عرب أمريكا وتسويغ السياسة الصهيو-أمريكية...!


عرب أمریکا وتسویغ السیاسة الصهیو-أمریکیة...!

في سيرورة الوحشية المتصهينة عبر تاريخ ليس قليلاً لاحظنا بالتحليل السياسي والاقتصادي ، أن قضية الشعوب واحدة ضد مستعمريهم ، وكان الاستغلال المنهج الأول للاستعمار الإمبريالي على بلادنا ، وما زال هذا المنهج يربط بعجلته دول الجزيرة العربية و الخليج الفارسي ، بل امتدّ ليطال دولاً في إفريقيا العربية .

و كتب الباحث المغربي و الخبير الستراتيجي بالشؤون الاقليمية "مصطفى قطبي مقالا ، خص به وكالة "تسنيم" ، جاء فيه :
نعم لم تكن سايكس ـ بيكو ببُعدٍ واحد ، هو تجزئة الوطن العربي، لكنها في البعد الثاني ، وهو الأهم كانت من أجل تجريف الثروة العربية، وجعلها في خدمة كيان الاستيطان العنصري «إسرائيل» ، قبل أن يكون هذا الكيان قد تمَّ تركيبه بَعْدُ . ومن المعروف في العقل التاريخي عند العرب أن حرب المفاهيم قد شُنَّتْ عليهم طيلة حقب الاستعمار المباشر ، وتُشنّ عليهم اليوم في الصراع الاستعماري من خارج الحدود .‏
فمنذ أن استخدموا مصطلح ومفهوم الفتح العثماني ، إلى أن «إسرائيل» كانت مملكة على أرض فلسطين ودمّرها نبوخذ نصّر وبدأت (الدياسابورا) الأولى عند اليهود، ومن حق اليهود أن يعودوا إلى أرضهم التاريخية، وكأن الوجود الكنعاني العربي قبل ألفي عام ويزيد ليس معترفاً به .
وفي التاريخ المعاصر يتحدّثون أمام العرب عن حرية الشعب وديمقراطيته وحقوق الإنسان لتتضح الصورة بأنهم لا يرون الحرية في المنطقة العربية إلا للمستوطن الصهيوني على أرض فلسطين فقط ، وعلى العرب أن يوفروا له حرية التهويد لفلسطين ، وإقامة الدولة اليهودية عليها ، ولم يتحدثوا ـ عبر ربيعهم عند العرب ـ عن حق الإنسان العربي في أن يقرر مصيره بيده ، و بإرادته الوطنية ، بل عملوا على تركيب نُظمٍ عربية تابعة لـ«إسرائيل» بدءً من مرزوقي تونس ، مروراً بمرسي مصر و وصولاً إلى ملوك  وأمراء وتوابع ...
إذاً في مفاهيم الصهيوأمريكي ، ومصطلحاتهم ليس لنا نحن العرب من العراق إلى موريتانيا ، إلا هوية واحدة فقط ، هي هوية التابع المطيع ، الذي يُؤْمَرُ وينفذ دون أي إحساس قومي ، أو شعور سيادي ، باعتبارنا خُلقنا لخدمة الصهيونية القطرية والقطرية المتصهينة وحسب .
هذه هي هويتنا في مفاهيم أعدائنا ، و لكي نبرهن على مقولتنا ، نقدّم صورة الرفض «الإسرائيلي» للمصالحة الفلسطينية وكيف قال نتنياهو بوقاحة منقطعة النظير للرئيس الفلسطيني : ''مزّق الاتفاق واعترف بالدولة اليهودية ومن ثم تحدث معنا عن التفاوض''...
إذاً المصالحة والتصالح العربي والمقاومة وحق العرب في تحرير أراضيهم ، وحقهم في الحرية والدولة التنموية، والإنسانية، كلُّ هذه المفاهيم غير موجودة في القاموس الصهيوني، وتتعهد أميركا وأوروبا بتنفيذ هذه المنهجية عبر أدوات الخيانة عند العرب من بعض الملوك والأمراء والأجراء .
ومن عجب العجاب أنه حين تُفتَضَحُ سياسة للحلف الصهيوأمريكي لا يستطيع أن يستنكرها أجراؤهم عند العرب بل ستكون مهمة الأجراء تسويغ السياسة الصهيوأمريكية . و لو أردنا أن نقدم الأمثلة على عمالة بعض العملاء العرب لوجدنا الكثير منها منذ أن كانوا يتعاونون مع «شاه إيران الشيعي» لأنه نصير لـ«إسرائيل» ، إلى رفضهم للثورة الإسلامية في إيران لأنها لم تناصر «إسرائيل» .
وما تزال ـ حتى اليوم ـ أدوات الخيانة تواصل تآمرها على مصر لأنها لم تتّبعْ نهجهم وتروّض شعبها على الاندراج في الخانة الصهيونية ضمانة لإدامة الوجود في السلطة .‏
والأعجب أن العملاء فاقدي الهوية ، و السيادة ، و الاستقلال يتحدثون عن الشعب العربي، وعن حرصهم على الديمقراطية له، وهم في بلادهم ليس لديهم من مفهوم الشعب سوى القطعان التي تساق بإرادة الأمراء إلى مصيرٍ لا تتحكّم فيه .
ووفق هذا المقتضى، فالصورة الوطنية عند الشعب العربي في توهج مستمر، لأنه امتلك الوعي العميق بأشكال مقاومة حرب المفاهيم ، و المصطلحات التي شُنّتْ عليه ، والصورة الوطنية عند كل مواطن عربي تجعله يجدد إرادته الذاتية في أنه مع وطنه في حماية دولته ، ومع شعبه الذي يُستهدف بالتفجير الإرهابي التكفيري الصهيوني من الخارج والداخل بآلية حاقدة ومع تقرير مصيره بقراره السيادي .
ومن هنا نشعر جميعاً مواطنين و وطناً بأن إرادة الصهينة التكفيرية الإرهابية معروفة ومكشوفة ولن يقبل مواطن عربي أصيل واحد أن يكون في سياقها، وفي مثل هذا الجو الوطني سيبعث الشعب العربي الرسالة المهمة إلى المحيط الإقليمي والفضاء الدولي بأنه أكبر من أن تمرّ عليه حروب المفاهيم ، والمصطلحات، وبأنه قادر على أن يمثل صيغة شعبية عابرة للتراتب الاجتماعي التاريخي، كما هي عابرة للحالة الطائفية التاريخية .

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة