كمال الهلباوي لتسنيم: الأولى للسعودية تحرير الخليج من القواعد الامريكية بدل العدوان على العرب

کمال الهلباوی لتسنیم: الأولى للسعودیة تحریر الخلیج من القواعد الامریکیة بدل العدوان على العرب

أكد القيادى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين الدكتور كمال الهلباوى في حوار مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء ضرورة الترابط والتكامل بين ايران ومصر موجها انتقادات لاذعة للسياسة التي تتبعها السعودية في منطقة الخليج (الفارسي) والمنطقة الاسلامية وعدوانها وحروبها على الدول العربية.

خاص/ تسنيم : رغم توقيع مصر على اتفاقية "كامب ديفيد" في عهد السادات ، فقد جهدت السعودية خلال العقود الاخيرة في إضعاف العلاقة التي تربط بين مصر وإيران ، بهدف صرف أنظار الشعوب عن العداء للكيان الصهيوني إلى عدو موهوم جديد وهو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورغم كل تلك المحاولات فإن الشعب المصري لم ينسى وقوف الشعب الإيراني إلى جانبه ودعم مصر في حرب أكتوبر.

التقريب بين المذاهب، والعلاقات المصرية الإيرانية ، والمصرية السعودية، ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين ، محاور الحديث الذي أجرته وكالة "تسنيم" مع المفكر الإسلامي الكبير الدكتور / كمال الهلباوى القيادى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين ،  "المتحدث السابق باسم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين".

 

تسنيم : برأيكم إلى أي مدي وصلت حالة التأزم بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين؟

الهلباوى : في الحقيقة الأزمة التي تدور رحاها الآن ليست بين الإخوان والحكومة فقط، بل هي أزمة بين الإخوان وجميع مكونات الدولة،  بمعنى أن الأزمة ليست مع النظام الحاكم فقط ، بل مع الشعب نفسه ، فالإخوان قد استعدوا الجميع، الشعب بأغلب شرائحه ، والدولة بأغلب مؤسساتها ، فقد استعدوا القضاء،  والمؤسسات الإعلامية،  والشرطة ، والجيش ، والحق يقال أن الإخوان المسلمين هم من وضعوا أنفسهم في هذا الموضع ، وبأيديهم حولوا الأزمة من أزمة مع الحكومة إلى أزمة مع كل مكونات الدولة ، الإخوان المسلمين ارتكبوا أخطاءً فادحة،  من الصعوبة بمكان ترميم آثارها، فقد وضعوا الشعب المصري خلف ظهورهم ، وأداروا ظهرهم للثورة ،  وهرولوا خلف السلطة ، الشعب طالبهم بتغيير الحكومة فلم يستجيبوا، الشعب طالبهم بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فلم يستجيبوا ، إن أكبر شرخ أصاب العلاقة بين الإخوان والشعب هو الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي والذي منح نفسه فيه سلطات مطلقة، وعزل النائب العام وأطاح بالمجلس العسكري،  وأطاحوا ببعض قضاة المحكمة الدستورية، وكأنهم ليسوا في دولة ولهم شركاء فيها، انغلقوا على أنفسهم، نصحوا ولم ينتصحوا، تجاهلوا شركائهم في الوطن ولم يشركوهم ظنا منهم أن التنظيم الدولي للإخوان قادر على إدارة أمور الدولة،  فتسبب هذا في تصديهم لأمور لا توجد لديهم خبرة في إدارتها،  وتسبب أداؤهم في تشويه صورة الإسلام ، أعتقد أن جماعة الإخوان وصلت لطريق مسدود وهم المتسبب الأول في هذا الانهيار .

تسنيم : هل تلوح في الأفق ثمة مبادرات أو أطروحات تنهي حالة الاحتراب بين الإخوان المسلمين والدولة؟

الهلباوى : لا توجد في الوقت الراهن ثمة مبادرات أو أطروحات، وذلك بسبب حالة التعنت من جانب الإخوان المسلمين، بسبب إصرارهم على التمسك بفكرة ما يسمى بالشرعية، ودشنوا التحالفات فيما يسمى "بتحالف دعم الشرعية"،  الذي ضم إليه الجماعات الجهادية التي انخرطت سابقا في أعمال إرهابية،  كالعادة الإسلامية ، والجهاد الإسلامي،  هل هناك عاقل يتحالف مع هؤلاء ،  لقد خرج علينا عاصم عبد الماجد بخطاب يقول فيه "قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار"  رغم أن الخلاف سياسي بامتياز لا علاقة له بالجنة أو النار وليس من مفرداته لغة القتل والدم،  وللعلم كان هذا الكلام قبل فض اعتصامي "رابعة والنهضة"، وهذا يدل على أن حالة الصدام لم تكن وليدة فض الاعتصامين،  بل كانت وليدة شحن جماعة الإخوان المسلمين لقواعدها الشعبية وتهييج النزعات الدموية لديهم وحثهم على الصدام وتأهيلهم نفسيا لذلك ، وكانت هذه الحالة المنتشرة هي السبب الرئيس في تحرك الدولة لفض تلك الاعتصامات ، لأن مستوى الخطاب التكفيري كان قد ارتفع بشكل ملحوظ على نحو ينذر بالخطر،  رغم أن الخلاف في الأصل سياسي فحوله الإخوان لخلاف ديني مفرداته قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار،  وهذا يخالف أدبيات جماعة الإخوان بنسبة مليون في المائة.

تسنيم : ما تقييم حضرتكم لحالة التقارب الحالية بين مصر وإيران، هل تلوح في الأفق القريب إمكانية لعودة العلاقات بين البلدين؟

الهلباوى :أنا لا أحبذ استخدام مفردة "التقارب" بل يتعين استخدام كلمة "ترابط" وإني أتمنى أن تكون العلاقات كاملة بين مصر وإيران،  فإيران دولة قوية ومحبة لمصر، لكن السلفيين من ناحية والسعودية من ناحية أخرى شوهوا صورة إيران في الداخل، أنا لا أريد تقارب بل أريد ترابطا وتعاونا وتكاملا وتفاهما ، حالة القطيعة بين البلدين هي حالة شاذة غير مقبولة بالمرة، وحالة التقارب والتفاهم الحالية منبعها استيعاب الدولتين لمشاكل المنطقة وإيثار القيادات هنا وهناك تغليب التفاهم والتعاون تحقيقا لمصالح المنطقة ، دول الخليج لها علاقات مع إيران وخطوط تجارة ورغم ذلك يفزعون من أي تقارب مصري إيراني،  ويتذرعون بخشيتهم من انتشار المذهب الشيعي في مصر،  يا أيها السادة أنتم هكذا تسيئون لمذهب أهل السنة والجماعة ، وكأنكم تقولون أن المذهب الشيعي الإثنا عشري من حديد ومذاهب أهل السنة من ورق، هذا لايليق، اتركوا الناس تعتقد ما تشاء فالله يقول ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ) لماذا يقف من يقف ضد التقارب مع إيران،  وأعتقد حاليا أن الدولتين على مشارف إقرار العلاقات بينهما بهدف تحقيق الأمن للمنطقة.

تسنيم : ما أثر عودة العلاقات بين مصر وإيران على تخفيف حدة الاحتقان المذهبي بين السنة والشيعة؟

الهلباوى : مصر لها دور كبير في هذا المضمار،  وقد كان للأزهر الشريف السبق في التصدي لهذا الدور، والحمدلله تاريخ أهل السنة في مصر وتاريخ الأزهر حافلين بالتسامح مع أتباع المذاهب الأخرى، وكان للأزهر وفي الأزهر شيوخ عظام كالشيخ محمود شلتوت، والشيخ الفحال،  والشيخ الشرباسي، والشيخ الغزالي وطالما نادى هؤلاء ودعوا للتقارب وقد أفتي الشيخ شلتوت فتواه الشهيرة بجواز التعبد بالذهب الشيعي الاثنا عشري،  شأنه كشأن سائر المذاهب الإسلامية، وبالطبع سيكون للتقارب المصري الإيراني بالغ الأثر في تفعيل مؤسسات التقريب واعتماد وإحياء هذا النوع من الفتاوى والأفكار، على نحو سينعكس إيجابا على العلاقات بين المسلمين،  فكلا البلدين مهمين وهما الدولتين ذات الثقل، وسياساتهما بعد التقارب ستكون مثالا يحتذى به لدى المسلمين.

