متى يوضع نظام آل سعودعلى لائحة الدول الداعمةللإرهاب؟

متى یوضع نظام آل سعودعلى لائحة الدول الداعمةللإرهاب؟

تساءل الباحث المغربي و الخبير الستراتيجي "مصطفى قطبي" قائلا : متى يوضع النظام السعودي على لائحة الدول الداعمة للإرهاب... ؟ و حذر في مقال خص به وكالة "تسنيم" ، من خطورة نهج هذاالنظام الذي لا يخفي شراهته و تآمره لفرض هيمنته السياسية الاقتصادية بقوة أموال النفط على مقدرات ومجتمعات هذه الأمة، حيث يسعى للترويج الى دولة الوهابية السلفية الظلامية وهو نفس ما بشرت به 'كونداليزا رايس' قبل سنوات عندما تحدثت عن "الفوضى الخلاقة" ورسم خريطة جديدة لـ"الشرق الأوسط)" .

و جاء في نص مقال هذا الخبير والباحث المغربي :
لقد استعدى نظام آل سعود شعوب المنطقة قاطبة ، و وقفوا بالضد من تطلعاتها وآمالها ، واستقووا عليها بأمريكا و«إسرائيل»، وامتد إجرامهم ونواياهم الشريرة إلى السعي لزعزعة استقرار دول معينة و تدمير أخرى و السيطرة على قرار دول ثالثة . والشاذ في الأمر، أن السعودية تفتقد تماماً لأنموذج ديمقراطي حقيقي يمكن القول معه إنها تسعى لنشر أنموذج حضاري غير مسبوق في المنطقة ، فمواطنو السعودية لم يتعرفوا جدياً حتى اليوم إلى صناديق الانتخاب والوقوف في طوابير لممارسة حقوقهم الانتخابية ...
فالنهج الذي اختطته دولة آل سعود الحاكمة ، والمنخرط في إطار رؤية إقليمية ودولية  تتناقض مع المصالح العربية، تجاه المسائل التي تتعلق بالأمن القومي العربي كان من الخطورة بمكان، وعرض  هذا الأمن ليس لاختراقات هنا وهناك فحسب ، بل لنكبات عديدة ساهمت في شرذمة الوضع العربي و تهميش القضايا القومية، وإضعاف الشعور بهذه القضايا إلى أبعد الحدود. ولا يخفي نظام آل سعود شراهته ومؤامراته لفرض هيمنته السياسية الاقتصادية بقوة أموال النفط على مقدرات ومجتمعات هذه الأمة، ولا يخفي حكام مملكة الرمال دورهم فيما تتعرض له الأمة، فكل موقف وكل تصريح ومؤتمر لديهم صار عنواناً لمشروع تآمري يستهدف مقومات الأمة .
ولذلك فإن الأنموذج الذي تسعى إلى ترويجه دولة الوهابية السلفية الظلامية هو نفسه الذي بشرت به ''كونداليزا رايس'' قبل سنوات عندما تحدثت عن "الفوضى الخلاقة" و رسم خريطة جديدة لـ"الشرق الأوسط" . فإضافة إلى الفائدة الأمريكية ـ الصهيونية المباشرة التي يحققها مثل هذا الأنموذج المدمر لشعوب المنطقة عبر إتاحته الفرصة للكيان الصهيوني ليرسم مشاريعه ومصالحه ، فإن الدولة الوهابية تضمن ثلاثة قبل ثلاثة :
1 ـ إنهاء النظام القومي العربي بمشروعه النهضوي المقاوم، قبل أن يتسع نفوذه وفكره أكثر فأكثر ويهدد عروش المشيخات والمشاريع السلطانية العثمانية الجديدة 2 ـ عزل الدول المؤثرة على الساحة العربية والإقليمية وإشغالها بمشاكلها الداخلية قبل أن تجد الدوحة والرياض وأنقرة أنفسها معزولة بفعل مواقفها الرجعية المتآمرة
3 ـ محاصرة النفوذ الإيراني المتزايد شعبياً بفضل مواقف طهران من القضايا العربية والإسلامية قبل أن يفتك ويفضح المواقف الخادعة والمراوغة لهذه الدول من القضايا العربية المصيرية
وفي العقود الأخيرة لم تقدم الدولة الوهابية إلا أنموذجا سلبيا سيئا لشعبها ، فمملكة آل سعود عرفت لدى الشعوب العربية بعمالتها و بإرهابها الوهابي . فالرجعية السعودية المتمثلة اليوم بمستواها الرسمي بمملكة آل سعود، لا تجيد إجراء الحسابات الدقيقة ، ولا تعرف من معاني الاستراتيجيا إلا ما يفيدها في مواصلة بيع ثرواتها الطبيعية من النفط والغاز، وما يخدمها في الحفاظ على عرش الملك والأمراء وشيوخ الزيف ... عبر العلاقة التبعية مع واشنطن وبعض عواصم غرب أوروبا ، وخارج هذين الشرطين فالسعودية تعمل معصوبة العينين في كل الاتجاهات لمصالح لا يعنيها أين تصب ، وأجندات لا يهمها من تستهدف وصفقات لا تعرف الرابح فيها من الخاسر ، وهي من أجل ذلك تستبسل في التحريض على التغيير في المنطقة، وتمويل هذا التغيير طالما أن المطلب الأميركي والصهيوني ينحو هذا المنحى .

ويخرج الواقع السعودي اليوم بجدليته ومفارقاته عن التصنيف المعهود في الفكر السياسي وفي المجتمع. فقد عرفت الشعوب مراحل انتقال عديدة من المشاع إلى الإقطاع إلى البرجوازية فالرأسمالية فالامبريالية المتوحّشة، لكننا اليوم نشهد تحولاً مريباً ومضحكاً، إنه انتقال لا نوعي، غير متوقع وغير قابل للتصنيف نظرياً، يتجلى في النشاط الرجعي السعودي المحموم الذي وصل حد الهذيان. ولابد لنا أن نوضح أنّ القوى السياسية المعروفة تاريخياً بعدائها الشديد للإيديولوجيا القومية العربية فيما تشهده بعض البلدان العربية قد وجدت فرصة لتكريس خلط مقصود بين الرجعية السعودية الحاكمة التي تتولى تنفيذ هدف تدمير الدولة الوطنية العربية، وبين شعبنا العربي في الحجاز، مع أن هذا الشعب يعاني بدوره الأمرّين من قمع تلك الرجعية وبطشها، ويخضع لعمليات غسل دماغ وهابية منهجية لطمس انتمائه القومي، وإخراجه من معادلة الصراع العربي الصهيوني، والزج به في صراعات طائفية وإقليمية بديلة .
ومن الواضح أن الذين يشتمون اليوم العرب والعروبة والقومية العربية بحجة ما تقدمه الرجعية السعودية من دعم للإرهاب الذي يقتّل السوريين والتونسيين واليمنيين والمصريين والليبيين ويدمر بلدانهم، إنما يخدم موضوعياً الموقف الرجعي العربي المعادي تاريخياً للعروبة ولاسيما العروبة السياسية الممثلة بالمشروع الوحدوي النهضوي المقاوِم. فالحكام السعوديون ما انبروا يحشدون المرتزقة والجواسيس لإيذاء العرب في ديارهم وأقطارهم من أجل أن تبقى إسرائيل حليفتهم الأولى آمنة ومستقرة وقوية ومحتلة لأراض عربية منذ عام  1948، فبعد التآمر على العراق ومشاركتهم في شن الحرب الأمريكية عليه عام 2003 بالتعاون مع قطر ودول البترو ـ دولار، راحوا يشنون الحرب الكونية على سوريا العربية حاملة المشروع القومي العربي ، فجندوا كل اللصوص وقطاع الطرق والفاسدين للمشاركة في هذه الحرب، فأحرقوا ونهبوا، وقتلوا، وسلبوا، ونبشوا قبور الصالحين والمجاهدين...
وبهذا حققت السعودية وبفضل حكامها الوهابيين التكفيريين الأهداف التي تريدها «إسرائيل» في المنطقة العربية بتحويل أمن الدول العربية إلى فوضى عارمة ، وهذا ما حصل فيما يسمى بالربيع العربي الذي حول العرب من المحيط إلى الخليج (الفارسي) إلى صراعات ظهرت من خلالها قوى سلفية يمثلون بالأجساد ويأكلون الأكباد مثل ''داعش، والقاعدة، والنصرة والجبهة الإسلامية...''، ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان، لضرب مواقع القومية العربية وحضارة العرب لصالح «إسرائيل» وتحقيق أغراضها الشريرة في المنطقة العربية...
الواضح أن الإرهاب الذي يديره آل سعود، لا يمثل نشاطاً عدوانياً سعودياً منفصلاً عن حسابات «إسرائيل» ، وأن آل سعود إنما يلعبون من خلال الإرهاب دور رأس حربة اليهود في تنفيذ مخطط يهودي صهيوني يستهدف ضرب محور المقاومة في قاعدته الأمامية الأساسية متمثلة بسوريا وحزب الله في لبنان ، مع العمل على عزل إيران جغرافياً من خلال استهداف العراق، واستقطاب العداء لإيران بدعوى أن أمن الخليج (الفارسي) يتطلب ذلك. وهذا ما يعني عملياً وحدة الجبهة «الإسرائيلية» السعودية وملحقاتها. ‏
إن البعد اليهودي للدور السعودي هو وحده الذي يفسّر السكوت الأميركي الذي يعني الرضا إزاء الدور السعودي في تجنيد الإرهاب وتشغيله، بل إن واشنطن ذهبت عملياً إلى آفاق أبعد، فأسهمت مع شركائها الغربيين في دعم هذا الإرهاب، ومن المستحيل تصوّر قيام الأمريكيين وشركائهم الغربيين بمثل هذا الدور لولا أنه يصبّ بداية ونهاية في خدمة المشروع اليهودي الصهيوني في المنطقة . فآخر ما يمكن لساسة الغرب أن يتمنّوه أن يضبَطوا أمام شعوبهم متلبّسين بدعم الإرهاب ، وبخاصة أنه إرهاب يديره نظام سياسي استبدادي بدْوقراطي مثل النظام السعودي، ما يزيد المشكلة ضغثاً على إبالة، حيث يعرّض أصحاب هذا الموقف لأن يضبطوا متلبسين بدعم مثل هذا النظام! لكن تجاوز مثل هذه الحقيقة يدل على مدى الجهد الإعلامي الذي يقف وراءه اليهود الصهاينة للتستر عليها، والذي يبرّر الجرائم التي يقترفها الإرهابيون التابعون لآل سعود ولـ«إسرائيل» عملياً أيضاً ، و لعل حرص «إسرائيل» على كشف تعاونها مع الإرهابيين و معالجة جرحاهم يشكل دليلاً واضحاً على ممارسة تسعى إلى جعل السلوك السعودي مقبولاً ومبرراً في الغرب، مّا يدلل على وحدة المعركة، وأن إرهاب آل سعود ما هو إلا رأس حربة في خدمة اليهود .‏
إن قيام آل سعود بدورهم الإرهابي في خدمة الكيان الصهيوني على النحو الذي أوضحنا ، يعني أن المشروع الذي طرحته المملكة السعودية لتوحيد الممالك والإمارات العربية ، إنما يهدف إلى توسيع سلطة آل سعود لتشمل أكبر مساحات ممكنة من الوطن العربي، مّا يعني عملياً توسيع سلطة اليهود الخفية، فكأن هذا المشروع هو الإجراء المكمّل لمخطط التوسع الصهيوني بين النيل والفرات ، والرامي إلى تحويل أقطار المنطقة إلى إمارات صغيرة متصارعة يهيمن عليها اليهود الصهاينة أو شركاؤهم من يهود آل سعود. وفي الحالتين، نحن أمام محاولة يهودية للهيمنة على المنطقة العربية ومحيطها الإسلامي، ولا ريب أن هذه هي أخطر مؤامرة تعرّض لها العرب والمسلمون عبر التاريخ .‏
إن الدور الرجعي السعودي القذر ، هو اليوم المسؤول عما تتعرّض له سوريا وتونس و اليمن ، و ما يتعرض له العراق وليبيا ، وما ستتعرض له دول عربية أخرى موضوعة على القائمة . وإذا كانت مملكة آل سعود تتصور أنها صديقة للغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة ، وهي بمنأى عما يحصل لبقية الدول العربية، فهي واهمة ولا بد من أن تتجرع الكأس إياه . و أعتقد أن ما نشرته صحيفة ''نيويورك تايمز'' على موقعها الالكتروني بشأن تقسيم خمس دول عربية إلى أربع عشرة دولة ، هذا المخطط القديم الجديد، يبيّن رؤية الولايات المتحدة إلى حدود ''الشرق الأوسط الجديد'' ومنه مملكة الرمال التي تظهر الرؤية، عودتها إلى ما كانت عليه قبل التأسيس ، أي أن تقسم السعودية إلى خمس دول ؟ ألا يكفي كل ذلك لأن يعي العرب وفي مقدمتهم مملكة آل سعود خطورة ما يدبّر لهذه الأمة تحت عناوين عدة ومسميات مختلفة ما أنزل الله بها من سلطان؟
وأمام هكذا واقع ، فإن الرجعية السعودية سوف لن تحصد سوى الخيبة في كل الاحتمالات، فامتداد أذرع التغيير في عموم المنطقة سوف يكنسها لأنها لا تلائم شكل الشرق الأوسط الجديد، وانكفاء رياح التغيير خصوصاً على العتبة الشامية سوف يطيح بها أيضاً، لأن دمشق سوف تعمل بعد الخروج من مخاضها معافاة على تشكيل شرق أوسطها المناسب، الذي لا مكان فيه لرجعية سعودية شكلت على مدى قرن من الزمان حصان طروادة لكل غزو واحتلال قصد ديار العرب. فلنحبس الأنفاس ونحن نرقب انكشاف الغبار عن العتبة الشامية !
قد يرى البعض فيما سبق مبالغة انطلاقاً من حقيقة أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تنشر الفوضى وتزرع التخريب في بيئة محيطة بها ومؤثرة عليها، وهنا تكمن خطورة ما تسعى إليه مملكة آل سعود الوهابية، فهي وبحكم وظيفتها كتابع ومنفذ للسياسة الصهيونية والأمريكية لا تعي أن الفوضى التي تتبناها هنا أوهناك ستدخل إلى دارها عاجلاً أم آجلاً، وستحصد الآلام نفسها... لذلك نحن ـ كافة القوى الوطنية والعروبية ـ مطالبون اليوم بجهود نوعية، نتجاوز فيها حالة ما يشبه الانكفاء، وجماهيرنا العريضة الواسعة على امتداد ساحات الوطن والأمة تنتظر جاهزة، وقد تتجاوزنا، فهي لن ترض أبداً بهذا العبث الطالع... ولا بالتكاذب والنفاق الرجعي السعودي . فلابد من مراجعة نقدية جذرية للعلاقة مع الرجعية السعودية المتصهينة ، ووضع الاستراتيجية اللازمة للتصدي لها فكرياً وسياسياً باعتبارها صنيعة الامبريالية والحليف العضوي للصهيونية. استراتيجية تقوم على الفصل التام بين الرجعية الحاكمة في السعودية  وبين شعبنا العربي في دولة الحجاز، وتراهن على دور هذا الشعب العربي الأصيل لتحقيق أهدافه وتطلعاته الوطنية والديمقراطية والقومية.

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة