آل سعود والاضطراب الداخلية للعائلة الحاكمة


آل سعود والاضطراب الداخلیة للعائلة الحاکمة

أكد الكاتب والمحلل السياسي الإيراني طه مكي زاده في مقال له ان محمد بن سلمان(29) شاب قليل الخبرة ولكنه ذو طموح واسع وان له صفات شبيه بصفات صدام، ولكنها لاتصل الى قسوة عنف جزار العراق، وانه غير مهذب ومتعجرف جدا ومتهور، ولايتوانى عن حذف منافسية حتى وان كانوا اشقائه، مشيرا الى وجود 4 سيناريوهات حول مستقبل هذا البلد، مع احتمال دخول عنصر جديد الى ساحة المنافسة.

واوضح الكاتب في مقالته بان حكومة آل سعود اقيمت خلال مراحلها التاريخية الثلاثة على القتل والابادة، ولكن المرحلة الثالثه لهذه  الحكومة التي بنيت على يد عبد العزيز بن عبد الرحمن في اوائل القرن العشرين كانت اكثر دموية وقسوة. ان جماعة الاخوان الذين كانوا يحملون افكار التكفيريين وكانوا كجيش جرار ودمويين كالمغول، دخلوا المدن والقرى وقتلوا وذبحوا المسلمين من ابناء شبه الجزيرة العربية بذريعة الكفروالتجديف والزندقة، ونشروا الرعب في  البلاد، كانوا في الحقيقة هم آلية وادوات وصول عبد العزيز للسلطة في  السعودية. وهكذا بنيت المملكة السعودية على اكوام من تلال وجبال للجثث البشرية. ان موت الملك في نظام استبدادي وبدوي كان يحمل دائما عواقب سلبية على هيكل واتحاد العائلة الحاكمة في هذا البلد. فمنذ وفاة عبد العزيز آل سعود في الخمسيات من القرن الماضي حتى الان، فان عائلة ال سعود الحاكمة تواجه مشكلة ولى العهد وترتيب القدرة والسلطة داخل العائلة. ان موته يعني تخريب الحجر الاساسي واضطراب معادلة توازن القوى. ان الملك عبد العزيز أنجب 37 ولدا وابنة من 17 ام، وكانت الامهات تنتمي الى قبائل عربية مختلفة، اضافة الى ارمنيات وإثيوبيات، وان الاختلاف الداخلي والصراع في عائلة يحمل مثل هذا التركيب امر طبيعي، لذا سعى ملوك السعودية تنظيم السلطة وترتيب الموازنة في صالح العائلات السعودية الخاصة. ان الانقسامات والاختلافات دخل اجنحة الامراء السعوديين والنخب في هذا البلد كان دائما مصدر تهديد وتحدي خطير لاستمرار النظام الملكي في شبه الجزيرة العربية. ان الملك عبد العزيز كان من جملة الملوك الذين حاولوا معالجة الامر وترتيب ولاية العهد للوصول الى كرسي السلطة والملوكية في هذا البلد. ان تشكيل "هيئة البيعة" من الجيل الاول والثاني للعائلة الحاكمة لانتخاب الملك وولي العهد، كانت خطوة تصحيحية لاستمرار النظام الملكي والحد من النزاعات الداخلية، ولكن مع وفاة الملك عبدالله ووصول الملك سلمان للسلطة، تهاوت كل المؤسسات والبنى الاصلاحية. فعزل الملك الجديد لامراء من مناصبهم وتعيين اخرين محلهم كان بمثابة انقلابا في هذا البلد، والذي ادى الى استبعاد الكثير من النخب والمدراء السعوديين المتمرسين عن دائرة النفوذ والسلطة.ان قرارات الملك سلمان اوجدت متطبات خطيرة في هيكل النظام السياسي والاقتصادي والتحالفات القبلية، وتهدد مستقبل العائلة الحاكمة والانهيار الكامل لها. وقام الملك سلمان بعد وفاة شقيقه الملك عبدالله في كانون الثاني 2015 بتعيين ابنه محمد بن سلمان وهو شاب قليل الخبرة كوزيرا للدفاع، والذي قام بدوره فور استلامه لمنصبه بتصفية اولاد عمه من اولاد الامير سلطان بن عبدالعزيز، وولي العهد السابق ووزير الدفاع وجنرالات هذه الوزارة ويسعى حاليا الى تحديد نفوذ الامير بندر احد اولاد الامير سلطان. الملك سلمان ولاجل احتكار السلطة عمد الى تحديد نفوذ ابناء الملك فيصل في مؤسسات السياسة الخارجية والاجهزة الامنية. واقالة سعود الفيصل من وزارة الخارجية الذي تولى مسؤوليتها  لـ 40 عاما، كانت اكبر ضربة لعائلة الملك فيصل التي كانت لها دور مهم في استقرار سلطة هذه العائلة في السعودية.كما ان انتخاب عادل الجبير السفير السعودي السابق في واشنطن وزيرا للخارجية احد المبادرات الهادفة في هذا الجانب. ان من جملة التدابير الانقلابية للملك سلمان هو اقالة الامير مقرن بن عبد العزيز من منصب ولي العهد وانتخاب ابنه محمد وليا ولي العهد. ان انتخاب محمد بن نايف كولي للعهد يعتبر رشوة للامريكيين لان الامير محمد بن نايف 56 عاما،شخص تكنوقراطي متخصص في العلوم الامنية ومكافحة الارهاب، وعمل لسنوات عدة كنائب لوالده الامير نايف بن عبد العزيز وولي العهد السابق ووزيرا للداخلية لمدة اربعين عاما. ويعتقد الخبراء في شؤون العائله السعودية المالكة ان تحريك سلمان للانقلاب هو من اجل تحديد النفوذ والسلطة بيد العائلة السديرية وابعاد الامراء الذين لاينتمون الى هذه العائلة، الا ان عدم انتخاب الامير احمد بن عبد العزيز اصغر الامراء السبعة  في العائلة السديرية، ووزير الداخلية الاسبق وليا للعهد واحالة هذا المنصب الى ابنه محمد يكشف بوضوح النهج الاحتكاري والعدائي للملك سلمان. ان الملك سلمان (79) عاما يعاني من امراض جسدية وعقلية وروحية متعددة انعكست اثاره في رؤى متناقضة في سياساته، وانه يسعى قبل وفاته ان يحيل جميع سلطاته الى ابنه المحبوب محمد، وفي هذا الاطار، يحاول تحديد نفوذ وصلاحيات محمد بن نايف بصفته وليا للعهد، النائب الاول لرئيس الوزراء ورئيس المجلس الاعلى للامن القومي والسياسة الخارجية لصالح ابنه محمد. ويمكن ملاحظة التنافس الشديد بين اجنحة الامراء السعوديين والنخب المرتبطة بالتحركات المتعلقة بتشكيل الائتلافات والتحالفات المصلحية داخل العائلة الحاكمة ولاسيما بين محوري القوة محمد بن سلمان ومحمد بن نايف. وجدير بالذكر في هذا المجال القول.

الف: محمد بن سلمان (29)عام شاب قليل التجربة والخبرة ولكنه طموح له صفات كصفات صدام حسين الا انه ليس بوزن وقسوة وعنف جزار العراق، وانه مغرور جدا ومتهور، ولايخشى من القضاء على منافسيه وحتى وان كانوا من اخوته. ان  واشنطن تعترف بقلة تجربته الا ان وجوده ضرورة لتنفيذ مشاريعها وسياساتها في المنطقة، ان ملك السعودية وجميع نفوذه في خدمة وصوله الى العرش السعودي. ويشغل الان منصب وليا لولي العهد، ووزيرا للدفاع، ورئيس المجلس الاعلى للشؤون الاقتصادية والتنموية. يمتاز بعدم احترامه للبروتوكولات والمراسم مقارنة  مع الامير محمد بن نايف وبشكل واضح ، ويحمل في ملفه وصمة العار والخطأ الاستراتيجي التاريخي للسعودية في حربها ضد الشعب اليمني المظلوم.
ب: محمد بن نايف (56) عاما قليل الكلام ومن النخب التكنوقراطية وخبير في الامور الامنية ومكافحة الارهاب، وماهر في الادارة، ومحترف في ادارة المؤسسات التي تقع تحت سلطته، كما يتمتع بدعم امريكا، وله القدرة على تعبئة الامراء على معارضة جناح الملك سلمان وابنه. ويتولى حاليا منصب ولي العهد ووزير الداخلية ورئيس المجلس الاعلى للشؤون السياسية والامنية في هذا البلد. ويحمل في ملفه ايضا مسؤولية الفاجعة الاخيرة التي وقعت في مراسم الحج لهذا العام كخطأ استراتيجي وانساني كبير. على الرغم من ان محمد بن نايف ينتمي الى العائلة السديرية الا نه يرى محمد بن سلمان اميرا طموحا ومنافس له.
السيناريوهات المقبلة للمنافسة بين الاميرين: 
*1- اقالة الامير محمد بن نايف من السلطة: وجود احتمال ان يلجأ محمد بن سلمان الى اخراج منافسة من الساحة عبر انقلاب سياسي، الا ان هناك عقبات وصعوبات تقف امامه لتحقيق هدفه، ومنها ان الامير محمد بن نايف يحظى بتاييد ودعم قوى الشرطة والدرك ولجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما وان هناك احتمال ان يقف امراء اخرين امثال متعب بن عبد الله (الملك عبدالله) قائد الحرس الوطني امام تحركات محمد بن سلمان ويقوم بتاييد ودعم محمد بن نايف. 
*2-تعيين محمد بن سلمان رئيسا للوزراء ونائبا للملك سلمان وبالتالي فان محمد بن نايف يقع تحت سلطته وسيكون احد اعضاء حكومته ويجب عليه ان يتحمل ذلة طاعة رئاسة وزراء محمد بن سلمان وبالتالي اثارة الكثير من التساؤلات حول ولايته للعهد.
*3- الموت المفاجيء للملك سلمان وقفز محمد بن سلمان لتولى العرش في السعودية.  
*4- احياء هيئة البيعة وعودة التوازن بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف.
*5- تزايد نفوذ وقدرة الجيش في ظل الحرب ضد اليمن وتاثيرها على المنافسة بين الاميرين.
النقطة الاخيره، ان ارتقاء مكانة الجيش والقوات المسلحة يمكن ان يكون له عواقب وخيمة على مستقبل السعودية في مختلف المجالات. 

   

 

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة