انتصار «كويرس» اللافت يخلط الأوراق ويعزز التفاوض


انتصار «کویرس» اللافت یخلط الأوراق ویعزز التفاوض

تسارعت ، امس الثلاثاء ، وتيرة التطورات على الساحة السورية على المستويين الميداني والسياسي ، اللذين بات الواحد منهما يفرض ايقاعه على الآخر حيث برز في الميدان ، تطوّر قد يكون محورياً في تعديل موازين القوى في الشمال السوري ، اذ تمكّن الجيش بمؤازرة الفصائل التي تقاتل لجانبه ، من فك الحصار عن مطار كويرس العسكري بريف حلب ، مكبّداً «داعش» هزيمة قاسية، لا تقتصر مفاعيلها على القاعدة الجوية المحاصرة منذ ثلاثة اعوام فحسب ، وانما على وجود التنظيم التكفيري على جبهة حلب بشكل عام .

وعلى المستوى السياسي ، تكثّفت وتيرة الاتصالات الديبلوماسية قبل ايام قليلة على انعقاد الاجتماع الدولي بشأن سوريا في جنيف يوم السبت المقبل، والتي كان محورها الرئيسي روسيا .

ويبدو واضحاً ان تطورات الميدان السوري ستفرض نفسها على لقاء فيينا، لجهة تعزيز الاوراق التفاوضية لكل من دمشق ، التي اظهرت من خلال عملية كويرس المعقدة قدرتها على إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش» برغم الانتكاسات الميدانية التي واجهها الجيش السوري خلال الفترة الماضية، وموسكو، التي بإمكانها ان تتسلح بالنتائج الملموسة التي حققتها «عاصفة السوخوي»، وان تتجاوز رسالة التحذير المفخخة على متن الطائرة المنكوبة في شرم الشيخ، بما يقرّبها من تحديد جدول اعمال اللقاء الدولي المرتقب في العاصمة النمساوية بعد ايام ، وفق اولوية ضرورة تحديد المجموعات الارهابية في سوريا، والقوى السياسية التي يمكن ان تشارك في المرحلة الانتقالية.
وفيما ينتظر ان تتسارع وتيرة الاتصالات الديبلوماسية خلال الايام الثلاثة المقبلة، لتتوّج باجتماع فيينا يوم السبت ، فإنّ مؤشرين برزا ، يوم امس، قد يحددان مسار المشاورات الدولية :
- الاول ، هو تسريب وثيقة روسية بشأن خطوات المرحلة الانتقالية
- الثاني موافقة بريطانية على الطرح الروسي بشأن ضرورة تحديد المجموعات الارهابية ، وهو المطلب الذي تحدث عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال الايام الماضية، واعاد تكراره يوم امس.
وفي هذا الوقت ، بدت تركيا، القلقة من تطورات الميدان في شمال سوريا، راغبة في التشويش على مسار فيينا ، عبر اعادة التركيز على فكرة «المنطقة الآمنة»، التي قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان حلفاء تركيا اقرب الى اعتمادها، ما استدعى رداً اميركياً نفى وجود تفاهم بشأن هذه القضية الخلافية.
وفي وقت اتجهت الانظار الى كويرس ميدانياً وموسكو ديبلوماسياً، فقد كانت مدينة اللاذقية الساحلية على موعد مع مذبحة جديدة، حيث قتل 23 شخصاً على الاقل واصيب اكثر من 60 شخصاً في سقوط صاروخين قرب نقطة تجمع لطلاب جامعيين.
و سجل الجيش السوري يوم امس اختراقا هو الاهم منذ بدء الحملة الجوية الروسية ، اذ نجح في خرق الحصار الذي فرضه تنظيم «داعش» منذ ربيع العام 2014 على مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي في شمال البلاد، والذي كان عرضة لهجمات مستمرة من قبل «جبهة النصرة»، وقبلها «الجيش الحر»، منذ العام 2012.
وتم فك الحصار من الجهة الغربية، اذ دخلت مجموعة من الجنود مطار كويرس العسكري، وبدأت باطلاق النار في الهواء ابتهاجاً، فيما اشارت مصادر ميدانية الى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف العصابات المسلحة.
وافاد التلفزيون الرسمي السوري في شريط عاجل ان «وحدات من الجيش والقوات المسلحة قضت على اعداد كبيرة من ارهابيي (داعش)، والتقت مع القوات المدافعة عن مطار كويرس في ريف حلب الشرقي».
واوضح مصدر سوري ميداني ان «قوات الجيش السوري المتقدمة من حامية المطار فكت الحصار بشكل نهائي بعد فتح ثغرة ووصول قوة مشاة الى المطار»، وذلك عقب السيطرة على قرى من الجهة الجنوبية الغربية.
وفي البداية، فرضت فصائل مقاتلة حصارا على مطار كويرس في نيسان العام 2013، ليطردها تنظيم «داعش» بعدها ويفرض الحصار بدوره منذ ربيع 2014. ويخوض التنظيم منذ ذلك الحين اشتباكات للسيطرة على هذه القاعدة الجوية وانما من دون جدوى.
ويأتي فك الحصار عن كويرس في وقت تشهد محافظة حلب التقدم الاكبر للجيش السوري خلال اكثر من شهر، بعدما استعاد عدداً من القرى والبلدات في ريفها الجنوبي من ايدي المجموعات المسلحة.
وقد يفتح فك الحصار عن مطار كويرس وضمان امن المنطقة المحيطة به المجال امام روسيا لاستخدامه لاحقاً كقاعدة عسكرية لعملياتها، وخصوصاً بهدف استعادة السيطرة على كامل مدينة حلب.
وفي هذا الاطار، اعلنت موسكو امس ان عملياتها العسكرية في سوريا مستمرة الى حين تمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة الميدانية ، حسبما اوضح رئيس الديوان الرئاسي الروسي سيرغي ايفانوف، الذي شدد على ان العملية العسكرية لن تتوقف على نتائج التحقيق في تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء، ونافياً وجود اي صلة بين القضيتين اصلاً.
في هذا الوقت ، تتواصل الاستعدادات للقاء فيينا. وفي هذا الاطار، برزت بالامس ملامح الخطة الروسية المقترحة للتسوية في سوريا، عبر وثيقة ، من سبع نقاط، وتشمل التالي:
1- تصنيف «داعش» كمنظّمة إرهابيّة من قبل مجلس الأمن الدولي.
2 – الاتفاق على قائمة إضافيّة من المجموعات الإرهابيّة.
3 - تبنِّي قرار مجلس الأمن لدعم الجهود ضدّ «داعش»، وتوفير آلية بهذا المجال.
4 - تجفيف منابع تمويل «داعش» وفقاً لقرار مجلس الامن الرقم 2199، ووقف تجارة النفط غير الشرعية مع «داعش».
5 - استبعاد تنظيم «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى من اتّفاق وقف إطلاق النار.
6 - إطلاق عمليّة سياسيّة تحت رعاية المبعوث الأممي إلى سوريا على أساس بيان «جنيف 1» (30 حزيران 2012)، بحيث يتم الاتفاق على تشكيل وفد المعارضة السورية مسبقاً على أساس الأهداف المشتركة لمنع وصول الإرهابيين إلى السلطة في سوريا، وللحفاظ على السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لسوريا.
7 – الآلية المقترحة للعملية السياسية تتضمن الآتي:
أ - إطلاق عملية إصلاح دستوري (18 شهراً).
ب - تشكيل لجنة دستورية تراعي كافة أطياف المجتمع السوري ، بما في ذلك المعارضة الداخلية والخارجية، ويتم الاتفاق على مرشح لرئاستها مقبول من قبل جميع المشاركين.
ج - يجري استفتاء شعبي على مشروع الدستور. وبعد الموافقة عليه، تُنظّم انتخابات رئاسية مبكرة .
د - إرجاء الانتخابات البرلمانية المقرّرة في ربيع العام 2016، على أن تجري في ضوء الإصلاح الدستوري، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، على أساس الدستور الجديد.
هـ - تشكيل الحكومة السورية على أساس حزب/ كتلة انتخابية، على أن يسيطر على الحكومة من يحصل على أعلى نسبة أصوات . وسيكون الرئيس المنتخب شعبياً القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومسؤولا عن السياسة الخارجية.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اكد ان بلاده أطلعت شركاءها في الملف السوري على «لائحتنا للمنظمات الارهابية» ، و تنتظر ان تؤول جولة محادثات جديدة الى «لائحة موحدة لازالة المشاكل بخصوص من يقصف من ومن يدعم من».
وفي هذا السياق ، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند للصحافيين في السفارة البريطانية في واشنطن انه يتعين على الدول التي تدعم فصائل في الداخل السوري ان تقرر من هي المجموعات الاكثر اعتدالا لتشملها العملية السياسية ومن هي الفصائل التي يجب استبعادها.
وتابع غداة محادثات اجراها مع نظيره الاميركي جون كيري «لا اعتقد انه في الامكان استبعاد الاتفاق على تحديد من هي الفصائل الارهابية»، لكنه شدد على ضرورة القبول بتسويات ، موضحاً ان «السعوديين لن يقبلوا بان يتم تصنيف كتائب انصار الشام مجموعة ارهابية».
واضاف هاموند «علينا ان نرى اذا كان من الممكن التوصل الى حل براغماتي في هذه النقاط». وردا على سؤال عما اذا كان يطلب تحديدا من السعودية التخلي عن دعم بعض المجموعات، اجاب «ربما لكن لننظر في الامر». الا ان هاموند نفى ان يشكل اعداد «قائمة المجموعات الارهابية» مبررا لتنفيذ ضربات جوية على الفصائل المعارضة.
وفي الاتصالات الديبلوماسية تحضيراً للقاء فيينا، اعلنت وزارة الخارجية الروسية ان لافروف ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير أجريا اتصالا هاتفيا لبحث الأزمة في سوريا.
واجرى لافروف يوم امس ايضاً في سوتشي محادثات مع نظيره الكويتي صباح خالد الحمد الصباح. وقال الوزير الروسي ان «ثمة تطابقاً أو تشابهاً في المواقف (بين روسيا والكويت) بشأن كل القضايا الكبرى في عصرنا، بما في ذلك مشاكل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي ما يتعلق بالأزمة السورية لدينا موقف مشترك وهو ضرورة وقف القتال في أقرب وقت ممكن، ووقف إراقة الدماء، والبدء فورا بعملية سياسية بين الحكومة وجميع المجموعات المعارضة». من جانبه، قال وزير الخارجية الكويتي أنه يعتبر روسيا شريكا مهما في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك في مناقشة التسوية السورية، ومحاربة الإرهاب.
كما اعلنت وزارة الخارجية الروسية ان نائب وزير الخارجية الروسي التقى مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في موسكو لبحث الوضع في سوريا. وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان آخر، ان بوغدانوف التقى بوفد للمعارضة السورية في موسكو، ضم ممثلين عن «جبهة التحرير والتغيير» السورية برئاسة قدري جميل.
وفي وقت تتكثف الاتصالات الديبلوماسية بشأن التسوية السورية، وفي ظل التطورات الميدانية المتسارعة في الشمال السوري، بما له من انعكاسات على الاجندة التركية، سعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى التشويش على عملية فيينا، حيث قال ان حلفاء تركيا يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة في سوريا مضيفا أنه شهد تطورات إيجابية بشأن منطقة حظر طيران وتنفيذ عمليات جوية، بينما هدد رئيس الحكومة التركية احمد داود اوغلو بأن بلاده سترد جوا وبرا على أي تهديدات تأتي من ناحية سوريا من دون أن يحدد أي مصادر محتملة لمثل هذه التهديدات.
الى ذلك ، قال متحدث باسم البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما سيبحث الأزمة السورية مع حلفاء الولايات المتحدة خلال الاجتماع المقبل لقمة مجموعة العشرين في مدينة انطاليا التركية. وقال المتحدث جوس ارنست «سيكون من المستحيل السفر كل هذا الطريق إلى هناك وعدم قضاء بعض الوقت في التفكير والحديث بشأن جهودنا المتواصلة لإضعاف داعش وتدميره في نهاية المطاف... لذا أتوقع أن يكون هذا ضمن زيارة الرئيس»، مذكّراً بأن كثيرا من البلدان المشاركة في قمة مجموعة العشرين تشارك أيضا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش».

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة