ماذا وراء التصريحات المقصودة والاعتذار التكتيكي لبايدن؟؟


ماذا وراء التصریحات المقصودة والاعتذار التکتیکی لبایدن؟؟

لفت الخبير بالشؤون الاقليمية والمحل السياسي "احمد كاظم زاده" الى ان تصريحات نائب الرئيس الامريكي "جو بايدن" التي فضح فيها دور حلفاء الولايات المتحدة في دعم عصابات "داعش" الإرهابية ثم اعتذاره "التكتيكي" يبرهن على ان أمريكا تمتلك العديد من الوثائق و المستندات حول دور هذه الدول في دعم المجموعات الارهابية التي تقاتل نظام الرئيس السوري "بشار الاسد" ، و انها الان تستغلها لابتزاز حكومات هذه الدول.

وتطرق هذا الخبير الى تصريحات بايدن في جامعة هارفارد ، في معرض بيانه لسياسات امريكا تجاه تطورات الاحداث العالمية ، لاسيما في منطقة الشرق الاوسط ومنها قضية تشكيل التحالف ما يسمى "ضد داعش" ، و دور الحلفاء الاقليميين لامريكا ، و هم السعودية والامارات وتركيا ، في دعم المجموعات التكفيرية ضد الحكومة السورية ، و قال ان بايدن اشار في كلمته الى ان المشكلة الاكبر كانت في حلفاء واشنطن في المنطقة فالاتراك والسعوديون وسكان الامارات كان همّهم الوحيد اسقاط الرئيس السوري ، و قدموا المال والسلاح الى كل من وافق على القتال ضد الاسد ، لذلك شنوا حرباً بالوكالة في هذا البلد ، و ان تركيا و الإمارات و السعودية ، منحت مليارات الدولارات وعشرات الآلاف من الأطنان من الأسلحة ، إلى المسلحين الذين يقاتلون قوات الرئيس السوري بشار الأسد . أما الذين حصلوا على المساعدة فكانوا مقاتلي النصرة والقاعدة وعناصر متطرفة أتت من مناطق أخرى في العالم . و نوه المحلل السياسي احمد زادة الى ان ردود بعض هذه الدول تجاه هذه التصريحات مثل تركيا والامارات ، جعلت بايدن يجد نفسه في الفترة الاخيرة مضطرا الى التراجع عن بعض أقوله و حاول تبريرها .
والسؤال الان هو : ما هي الاسباب التي دفعت نائب الرئيس الاميركي لاطلاق مثل هذه التصريحات الفاضحة ؟ وما هي اسباب تراجعه السريع عن هذا الموقف وتقديم اعتذاره بهذا الشان ؟ و لماذا فضح بايدن الحلفاء ؟ .
و في الاجابة على هذه التساؤلات ، لابد من ايضاح بعض النقاط :
- النقطة الاولى هي ان بايدن القى كلمته امام النخب و الجامعيين الاميركيين في جامعة "هارفارد" اي ان الجو كان جوا ثقافيا وغير سياسي ، و لهذا فانه اضطر الى عدم ملاحظة القضايا السياسية بشكل كبير وابتعد بعض الشيء عن القيود السياسية اذا جاز التعبير .
- النقطة الثانية : نظرا الى ان الحديث في الشارع الاميركي وقبل تصريحات "بايدن" كان يدور حول اطلاع او عدم اطلاع الاجهزة الامنية و الاستخباراتية الاميركية حول الاحداث الاخيرة ومخاطر تنظيم داعش ، و لهذا حاول "بايدن" في كلمته توضيح هذه القضايا للجامعيين والنخب الاميركية ، وعن سبب تاخير الرد الاميركي ولماذا لم تتصدى لظهور تنطيم داعش منذ البداية؟ . ولهذا حاول بايدن ان يرمي الكرة في ساحة حلفاء واشنطن وسعى بشكل من الاشكال لتبرئه ساحة اميركا من هذه المسؤولية . و يحتمل ان تكون تصريحات بايدن "متعمدة" و "مقصودة" ، لاجبار بعض اعضاء التحالف من تقديم تنازلات لاميركا مثل السعودية والامارات، واخبار البعض الاخر مثل تركيا الى الانضمام الى التحالف والتنازل عن شروطها في هذا الصدد . ونظرا الى ان "بايدن" يهودي الاصل ويحاول متابعة مصالح اللوبي اليهودي والكيان الصهيوني في الجهاز التنفيذي للادارة الاميركية ومتابعتها ، ولهذا قام بفضح حلفاء واشنطن .
لكن ما هي علاقة تصريحات بايدن ضد حلفاء امريكا بمصالح كيان الاحتلال الصهيوني ؟
- اولا : دفع السعودية لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني والدخول في مباحثات التسوية بطمانينة كاملة
- ثانيا : بقاء السعودية على التزامها بسياسة خفض أسعار النفط خدمة للمصالح الاستكبارية 

• الغضب التركي والاعتذار السريع لـ بايدن

ان الرد التركي حول تصريحات بايدن ، يمكن ان يكون الاشد حيث ان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضمن استنكاره تصريحات بايدن ، طالب الاخير بالاعتذار السريع ، و قال الرئيس التركي إن هذه التصريحات ان صحت فإن بايدن "أصبح من الماضي" بالنسبة له .
من جانبها ، أشارت "كيندرا باركوف" المتحدثة باسم بايدن، إلى أن الأخير قام بالاتصال بإردوغان مبررا تصريحاته ومقدما اعتذاره ، مضيفة ان نائب الرئيس اعتذر عن أي إشارة إلى أن تركيا أو سائر الحلفاء والشركاء في المنطقة والعالم قدموا أو ساعدوا على نمو تنظيم داعش أو أي جماعة متطرفة أخرى في سوريا . و قالت ان نائب الرئيس أوضح بشكل جلي ان واشنطن تقدر كثيرا الالتزامات والتضحيات التي قدمها الحلفاء من أجل محاربة داعش. وتطرقت شبكة المنار اللبنانية الى الاسباب التي دفعت امريكا للتراجع عن تصريحاتها امام تركيا وبهذه السرعة ، حيث رأت
- اولا ان تركيا تشترك مع العراق وسوريا بشريط حدودي طويل والذي يعتبر من مكانا مناسبا لاقامة المعسكرات التدريبية للمجاميع المسلحة التي تسمى بالمجاميع المعتدلة ومعسكرات للائتلاف العربي الدولي .
- ثانيا ان الحكومة الاميركية بحاجة الى قاعدة عسكرية للانطلاق منها لمهاجمة تنظيم داعش .
- ثالثا ان تركيا منذ بداية الازمة السورية ، فتحت الطرق امام الاستخبارات الاميركية من اجل ادارة المجاميع المسلحة و بصورة مباشرة في الاراضي التركية، وعدم السماح لوصول الاسلحة الى عناصر القاعدة.
- رابعا ان تركيا تحاول من خلال اتهامها بتسليح داعش ودعمها لهذه الشبكة بالاستفادة من نفط داعش ، وفي نفس الوقت الوقوف امام ابتزارها من جهة ومن جهة اخرى عدم تدخل الدول الاخرى بالافادة من نفط داعش وتبقى هذه الافادة لوحدها .
- خامسا : قال ان إردوغان يسعى بالنيابة عن اصدقائه العرب ان يرسم خطوط السياسة المستقبلية لاسيما وان اصدقاءه العرب قدموا الكثير من الاموال وتحملوا خسائر جمة في تركيا ولهذا كانت تصريحاته شديدة اللهجة .
وبشكل عام فان للولايات المتحدة الامريكية مصالح كثيرة في تركيا ، وهذا ما دفع بايدن الى الاعتذار لـ اردوغان .   
• رد الحفاء العرب تجاه تصريحات بايدن
ان مواقف المسؤولين الاماراتين لم تكن بنفس حدة الموقف التركي .. الا ان الامارات طلبت من الإدارة الأمريكية تقديم توضيح رسمي بشأن هذه التصريحات . و قالت الإمارات ان هذه التصريحات تتجاهل دور الإمارات في القتال ضد التطرف والإرهاب ، حسب قول وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور محمد قرقاش . في هذه الاثناء اختار المسؤولون السعوديون السكوت حيال هذه التصريحات الا ان بعص وسائل الاعلام السعودية ومنها الشرق الاوسط ، وصفت  تصريحات بايدن بانها غير مسؤولة وهي بمثابة التنصل من المسؤولية.
ختاما ينبغي القول بان تصريحات بايدن حول دور حلفائها الاقليميين في تشكيل وظهور تنظيم "داعش" تؤكد مرة اخرى هذه الحقيقة ، و هي ان شمس الحقيقة لن تحتجب إلى الأبد وراء الغيوم ، و ان الاعتذار الاميركي – حتى وان جاء انطلاقا من مراعاة مصالحها وظروف امريكا - الا انه (الاعتذار) لن يغير من الموضوع الرئيسي ، و هو دور حلفاء اميركا في تشكيل و ظهور وتسليح تنظيم داعش ، و هذا يشير الى ان اميركا لديها وثائق ومستندات عديدة أرادت إحراج الحلفاء الاقليميين والافادة منها الان ، لابتزازهم .

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة