العقبات امام تطور العلاقات الإيرانية العربية- 2/ تأثير الاطراف الاجنبية على العلاقات العربية الايرانية؛ بحث في جذور "الايرانو فوبيا"

العقبات امام تطور العلاقات الإیرانیة العربیة- 2/ تأثیر الاطراف الاجنبیة على العلاقات العربیة الایرانیة؛ بحث فی جذور "الایرانو فوبیا"

طهران / تسنيم // قال مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية "محمد صالح صدقيان" ان ايران والدول العربية الاقليمية يمكنهم عبر اجراءات بناء الثقة والابتعاد عن بعض المواقف المثيرة للتوتر، توفير أمن المنطقة وانقاذها من كابوس الارهاب من دون الحاجة لاطراف خارجية.

تسنيم: مع انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 وتشكيل نظام الجمهورية الاسلامية في ايران، تبنت ايران سياسة جديدة والتعاون مع الدول العربية-الاسلامية على اساس دعم القضية الفلسطينية ومواجهة الكيان الصهيوني بعد ان تخلت عن سياسة النظام السابق القائمة على التعاون مع الكيان الصهيوني والمتعارضة مع امن دول المنطقة. لكن رغم هذه التطورات في ايران واسقاط نظام الشاه الذي كان قد أزعج الدول العربية بسبب دعمه للكيان الصهيوني، وخلافا للتوقع، لم ترحب الدول العربية الاقليمية كثيراً بإقامة علاقة متينة مع نظام الجمهورية الاسلامية الحديث في ذلك الوقت.
يرى الكثير من المراقبين ان سبب عدم اكتراث او قلق الدول العربية بإقامة علاقة قوية ومتينة مع ايران يعود الى سياسات "الايرانوفوبيا" التي تنشرها أمريكا. ركزت سياسات امريكا الاقليمية خلال العقود الاربعة الماضية على خلق العداء والخلاف بين ايران والدول العربية بهدف صرف الرأي العام العربي عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية.
والكثير من حلفاء امريكا العرب في المنطقة لم يتبنوا سوى سياسة امريكا المعادية لايران بسبب ارتباطهم الكامل بها وبدلاً من مواجهة الكيان الصهيوني المسبب لجميع الازمات الاقليمية وضعوا نصب أعينهم العداء لايران نزولاً عند رغبة امريكا.
وعلى أي حال ان الكثير من الدول العربية الاقليمية وخلافاً لمصالحها الوطنية ورغبة شعوبها لم تكن مستعدة خلال العقود الاربعة الماضية لاقامة علاقات استراتيجية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ومن أجل دراسة وتحليل الاحداث بدقة خلال هذه الفترة من العلاقات الايرانية والدول العربية المجاورة لها أجرت وكالة تسنيم حواراً مع الدكتور "محمد صالح صدقيان" مدير المركز العربي للدراسات الايرانية، حيث تم نشر هذا الحوار على قسمين. لقراءة القسم الاول اضغط هنا. وفي مايلي تقرأون القسم الثاني من هذا الحوار:

حاوره / سعيد شاوردي

تسنيم: هل باعتقادك تسمح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ببناء هذه الثقة التي تحدثت عنها بين إيران والدول العربية، فإنه إذا أصبح هناك تقارب بين الطرفين ستشعر الدول الغربية وأمريكا بالذات أنه ليس بإمكانها أن تبيع أسلحة بقيمة مئات المليارات للسعودية والدول العربية الأخرى، وهذا ما سيجعل الغرب يبحث دائما عن طرق لإفساد العلاقة بين إيران والدول العربية، اليس الأمر هكذا باعتقادك؟.

صدقيان: هذا صحيح جداً، وأنا قلت في البداية أن هذه الدلول لديها علاقات جيدة مع الدول الغربية، ولديها قواعد عسكرية، ولديها معاهدات أمنية واقتصادية، من الناحية النظرية هذه الدول لديها تبعية كاملة للدول الكبرى، بالنتيجة كيف لنا أن نتعامل مع هكذا دول لديها علاقات جيدة لنبني الثقة معهم، وهؤلاء هم يحتاجوننا وهم يقرون بذلك، في ما يخص الكويت مثلاً، فإن الكويت تمتلك علاقات جيدة ومعاهدات سياسية واقتصادية وامنية واجتماعية مع أمريكا، لكن صدام غزا الكويت وضرب كل هذه المعاهدات بعرض الحائط، هم يعتقدون بأن العلاقة مع ايران ضرورية بالرغم من وجود علاقات مع الدول الكبرى، تعزيز الثقة بين الجمهورية الإسلامية وهذه الدول يقلل من تأثير الدول الكبرى على العلاقة مع إيران. قبل ثمانية سنوات جاء الشيخ ناصر المحمدي وكان رئيس وزراء الكويت لإيران، والتقى بالسيد القائد، والسيد القائد تكلم كلام لحد الآن هؤلاء ممتنين لهذا الكلام، فإن السيد القائد أعطاهم ثقة كاملة، لحد الآن العائلة المالكة بالكويت مع الجمهورية الإسلامية، الشيعة في الكويت بأحسن حال، وآل الصباح مع الشيعة جيدين، وبالعلاقة بين إيران والسعودية فإن الكويت في الوسط، وليست مع السعودية، هذا بناء على كلام الثقة، فهؤلاء الشيوخ عندما تعطيهم أمان، يصبح بإمكانك ان تكسبهم، ومشايخ دول الخليج (الفارسي) يريدون أحد يدق على صدره ويوثق به، وهذا ممكن ولكن إذا أحسنا التعامل مع الجانب الآخر.

العائلة المالكة بالكويت مع الجمهورية الإسلامية.. الشيعة في الكويت بأحسن حال، وآل الصباح مع الشيعة جيدين

 

تسنيم: ما هي مقترحاتكم لتطبيع وتحسين العلاقات بين إيران والدول العربية؟ ما هو السبب وراء عدم إبداء رغبة من قبل الدول العربية تجاه اقتراح إيران فيما يخص إنشاء منظومة أمنية دفاعية مشتركة بين إيران والدول العربية لتحقيق الأمن بالمنطقة بدون الحاجة للدول الأجنبية؟.

صدقيان: هذه تعود إلى نفس المشكلة أنه لا يوجد ثقة بين إيران والدول العربية، حتى نقبل هذه المنظومة، على أي أساس نقبل هذه المنظومة، اذا ما توفرت هذه الأرضية من الثقة عند ذلك يمكن أن نبني عليها معاهدات أمنية وسياسية واقتصادية وثقافية، لا نستطيع أن نبني مثل هذه المنظومة على فراغ، وسياسة الجمهورية الإسلامية في علاقاتها الخارجية هي تدعوا إلى بناء الثقة، والعلاقة الجيدة مع الدول العربية والاسلامية.

تسنيم: اسمح لي أيضا أن أسال هل ان الدول العربية تقوم من جانبها بما يجب أن تقوم به من حيث بناء الثقة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية ام لا؟

صدقيان: اعتقد لست متحمساً كثيراً لمواقف الدول العربي، ولكني اعتقد أن الدول العربية لا تملك شيء مقابل القوة الإيرانية، وانا ببداية الحديث قلت أنه هناك مشاكل داخلية عند الدول العربية، وهذه موجودة، قضية قومية وقضية مذهبية وقضية نفسية حتى موجودة، والكل يعتقد أن ايران تريد أن تسيطر على المنطقة، وعندما يأتي شخص في إيران ويقول نحن سيطرنا على أربعة عواصم عربية، يعزز الكلام عند هؤلاء الناس، حيث يعتقدون أن ايران تريد أن تسيطر على الدول العربية!. إذا درجة ونوع الخطاب مهم جداً، هذه القضايا تؤثر بالنفوس والجانب الآخر مقصر ولا يمتلك شيء، ولذا هو يخاف.

سياسة الجمهورية الإسلامية في علاقاتها الخارجية هي تدعوا إلى بناء الثقة والعلاقة الجيدة مع الدول العربية والاسلامية

 

تسنيم: حتى السعودية ايضا صغيرة وضعيفة وتخاف؟

صدقيان: نعم السعودية ماذا تمتلك؟ لا تمتلك شيء، حتى السلاح الموجود عند السعودية الامريكان هم الذين يشغلوه، السعودية ودول الخليج (الفارسي) تمتلك المال فقط، حتى شركة أرامكو ليس السعوديين هم من يشغلوها، من يستخرج النفط السعودي؟!. السعوديين يمتلكون هذه الارض التي فيها النفط، لذلك هم يخافون من إيران، فإيران موجودة من سلطنة عمان في الجنوب إلى تركيا، هذه المساحة الشاسعة وموجودين على الجانب الآخر من الخليج الفارسي، وتمتلك هذه القوة الهائلة فمن الطبيعي جداً أن تخاف. وايران تمتلك صواريخ 600 كلم وحتى 2000 كلم، ولديها قوة هائلة، فإذا قامت ايران بمناورة عسكرية بالخليج (الفارسي) فما الذي يملكه الطرف الآخر، صفر لا شيء لديهم، حتى ليس لديهم من القوى البحرية من زوارق وقطعات كبيرة، الاجراء الوحيد لديهم أن يذهبوا لأمريكا وهي تدافع عنهم، فيقولوا لأنفسهم يجب أن نشتري أمننا، واليوم السعودية ومنذ زمن ايضاً تريد أن تشتري أمنها، حيث منذ ثمانين عام منذ تأسست السعودية والمملكة تشتري أمنها من بريطانيا وأمريكا بالمال، بالنتيجة كيف يمكننا أن نتعامل مع هذا الجانب الآخر بالخطاب، وكيف نتعامل معه لتعزيز الثقة لنكون معه أصدقاء.

منذ تأسست السعودية والمملكة تشتري أمنها من بريطانيا وأمريكا بالمال

 

تسنيم: لماذا تدعي بعض الدول العربية أنها تخاف من إيران وهي بحاجة للحماية الأمريكية؟، ولماذا لديهم تصور ان إيران تريد السيطرة على المنطقة ودولهم؟، فعلى سبيل المثال هنالك أفغانستان، هي دولة ضعيفة مقارنة بإيران لكنها لا تقول إنها تشعر بالخوف من إيران بالرغم من أنها جارة لها؟

صدقيان: اولاً افغانستان لا تملك شيئاً، افغانستان مثل الامرأة عمرها خمسين عاماً وليست جميلة وليس لديها شيء، اما السعودية ودول الخليج (الفارسي) مثل فتاة عمرها ثمانية عشر سنة وعندهم اموال، يخافوا على انفسهم، هذه النقطة الأولى والمهمة. النقطة الثانية والمهمة ايضاً في أول ما انتصرت الجمهورية الاسلامية، ايران شكلت حركات التحرر، وجاءت السعودية والكويت لصدام وقالت له "العيال من عندك والمال من عندنا"، وعندما ذهب صدام لمؤتمر القمة قال لهم الم تقولوا "المال من عندنا والعيال من عندك؟!" وبسبب هذا حدثت حرب الكويت. وقوف الايرانيين بجانب الكويتيين ضد صدام حسنت كثيراً من صورة إيران، أي نحن ضد الاحتلال.

وقوف الايرانيين بجانب الكويتيين ضد صدام حسنت كثيراً من صورة إيران أي نحن ضد الاحتلال

 

تسنيم: لماذا الدول العربية لا تتعامل مع تركيا كما تتعامل مع إيران؟

صدقيان: تركيا لديها وضع اخر، فإن ايران لديها مشروع سياسي، أما تركيا ليس عندها مشروع سياسي، تركيا عندها مشروع اقتصادي. إيران عندها مشروع سياسي للمنطقة، رفض التواجد الأجنبي بالمنطقة، ومواجهة اسرائيل.

تسنيم: هل مشروع محاربة اسرائيل هو خدمة لمصالح ايران ام خدمة للمصالح العربية والإسلامية؟

صدقيان: إيران تنظر لهذا الهدف الكبير (محاربة اسرائيل) على أنه هدف مقدس، وهو كذلك، وحسب تعريفها للأمن الإقليمي فإنها تعتبر إزاحة إسرائيل هي ضرورة لهذا الاقليم. فإيران عندما دعمت الحكومة السورية وبشار الاسد، هي تعتبر ضرورة بقاء سوريا لمواجهة اسرائيل، لأن اذا سقط بشار الأسد سوف تسيطر على الحكومة السورية، حركة ارهابية أو تسيطر دول أخرى، وبالنتيجة تأخير مواجهة اسرائيل، تأخير الوصول إلى اسرائيل، وبذلك تأخير القضاء على اسرائيل، وعندما يقولون الهيمنة الايرانية، ايران لا تريد ان تسيطر على العراق ولا تريد أن يكون لديها امبراطورية فارسية في المنطقة، لا تريد ذلك، لكن بالتأكيد تريد ايجاد اليات لإبقاء الصراع على اسرائيل للقضاء على اسرائيل، هذا هو المشروع الايراني، لكن البعض يعتقد بأن الكلام الذي اقوله هذا كلام دبلوماسي، وبالنتيجة يقول الاخر أن ايران تريد السيطرة على الشعوب. فهناك مشروعين في المنطقة المشروع الايراني والمشروع الاسرائيلي، المشروع الايراني الذي ينظر إلى اسرائيل أنها عامل تأخر هذه المنطقة، وان كانت هذه المنطقة بدون اسرائيل، لكانت بعيدة عن هذا التنافس والتشتت والاقتتال. بالنتيجة المشكلة بالوجود الاسرائيلي بالمنطقة، فإسرائيل تعتمد على تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم في المنطقة، تعتمد على التفوق الاسرائيلي في كل شيء، التفوق التنموي والتفوق بالثقافة والتفوق بالجيش والأمن وبالتالي يجب أن تكون أنت متأخر ومتخلف حتى تكون اسرائيل متقدمة أكثر منك، هذه هي المشكلة.

اذا سقط الأسد سوف تسيطر على سورية، حركة ارهابية أو دول أخرى، وبالنتيجة تأخير الوصول إلى اسرائيل، وبذلك تأخير القضاء على اسرائيل

 

فأي دولة من دول المنطقة الآن تريد أن تتقدم اسرائيل لا تسمح بذلك اصلاً، كل الدول العربية والاسلامية، الان عندما يقدمون طائرات للسعودية يجب أن تكون هناك موافقة اسرائيلية موجودة، حتى الموافقة بنوع وعدد الطائرات، هل هذه الطائرات تمتلك منها ام لا؟، يجب اسرائيل أن توافق على ذلك، حتى لا يكون هناك تفوق للسعودية بشيء، في المجال النووي نفس الشيء، في المجال العلمي، في اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر، اشترطت هذه الاتفاقيات أن لا يكون هناك منهج دراسي في الفيزياء النووية، وجاء هذا البند في المعاهدة، مصر تمتلك ارضية قوية للمثقفين والعلماء والباحثين، فرضت عليهم منع الفيزياء النووية، وهذا التفوق العلمي الاسرائيلي تفوق في كل شيء، هذا هو المشروع الاسرائيلي.

ايران لا تريد ان تسيطر على العراق ولا تريد أن يكون لديها امبراطورية فارسية في المنطقة

 

اما المشروع الايراني فهو مشروع يعتمد على أن ما دامت إسرائيل موجودة في هذه المنطقة، فان دول هذه المنطقة ستكون متأخرة ومتخلفة، وفيها ازمات وحروب، وكل انسان يعلم ويستطيع أن يقول أستطيع أن اتقدم وابني البلد، عندما يريد ان يتقدم البلد يرى اسرائيل تقف أمامه، وأمامك خيارين إما أن تواجه هذا الحاجز، وتضع برنامج لمواجهته أو تقبل بالصلح معه، إذا قبلت بالصلح معه تكون مثل اتفاقيات كامب ديفيد، وهذه اتفاقيات مذلة ومشينة وحقيرة جداً، وفيها اذلال للمصريين والاردنيين، وإيران اختارت المواجهة.

تشخيص الامام الخميني (رض) عندما وضع القضية الفلسطينية في اولويات السياسة الايرانية هو تشخيص دقيق

 

في حقيقة الأمر تشخيص الامام الخميني (رض) عندما وضع القضية الفلسطينية في اولويات السياسة الايرانية هو تشخيص دقيق، هذه قراءة واعية للأوضاع السياسية بالمنطقة، فإن اسرائيل والولايات المتحدة لا يريدوا الخير لهذه المنطقة. انظر ماذا فعل الامريكان في العراق، نفاق، ودجل بين الشيعة والسنة والاكراد، ويعملون ضد هذا وذاك، وحدث ولا حرج ماذا فعل الامريكان بالعراق منذ 2003 حتى الان، لأنه من مصلحة اسرائيل أن يقسم العراق وان يقسم السعودية وان تقسم سوريا وإيران، حتى تكون دويلات صغيرة، وبين هذه الدول تنشأ حروب وازمات حتى تستطيع اسرائيل ان تعيش بسلام.

/انتهى/

گفت وگو با محمد صالح صدقیان مدیر مرکز پژوهش های ایرانی عربی
محمد صالح صدقیان 4
محمد صالح صدقیان 5
صدقیان 1
صدقیان 2
صدقیان 4
صدقیان 5
أهم الأخبار حوارات و المقالات
عناوين مختارة