تسنيم : ما هو تقييمكم لما طرأ على العلاقات بين مصر والسعودية من توترات؟

الهلباوى :إن التوتر الحاصل بين مصر والسعودية على الصعيد السياسي ليس سابقة تاريخية، فقد سبق وأن وصلت الأمور بينهما للحرب، وذلك إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر على خلفية حرب اليمن، فمصر اشتبكت مع السعودية سابقا في اليمن لأنها أرادت تحريره وإخراج شعبه من ظلمات آل سعود،  وتخليص اليمنيين من حكم ديكتاتوري متخلف، بل شديد التخلف، وآل سعود وقفوا حائلا دون تحرر هذا الشعب لأنهم يخشون من أي مد ثوري في المنطقة برمتها ولا يتوقف الأمر عند خشيتهم من أي حراك داخل المملكة فحسب، وعليه فإن اعتبار التوتر الحاصل بين البلدين هو أمر جديد هو اعتقاد خاطئ، ولا أجد حرجا في القول بأن السعودية  تحاول لعب دور أكبر من حجمها وقدراتها ومؤهلاتها، فالسعودية تريد أن تكون ندا لإيران وهو طموح يفوق قدراتها الذاتية، مستغلين البعد الديني لشبه الجزيرة العربية ووجود الحرمين فيها،  وكون بلادهم قبلة للمسلمين، ناسين أو متناسين أن الخليج بأكمله أرضا محتلة من الأمريكان والغرب وبلادهم تأوي قواعد عسكرية لهذه الدول، لذا فمن الأولى لهذه الدول أو الدويلات أن تسعى لتحرير نفسها أولا وتحرير أراضيها من دنس تلك القوات، بدلا من الدخول في صراعات مع سوريا واليمن ومصر وإيران، يجب على السعودية أن تحدد أولوياتها،  وأن تولي وجهها شطر العروبة ومصالح الأمة، أنا لا أفهم لماذا تقوم السعودية بتدشين حلف إسلامي وفي الحقيقة ما هو بإسلامي، وكل هدفها هو شرعنة عدوانها على اليمن، لقد ولت سنين العسل بين أمريكا والسعودية، معادلة النفط مقابل الحماية قد ذهبت لغير رجعة،  لذا تحركت السعودية لتحمي نفسها بنفسها فتورطت هنا وهناك ودخلت في معارك لا قبل لها بها، أما عن العلاقات بين مصر والسعودية فإن قدر مصر أن تتحمل أذى الآخرين بحكم حجمها وثقلها ودورها التاريخي باعتبارها الشقيقة الكبرى وقلب العالم الإسلامي،  وهذه المكانة تحتم عليها أن تكون علاقاتها جيدة مع الجميع وليس مع السعودية وفقط،  لذا فهي تتبنى لغة العقل وآداب الحوار وعدم الانجراف نحو التراشق مع السعوديين،  هي تسير وفقا لمصالحها تصوت في مجلس الأمن،  تؤيد دحر الإرهاب،  هي سياسات عملية لا حنجورية ، السعودية يجب أن تتبنى الحوار، ومصر تستطيع النهوض دون التعويل على غيرها، ولنا في التجربة الإيرانية مثالا يحتذى به، فقد حوصرت إيران من قبل أمريكا والغرب وضيقوا عليها تضييقا شديدا،  ورغم ذلك استطاعت بناء نفسها على جميع الأصعدة،  علميا وتكنولوجيا وتسليحا واستطاعوا تطوير الفن  عندهم بالتزامن مع تخصيب اليورانيوم ، ثم جلسوا وهم أقوياء يتحاورون مع القوى الكبرى في العالم في المفاوضات النووية، لقد استطاعت إيران كسر الحصار بالحوار،  وأتمنى أن تحذو مصر والعالم الإسلامي حذو إيران،  وعدم تبني لغة الصراع ومفرداتها مثل نحن سنة وهم شيعة هذه المفردات هي مفرحة الإرهاب،  يتعين علينا اعتماد الحوار والتكاتف والتعاون كسياسة والابتعاد كل البعد عن السياسة التي تتبناها السعودية.

تسنيم : كيف ترى الأوضاع في المنطقة العربية الآن؟

الهلباوى : المنطقة العربية تمر بأسوأ حالة لها منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، في الماضي كانت توجد خلافات نعم لكن المنطقة كانت تتميز بحل مشاكلها فيما بينها وكانت إذا حدثت بعض المشاكل بين الدول فإن العقلاء كانوا يتدخلون لحل هذه المشاكل دون أن يحترب العرب فيما بينهم ، أما اليوم فالعرب يقتلون بعضهم ويحاربون أنفسهم بدلا من التكتل في وجه أعدائهم،  فهاهي اليمن تنزف بسكين عربي،  وكذا الأمر في سوريا،  إن المخاطر التي تتهدد المنطقة أصبحت أكبر مما يمكن تحمله، الإرهاب، والتهديدات الصهيونية،  والأطماع الأمريكية،والأنظمة الديكتاتورية الفاشلة، وفشل تيارات الإسلام السياسي في تقديم نفسها كبديل حقيقي يمكنه حل أزمات المنطقة وتحول هو نفسه لأزمة يتعين علاجها ، ولا يوجد في الأفق حل سوى التكاتف والترابط والاتحاد، فحينما اتحد العرب هزموا التتار والصلبيين تحت قيادة القادة التاريخيين.

تسنيم : نرجو من حضرتكم توضيح مفهوم التقريب بين المذاهب؟

الهلباوى : التقريب هو إبراز المشتركات وتسليط الضوء عليها وتفعيلها وتحويلها لمنهاج تعايش مشترك،  وليس كما يتبادر لأذهان البعض بأن التقريب هو الذوبان ، والجمهورية الإسلامية الإيرانية بذلت جهدا كبيرا في هذا المضمار،  ولازالت مستمرة في عطائها، فالشيخ التسخيري حفظه الله والشيخ الآراكي ومنتدى الوحدة الإسلامية في إيران ومؤسسات أخرى تبذل جهدا كبيرا في هذا الشأن، وتسعى للتقريب بين المذاهب بهدف توحيد الأمة، والتحديات بالفعل كبيرة، أنا من المؤمنين بوحدة الأمة الإسلامية والتقارب بين المذاهب الإسلامية،  وأتمنى أن يسدد الله خطانا في هذا الأمر وننجح في نزع فتيل الأزمات بين المسلمين، فالإسلام لا يدعو للمذهبية،  والمذاهب برزت بعد الصدر الأول للإسلام،  والتمذهب ليس شرطا لتمييز المسلم، فأركان الإسلام معروفة.

تسنيم : هل التقريب فكرة إسلاميه أم إنسانية؟

الهلباوى : التقريب منبعه مزدوج وينبع من الإنسانية والدين فالإسلام دين الإنسانية، وقد حوى القرآن الكريم كل شئ من شأنه تنظيم حياة الناس جميعا، وعالج مسألة التعدد والاختلاف، يقول الله تعالى (ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ) فالإسلام يدعوا لوحدة الأمة ، كون وحدتها من الواجبات الشرعية، والتقارب لازم لوحدة الأمة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فكان التقارب واجبا.

تسنيم : متى يصبح التقريب أولوية لدى العالم الإسلامي؟

الهلباوى : إن العالم الإسلامي مقسم اليوم حسب سايكس-بيكو، ويتعين علينا الخروج من هذه الشرنقة التي أحاطنا بها الغرب، ويتعين على جميع دول العالم الإسلامي أن تتخلص من كل المعوقات التي تقف حائلا دون وحدة المسلمين ، وأن تواجه التحديات بقوة ، حتى يتحد العالم الإسلامي ، وتصبح أمته أمة واحدة ، وبدون ذلك لن تقوم للأمة قائمة ، "فالتقريب ضرورة عقلية ، لا يرفضها إلا جاهل أو مغرض" ، فإن لم يقم العالم الإسلامي بوضع التقريب كأولوية فإن جهود ومقدرات الأمة ستذهب سدى.

/انتهى/

أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة