التحالف الدولي صبّ الزيت على النار.. السعودية لا تملك أوراق كثيرة في اليمن ونجران صفعة

التحالف الدولی صبّ الزیت على النار.. السعودیة لا تملک أوراق کثیرة فی الیمن ونجران صفعة

أنتقد سفير الشرق الاوسط للجنة الدولية لحقوق الانسان، الدكتور هيثم أبو سعيد قانون العفو العام العراقي معتبرا انّ طلب اعادة المحاكمات ليس بطرح بريء وإنما كلام حقّ يُراد به باطل، كما تطرق لتطورات الساحتين السورية واليمنية.

وفي حوار مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء، تطرق سفير الشرق الاوسط للجنة الدولية لحقوق الانسان، أمين عام المنظمة الأوروبية للأمن، الدكتور أبو سعيد الى مكافحة الإرهاب وتأثيرات قانون العفو العام الذي أقره مجلس النواب العراقي مؤخرا، كما تناول الحوار اعلان روسيا وامريكا على تشكيل حكومة سورية جديدة، وكذلك التطورات في الساحة اليمنية.

وفيما يلي نص الحوار:

تسنيم: في ظل الحرب المستمرة على الإرهاب، كيف سيؤثر قانون العفو على الامن في العراق؟

الدكتور أبو سعيد:لا بدّ في بداية الامر من تسليط الضوء على حقيقة نوايا محاربة الارهاب لدى بعض الدول والجهات الدولية التي لا تبدو حتى الآن على استعداد لذلك برغم مطالبات المنظمات الدولية الحكومية، حيث كنّا من بين هذه المنظمات.  الاَّ اننا في هذا السياق لسنا مقتنعين انّ هناك جديّة في الطرح الأممي لمكافحة الارهاب، كما ان تعدد التعريفات للإرهاب تجعل من المستحيل الوصول الى قاعدة مشتركة للعمل، ونعتقد ان البعض يقوم بذلك عن قصد بغية تعطيل توحيد المصطلح والعمل الميداني في هذا الإطار. من هنا نعتقد انه لن يغيّر مسار الطرح الذي يريده البعض في شيء لمن أبدوا جدية في العمل من اجل الوصول الى ما سمّوه التلاحم المجتمعي في المستقبل بين كل أطياف المكونات العراقية، وبالتالي فإنّ الانقسام سيظل لوجود خلل في التطبيق مستقبلا وهذا ما لا نتمناه مطلقاً.

تسنيم: هل تعني إعادة المحاكمة بناء على مزاعم الاعتراف تحت الاكراه بأن أعدادا كبير من المجرمين سيطلق سراحهم، خاصة أن بعض الجرائم قد ارتكبت قبل سنوات وقد تصعب إعادة جمع الشهود؟

الدكتور أبو سعيد: للأسف هذا ما كنت أشير اليه أعلاه. انّ طلب اعادة المحاكمات ليس طرح بريء وإنما كلام حقّ يُراد به باطل. انّ ما يُراد من اعادة طرح عملية اعادة المحاكمات قد تفتح البلاد على إجراءات نخشى ان تكون تصفيات لبعض الأفراد والتواء على معطيات قانونية تمّ إقفالها في الماضي ولم تكن في مصلحة جهات محلية. كما ان هناك إشارات سياسية تقول انّه لا بدّ من تغطية الهدر بمحاكمات يُراد لها ان تكون صورية لبعض المسؤولين الذين تطالهم إشاعات السرقة للمال العام على غرار المحاكمة الاخيرة لرئيس مجلس النواب التي كانت "مهزلة" انتهت بدقائق معدودة دخلت عليها التسويات السياسية واُخرج وزير الدفاع العراقي ظلماً. انّ هناك عشرات المليارات من الدولارات تمّ اختلاسها من الخزينة المالية العراقية بصفقات مشبوهة وهمية، وتوجد لدينا بعض المستندات التي تشير الى تواطؤا البعض بمؤازرة اميركية في عقود اُبرِمت اخرجت مليارات الدولارات الى بنوك اميركية بأسماء عراقية.

تسنيم: الكثير ممن أدلوا بإفاداتهم كمخبرين سريين فعلوا ذلك خشية التصفية أو التعرض للقتل، في ظل استمرار التوتر الأمني وتعرض حياة الشهود للخطر، فهل سيتمكنون من الادلاء بشهاداتهم مجددا؟

الدكتور أبو سعيد: نحن نخشى ان لا يستطيعوا العودة الى الإدلاء بشهاداتهم مجددا وهذا هو لبّ الموضوع من اجل إفشال وأبطال كل القرارات القضائية السابقة بغية تبرأت عناصر بأعداد كبيرة من اجل الاستفادة منهم على جبهات قتالية في المستقبل القريب ضمن خطة العسكرية التي يسعى اليها البعض.

تسنيم: إعادة المحاكمات قد تؤدي الى اطلاق سراح عدد من المجرمين البارزين لعجز القضاء عن إعادة جمع الأدلة والشهود، فهل سيوجه اطلاق سراح أعداد كبيرة من المجرمين بسبب عدم ثبوت الإدانة الى توجيه ضربة لمصداقية القضاء العراقي؟

الدكتور أبو سعيد: نعم من ابرز ما يُحاك اليوم في هذا الملف وتحت سقف جمع المجتمعات والحرص على الوحدة الداخلية، تقوم تلك الجهات ومن تحت الطاولة بتبرئة اشخاص محكومين لعدم قدرة إيجاد الأشخاص الذين شهدوا ضدهم لعدة أسباب ومنها اما توفّاهم الله او انهم غير مستعدين ان يقوموا بما قاموا به في السابق خشية التعرض لمخاطر امنية قد تطالهم او تطال احد أفراد عائلاتهم. ومن المواضيع التي يخشاها المحفل الدولي هو ان تكون اعادة تلك المحاكمات تخفي الكثير من المخاطر على مستوى الامن المجتمعي العراقي والذي قد يفرز حالة ديموغرافية جديدة تقع تحت مخططات جغرافية دولية ضمن التسويات الحاصلة في المنطقة، وبالتالي القضاء على فكرة الوحدة الجغرافية للعراق. ان القضاء اليوم هو على المحكّ ويمكن له ان يرفض هذا الطرح قبل فوات الاوان من قبل مجلس الشورى القضائي حرصا منه على عدم دخوله البزار السياسي الذي سيقضي عليه مستقبلا، لان الجهات السياسية المتضررة من وجود قضاء قوي تعمل على اضعافه والتشكيك في كل قراراته السابقة وبالتالي البناء في المستقبل على نقاط معينة فيما لو تعرضت للانتقاد او المسائلة.

تسنيم: كيف سيؤثر هذا القرار على معنويات القوات الأمنية بكافة صنوفها، ألن يشعروا بأن جهودهم قد تذهب هباء؟

الدكتور أبو سعيد: صحيح أعود وأكرر ان ما يُراد للعراق هو ضربة قاضية لكل المؤسسات القضائية والعسكرية لإحلال الفوضى في المؤسسات حتى لا ينتظم عملها الحسابي للمخلين وتصبح الساحة مفتوحة للبعض لتبرئة تاريخهم الملوّث وإعطاء المزيد من الإمكانيات للبقاء في السلطة ونهب ما تبقّى من خيرات العراق. وما حُكي عن "صيغة توافقية" لجهة من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين"، وأن القانون الجديد "يتيح إعادة محكمة وتدقيق ملفات وإعطاء القضاء فرصة لإصدار الأحكام بحق المدانين بتهم كيدية" يضرب بعرض الحائط ليس فقط القيم العسكرية وإنما كل المنظومة القضائية المحلية والدولية، اذ في القوانين المحقّة لا يمكن التكلم عن صيغة توافقية وإنما النصوص يجب ان تكون بعيدة عن الحسابات السياسية الضيقة. من هنا نشعر ان هناك تركيبة ما تتحضّر لها بعض القيادات السياسية من اجل تجيير القانون لخدمتهم الخاصة بدل العامَّة. ان هذا الامر في خلاصة الموضوع لن يتلاءم والجهود الامنية التي حرصت على تطبيق القانون ومعاقبة المخلّين منهم.

في سوريا: التحالف الدولي صبّ الزيت على النار

تسنيم: سؤال عن سوريا: ماذا يعني الاتفاق بين لافروف وكيري على تشكيل حكومة سورية جديدة؟ وهل سيترأسها الأسد؟ هل ستتنازل روسيا في سوريا مقابل صفقة في أوكرانيا مثلا؟

الدكتور أبو سعيد: بداية حول هذا الموضوع الشائك والمتشعّب جاء بعد سلسلة من الاحداث الدامية التي دفع ثمنها الشعب السوري بأكمله. وبعد إخفاقات عديدة من قبل التحالف الدولي الذي صبّ الزيت على النار وكان السبب في تشرذم الشعب السوري المناضل والمُطالب للحقوق العربية الذي أهدره معظم القادة وبقي قلّة منهم متمسكون بالقضية المركزية، كان لا بدّ من اجتراح الحلول ولو لم تأت كما يريدها الشعب السوري. من هنا جاءت التسوية بين روسيا وأميركا في حدّها الأدنى للتطلعات العربية ومنها لإعادة تشكيل حكومة وحدة قد تضمّ في طياتها عناصر مما يسميه الاميركي معارضة معتدلة. هنا لا بدّ من الإشارة وللتاريخ ان ما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية ومن وراءها بعض الدول العربية والاسلامية لا يدخل في مصلحة العرب وقضيتهم لأنّ من يُراد له ان يحجز منصب وزاري في الحكومة العتيدة له ارتباطات مشبوهة بإسرائيل وقد يكون متورّط ومنخرط الى حدّ كبير في مشروعها. الاَّ ان وجود الرئيس الدكتور بشار الاسد مع الحصّة الكبيرة في الحكومة وإبقاء مفاصل القرار القضائي والعسكري بيده يعطينا الثقة ان سوريا لن تنزلق كمثيلاتها في المشروع الخبيث الذي يصبّ في مصلحة "الكيان الاسرائيلي".

لا شكّ ان هناك كلام لدى بعض الجهات عن تخوفها ان تكون روسيا قد قامت بصفقة على حساب سوريا وهذه المخاوف هي حقّ بعد كل ما شهدته المنطقة من مدّ وجزر في المواقف الدولية، الاَّ انني اعتقد انّ روسيا ليست في هذا الوارد سيما وان تجربتها مع الحلف الدولي والأطلسي غير مشجعة في ليبيا والعراق وأوكرانيا وغيرها من المناطق الساخنة التي تشهد تشنجات ميدانية تضع المجتمع والاقتصاد الروسي في خطر. من هنا بات واضحاً لروسيا انّ الخطر الذي قد يهدد أمنها الداخلي من بوابة أوكرانيا تأتي من المجموعات المقاتلة في العراق وسوريا، لذلك لن تستطيع روسيا بيع رأس سوريا بهذه السهولة نظرا للإنجازات الميدانية للجيش العربي السوري والحلفاء المساندون لها.

في اليمن:استطاع اليمنيون ان يخترقوا الحدود مع السعودية وانزال خسائر مادية ومعنوية

تسنيم: ماذا يعني التقدم اليمني في نجران؟ هل هو تصعيد للحرب بعد فشل المفاوضات ام محاولة ضغط لانهائها؟

الدكتور أبو سعيد: هي صفعة لدول الخليج (الفارسي) بالدرجة الاولى التي استخفّت بقدرات هذا الشعب العظيم المتمسك بأرضه وعرضه ومبادئه التاريخية التي لم يساوم عليها يوماً واحداً. لقد حذرنا كل العرب منذ بداية هذه الاحداث المؤلمة التي قسّمت الشعب العربي الى أشلاء ان اليمن يمتلك قدرات عسكرية قوية ولديه سلاح باليستي ولكن لم يصدقوا ذلك في حينه، وهذا شأنهم. ها نحن اليوم نرى انه وبرغم التفاوت الكبير في العدد والعتاد بين اليمن والسعودية وكن وراءه التحالف العربي، استطاع الجيش اليمني والقوى المحلية ان تخرق الحدود مع السعودية وتُنزل به خسائر مادية ومعنوية. نعود ونكرر حرصنا على وجوب اعادة المفاوضات في الكويت والعودة الى النقاش الجدي والأخذ بعين الاعتبار المكاسب الميدانية من اجل الحرص على عدم تجاوز الحقوق المحقّة لليمنيين، والقرار بوجود مجموعة مهمة تمّ القضاء على حقوقها في السابق من اجل مطامع لبعض الدول. ونعتقد ان انشاء المجالس الجديدة والحشود المليونية التي خرجت في شوارع اليمن تؤكد على ان هذا الشعب يقف بالإجماع خلف القيادة اليمنية، وهذا سيكون موضوع على طاولة الحوار المقبلة. ان المملكة العربية السعودية لا تملك أوراق كثيرة في اليمن من اجل خروجها من الواحة اليمنية اذا ما قررت علناً دعم "تنظيم القاعدة" بشكل اكبر والذي يقاتل عدّة مناطق. بناءً عليه انّ انهاء المفاوضات التي تقودها الامم المتحدة بهذا الامر يُعتبر الأقل كلفة عليها مع العلم انّ الساحة ستشهد تصعيد قوي وخطير قبل اعادة المفاوضات من اجل تحسين شروط المفاوضين من قبلها في الكويت.

أجرى الحوار: ياسر الخيرو

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة