«ليلة القدر» ... بين إصلاح الماضي ورسم المستقبل

«لیلة القدر» ... بین إصلاح الماضی ورسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله الشيخ مجتبي طهراني ، الي ليلة القدر العظيمة ، التي اكرمنا الباري بها و جعلها خيرا من ألف شهر ، و اعتبرها فرصة لاصلاح الماضي و رسم المستقبل ، موضحا أن الحجاب الذي هو ما يحول بين العبد و ربه يرفع في مثل هذه الليلة داعيا الانسان المؤمن الي مناجاة ربه في مثل هذه الليالي العظيمة للتكفير عن سيئاته و ذنوبه و نيل الرحمة و الغفران والخروج من شباك الشيطان الرجيم .

و ذكر سماحته في احد دروس الاخلاق ، الحديث الذي روي عن الامام جعفر الصادق (ع) أنه قال : ان "التقدير يكون في ليلة القدر الاولى التاسع عشر من شهر رمضان ، و الإبرام في ليلة الحادي و العشرين ، و الإمضاء في ليلة الثالث والعشرين" ، أي أن قائمة الاعمال يتم تقديمها في الليلة الأخيرة من ليالي القدر الي الامام المنتظر الحجة الثاني عشر صاحب العصر والزمان (عج) للتوقيع عليها .

و أشار سماحته في أحد دروس الاخلاق الي حديث عن النبي (ص) أنه قال " لو يَعْلَمُ الْعَبْدُ مَا فِي رَمَضَانَ لَوَدَّ أَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ سَّنَة" ، و كان يقول " سُبْحَانَ اللَّهِ مَا ذَا تَسْتَقْبِلُونَ وَ مَا ذَا يَسْتَقْبِلُكُم" ، و «قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّات» . و جاء في حديث آخر أنه قال "يقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ َثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَلْ مِنْ سائِلٍ فَأُعْطِيَهُ سُؤْلَه» .
و حول ليلة القدر يقول النبي (ص) « تُفَتَّحُ ابوابُ السَّماءِ فِي لَيلَةِ القَدرِ» ، و تابع قائلا "ان علي المرء أن يطلب من الله سبحانه وتعالي في هذه الليالي المباركة المغفرة لسالف اعماله و ما ارتكبه من أخطاء خلال العام الماضي" .
وأشار الي مناجاة للامام علي بن ابي طالب (عليهما السلام) حيث يقول في هذه المناجاة «إِلَهِي إِنْ كُنْتَ لَا تَرْحَمُ إِلَّا الْمُجِدِّينَ فِي طَاعَتِكَ .. فَإِلَى مَنْ يَفْزَعُ الْمُقَصِّرُونَ» ، « وَإِنْ كُنْتَ لَا تَقْبَلُ إِلَّا مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فَإِلَى مَنْ يَلْتَجِئُ الْمُفَرِّطُونَ» ، «وَ إِنْ كُنْتَ لَاتُكْرِمُ إِلَّا أَهْلَ الْإِحْسَانِ فَكَيْفَ يَصْنَعُ الْمُسِيئُون» ؟!.
وأكد سماحته أن ليلة التاسع عشر من شهر رمضان هي ليلة الابتهال الي الله تبارك وتعالي لاصلاح و ترميم الماضي ، داعيا الانسان المؤمن الي مناجاة ربه في مثل هذه الليالي العظيمة للتكفير عن سيئاته و ذنوبه و نيل الرحمة والغفران والخروج من شباك الشيطان الرجيم والسعي الي حصول رضا الرحمن سبحانه وتعالي وشموله بالرحمة الالهية و عليه ان يطلب منه الصفح الجميل فإنه غفار رحيم .
وتطرق سماحته الي معني الصفح و العفو في قاموس اللغة حيث تقول الآية الشريفة « فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنين» و في مكان آخر يقول «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَميل» مؤكدا أن كلا المفردتين "العفو" و "الصفح" يحملان نفس المعني .. الا ان الأخير يؤكد فيه الباري تعالي بالصفح الجميل مما يظهر رحمة الباري تعالي وكرمه في حق عباده ، و لهذا فإنه يقول «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَميل» .
وشرح سماحته جوانب من الأدعية الواردة من الائمة المعصومين عليهم السلام حيث يدعو المعصوم الانسان الي مناجاة ربه بهذه اللغة واستخدام مثل هذه المفردات « عَادَتُكَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيئِين».
و في معرض اشارته الي كيفية استشهاد الامام علي (ع) عندما ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي في ليلة التاسع عشر ، قال سماحته " ان الله سبحانه وتعالي جعل وسيلة للاتصال بين العبد وربه حيث يقول «وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسيلَة» ولهذا نتوجه الي أمير المؤمنين علي (ع) الذي يعتبر هو والزهراء البتول عليها السلام وأبنائه المعصومين الوسيلة التي أوصي الله بها عباده لأنهم أكفاء ليكونوا في هذه الوسيلة ".

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة