في سوريا بعد عودة الأمان والاستقرار إليها، الدفعة الأخيرة كانت الأسبوع الماضي، عبر نقطة جديدة يابوس الحدودية، حيث تم نقل العائدين بالحافلات إلى منازلهم في ريف دمشق الغربي.

أتى هذا بفضل التنسيق السوري اللبناني على أعلى المستويات بخصوص ملف المهجرين، على عكس الدول الأخرى التي تخلق عراقيل اصطناعية مختلفة أمام عودة المهجرين السوريين المتواجدين على أراضيها إلى وطنهم الأم سورية، الأمر الذي حذرت من تبعاته روسيا على لسان رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع عن روسيا الاتحادية اللواء "ميخائيل ميزينتسيف" الذي أكد أن الأمر يعود بشكل أساسي إلى رغبة بعض الدول في الاستمرار بالحصول على مساعدة خارجية من المؤسسات الدولية والبلدان المانحة يتم تخصيصها لتلبية احتياجات المهجرين السوريين وكذلك بغرض مواصلة استغلالهم كأيد عاملة رخيصة.

هذا إضافة إلى ما تحاول بعض الدول القيام به من محاولات تسييس قضية المهجرين السوريين بذرائع مختلفة.

بالعودة إلى الهيئة التي من المقرر تشكيلها قريباً، رأي مراقبون أنها أولى نتائج ما تم مناقشته في "أستانا 10" بعد التوصل لتفاهم "خجول" مع الدول الغربية حول عودة المهجرين، لم تكشف تفاصيله، الأمر الذي يطرح عدد كبير من التساؤلات..

  • ماذا ستقدم الهيئة من تطمينات لتبديد عامل الخوف الكامن خلف كثيرين من السوريين الرافضين لفكرة العودة إلى البلاد؟
  • ما الخدمات التي ستقدمها للاجئين السوريين بعد فقدانهم الكثير من أساسيات العيش في دول الجوار؟
  • كيف تضمن الهيئة للاجئين القدرة على التغلب على العوائق الاقتصادية التي يعاني منها غالبيتهم، خاصة بعد انخراطهم في المجتمعات الجديدة الغربية؟
  • والسؤال الذي يدور في أذهان أي مهجر اليوم: "ما الذي سيدفع بلاجئ سوري مستقبلاً في بلدٍ هو فيه اليوم، نحو العودة إلى بلده من جديد؟".

وكالة تسنيم الدولية للأنباء استطلعت آراء بعض المهجرين السوريين في الدول الأوروبية حول هذا الموضوع في محاولة للإجابة عن تلك التساؤلات..

"ب . د" 27 عاماً، لاجئ سوري مقيم في برلين، ألمانيا، أكد أن فكرة العودة إلى سوريا أصبحت في الآونة الأخيرة ضمن حساباته، بعد تطهير قوات الجيش العربي السوري بلدته، يقول: "أنا من قرية غالبية سكانها من الأقليات، دخلتها التنظيمات الإرهابية، وهجرتنا منها.. في ألمانيا حصلت على حياة أكثر أماناً، لكن ليست مستقرة، إضافة إلى بعض الممارسات البشعة بحقنا، أرى الآن أن الوقت قد حان للعودة، لأنني لمست اتضاح معالم البلاد في المستقبل"، وحول الضمانات يؤكد "ب . د" الذي يعمل في محل وجبات سريعة ببرلين: "انشرح قلبي بعد أن اطلعت على خبر تشكيل هيئة تنظم عودتنا، لكننا بانتظار أي تفاصيل وتعليمات لنرى كيف ستجري الأمور، لا أطلب أكثر من أن تتعامل معنا الحكومة السورية أسوة بالمهجرين داخل سورية، وتعيدنا إلى قرانا بالمرونة التي رأيناها عند عودة المهجرين من مراكز الإيواء إلى منازلهم وقراهم..".

تؤكد ( ن . إ) 32 عاماً، المقيمة في ستوكهولم السويدية أن العودة إلى سوريا هو الخيار الأول والأكيد بالنسبة لها مع ارتسام ملامح الأمان والاستقرار داخل البلاد، مضيفة: " مع استمرار النزاعات في بعض المحافظات.. ورغم تدمير منزلي في قرية صدد بريف حمص، إلا أنني عائدة إلى سوريا، فإذا لم نعد نحن السوريون إلى بلدنا، لمن سنتركها؟ ومن سيعيد بناءها؟".

"ق. ك" 30 عاماً، مهجر سوري يقيم في هولندا، وصل إليها تهريباً في البحر، بسبب ظروفه العائلية التي تمنعه من تأدية "خدمة الجيش"، يقول: "لا أنتظر سوى مضي 4 سنوات على إقامتي، لأعود إلى "عشقي دمشق" حسب تعبيره، وأدفع البدل النقدي كمقيم خارج البلاد، وأعاود بعدها ممارسة حرفتي "الموزاييك الخشبي" الحرفة الدمشقية التي ورثتها عن أبي وجدي"، يضيف: "لا أطالب الحكومة السورية سوى بقبول طلبي بدفع البدل النقدي وتسوية وضعي لأعود إلى حياتي العادية، وبلدي الغالي، بعدما ذقته من مرارة العيش خارج حدوده".

"ع . ل" 24 عاماً، حالة كحال سابقه، لكنه ينوي العودة إلى سورية وتأدية خدمة الجيش الالزامية، بعد الانفراج الذي تمثل بتسريح أول دورة عسكرية التحقت بالخدمة بعد الحرب على سورية، يقول: " اليوم لم يعد الوضع كما كان سابقاً.. أقسم أنني لا أتهرب من واجبي في الدفاع عن الوطن، ما أخشاه هو السنوات الطويلة التي قضاها شبابنا في الجيش نتيجة الحرب على سورية، اليوم أصبحت الخدمة محددة بزمن، ويجب ألا يتقاعس أي شاب سورية عن خدمة وطنه".

وحول الهيئة والضمانات علّق "ع . ل" خرّيج الهندسة الطبية: "على الهيئة ضمان أمن وسلامة المهجرين العائدين، وتقديم ضمانات تتعلق بتسوية أوضاعهم أمنياً وعسكرياً، وعدم التعامل معهم على أنهم أقل وطنية ممن بقوا، أو أنهم خانوا سورية بهروبهم خارج البلاد بطريقة غير مشروعة.

"أ . ز" 29 عاماً لاجئ سوري في ألمانيا يقول لـ "تسنيم": "العودة إلى سورية أمر لن أفكر فيه بعد اليوم، لقد تعايشت مع الحياة والمجتمع هنا، أتابع دراستي في "بافاريا" وعملي جيد، وقريباً سأتزوج فتاة أجنبية ونؤسس لعائلة تعيش هنا أو في أي بلد أوروبي... صحيح أن سورية تتعافى، لكن برأيي المرحلة القادمة لا تقل صعوبة عن مرحلة العمليات العسكرية، فالمجتمع والاقتصاد بحاجة إلى فترات زمنية طويلة ليعود كما كان.. أتمنى للهيئة التوفيق واتمنى أن يعود كل الراغبين بالعودة إلى وطنهم سوريا، لكنني اخترت البقاء هنا، وأرغب بأن يحصل أولادي على الجنسية الألمانية وينشؤون في مجتمع حضاري يقدر قيمة الإنسان، حسب تعبيره.

بانتظار ما ستقوم به هيئة التنسيق العليا لعودة السوريين المهجرين من خارج البلاد من خطوات وضمانات لعودة جميع من هجرهم الإرهاب التكفيري من سورية، وعودة التماسك المجتمعي إلى البلاد، بعد ما استهدفه من جهات ودول وأجندات لتحويله إلى مكونات وإثنيات عرقية ومذهبية وطائفية متناحرة ومتحاربة، بهدف إضعاف التشبث بالأرض والثقافة والحضارة واللغة والهوية الوطنية.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة