خاص / تسنيم بالأرقام.. هكذا تآكلت الطبقة الوسطى في العالم العربي

خاص / تسنیم بالأرقام.. هکذا تآکلت الطبقة الوسطى فی العالم العربی

خاص / تسنيم || "سنموت جوعاً والمسؤولية لا تقع على عاتق أحد".. لم يعد ملف الواقع المعيشي والقدرة الشرائية للمواطن العربي مادة دسمة أو "بيت القصيد" في وسائل الإعلام، حتى التي تعنى بالشأن الاقتصادي.

المواطن العربي اليوم لم يعد ينتظر أي تدخل من جهة أو مسؤول حكومي أو وزارة لوقف تدحرج كرة الثلج هذه، وفقد الأمل من قدرة أي كان على إيقافها. كما لم يعد يطيق "المواطن العربي" تصريحات حكوماته الواهية عن أسباب هذه المأساة وتحليل نتائجها وتبعاتها، فذلك غدا يزيد الوجع وجعاً.

على العكس تماماً، غدا المواطن في البلدان العربية يطالب الحكومات بمواصلة الصمت والهروب، فقد باتت التصريحات الرنانة والوعود الواهية و"كليشات" التسويف "سنعمل.. سنكافح.. سنضبط.. سنعالج".. تزيد من حجم الفاجعة.

تاريخياً، تعتبر الطبقة الوسطى بمثابة صمام الأمان لأي مجتمع بشري، وكلما زاد عدد هذه الطبقة وحجمها، كلما شكلت مصدراً مهماً للاعتدال والأمن والأمان المجتمعي.

الغلاء العالمي الفاحش وتزايد الحاجات والهبوط المستمر لمستويات المعيشة، تعاظم مناحي العوز، ارتفاع معدلات البطالة وما يترافق ذلك مع تهديد اجتماعي واضح للدول والمجتمعات العربية، دق ناقوس الخطر إلى وجوب الحفاظ على الطبقة المتوسطة، التي بدأت الدراسات أخيراً تشير إلى تآكلها في بعض البلدان العربية، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة والسكن والدواء وتدني الرواتب.

من المعلوم أنه في حال تآكل الطبقة الوسطى، تصبح الأحوال المدنية «خطرة» والجريمة كبيرة، فمن دون هذه الطبقة لا يمكن للمجتمعات النهوض وفق هيكل اجتماعي حضاري تقدمي. لذلك تعتبر الطبقة الوسطى في أي بلد في العالم بمثابة صمام أمان اجتماعي.

في العالم العربي اليوم، نعيش واقعاً اقتصادياً معدوم الأمن المعيشي والرفاه والاستقرار المجتمعي، ففي معظم البلدان العربية اليوم، هناك "عالم مستبد" خاص بالأثرياء و"عالم تعيس" خاص بالفقراء. كافة المؤشرات توضح أن الطبقة الوسطى في الوقت الراهن "شبه معدومة" وتعاني صعوبات جمة.

تآكل الطبقة الوسطى، وفشل معظم الحكومات العربية في ترميم "التلف" الاقتصادي الذي أصاب المواطن وعجزه عن تقليص "الفوارق الطبقية"، جعل القاعدة الأساسية الصلبة في المجتمع المرتكزة على الطبقة الوسطى "رخوة" و"متزعزعة"، ما جعل الواقع الاقتصادي غير واعد وقادر على بناء الإنسان وخلق تنمية متوازنة، وجعل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية أكثر استقراراً وصلابة.

لبنان..

الذي كان يسمى سابقا "سويسرا الشرق" نظراً للرخاء الاقتصادي الذي كان ينعم به والتطور العمراني الذي يميز شوارعه وبنيته التحتية، اليوم تشير آخر الدراسات إلى أن ثلث اللبنانيين ينتمون إلى الطبقة الوسطي فقط.

في ظل عدم وجود إحصائيات دقيقة بشأن توزيع الدخل في لبنان، يشير الخبراء إلى أن أكبر مجموعة من سكان لبنان تنتمي إلى فئة الفقراء والتي تجد كل شهر صعوبات في تغطية نفقاتها، فنسبة هذه الفئة بين سكان البلاد تبلغ حوالي 40 بالمائة. بينما يقبع أكثر من ثلث اللبنانيين ضمن الطبقة الوسطى.

منذ 30 عاما يشهد لبنان تدهورا مستمرا لطبقتها الوسطى. فالدراسات والتقديرات المعدة في سبعينيات القرن الماضي تشير إلى أن ما يتراوح بين 50 و60 بالمائة من اللبنانيين إلى الطبقة الوسطى.

العراق..

الحرب أرهقت الحال الاقتصادي لهذا البلد ولعملته النقدية، تآكل الطبقة الوسطى فيه جعل شعبه يغامر ويقامر بحياته من أجل العيش ولو ارتكب أنواع الجرائم في سبيل الكسب وتجاوز الفقر والعوز. فالطبقة البورجوازية مشغولة بجمع ثرواتها وزيادة أرباحها على حساب جيوب غيرها.

أما الطبقة الدنيا والمتردية اقتصادياً، فتكاد تنحصر همومها اليومية في تأمين لقمة عيشها لاستمرار حياتها. هذا الواقع المهين تعد الحرب النواة الأساسية له، والداعم الرئيسي لتفاقمه.

حسب معهد الدراسات العربية ـ شباط 2016، تنقسم الطبقة الوسطى في العراق عموماً، بين طبقة وسطى عليا/ وطبقة وسطى متوسطة/ وطبقة وسطى دنيا، يفرق بينها مستوى الدخل والمستوى التعليمي والحالة الاجتماعية.

الطبقة الوسطى العليا: وتمثل حوالي 15% من إجمالي الطبقة الوسطى وهم رجال الاعمال وكبار موظفي الدولة والتكنوقراط واصحاب المهن الحرة، يزيد متوسط دخل الفرد فيها على 12 ألف دولار سنوياً.

الطبقة الوسطى المتوسطة: وتمثل السواد الاعظم من موظفي الدولة وشرائح مشابهة تعمل في نشاط السوق من مهندسين وفنيين واداريين وشريحة محدودة من المتقاعدين وغيرهم، وبنسبة 50% من إجمالي الطبقة الوسطى. وان متوسط الدخل السنوي للفرد فيها هو بنحو 7000 دولار.

الطبقة الوسطى الدنيا: فهي تمثل صغار الموظفين والشرائح العاملة في السوق المماثلة لها من الشغيلة وبعض فئات المتقاعدين والعاملين من ذوي المهارات المحدودة ويمثلون نحو 35% من الطبقة المتوسطة ويبلغ متوسط دخل الفرد السنوي بنحو 5 آلاف دولار وإجمالي الدخل السنوي الاسري حوالي 20 ـ 30 الف دولار. وهي تعيش فوق خط الفقر، اي بمعنى انها تمتلك مرونة بنسبة 75% في الحصول على المأكل والملبس والمأوى والتعليم والصحة.

فلسطين..

وفقا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن معدلات الفقر والفقر المدقع ارتفعت في فلسطين لتتجاوز 65% وتجاوزت نسبة نقص أو انعدام الأمن الغذائي 72% لدى الأسر.

"الطبقة الوسطى" بدأت "تتآكل بشكل ملاحظ وكبير"، ودخل الأسرة في تناقص. حيث لا تشكل الطبقتين العليا والمتوسطة أكثر من 10% من الفلسطينيين، فيما يقبع الباقي تحت خط الفقر.

معدلات التضخم بلغت 43%، القوة الشرائية لتدفقات العمال تراجعت منذ عام 2015 بنسبة 30%.

الأردن..

نترقب جميعاً تسارع وتيرة الأحداث في الأردن والاحتجاجات الشعبية، بعد إحالة الحكومة قانون ضريبة الدخل المعدّل إلى مجلس النواب قبل أكثر من 10 أيام، والإضراب عام قبل اسبوعين، الذي شاركت فيه 33 نقابة محلية وشمل كل محافظات البلاد والآلاف من المواطنين الذين تظاهروا في عمان أمام مجمع النقابات المهنية.

كافة المؤشرات تشير إلى الامور لم تصل إلى ما هي عليه إلا بعد سنوات من إطلاق صيحات الاستغاثة لإنقاذ الطبقة الوسطىمن الضغوطات والضربات الاقتصادية التي باتت تؤثر على حجمها وبنيتها وتوازنها عاما بعد عام، وهو ما جعلها تترنح، بل آيلة للسقوط في الطبقة التي دونها "أي الفقيرة ومحدودة الدخل".

أظهرت دراسة متخصصة أن الطبقة الوسطى في المملكة تآكلت وباتت تشكل 29 % من إجمالي عدد السكان حتى العام 2010 مقارنة مع ما نسبته 41 % في العام 2008. يحقق أفراد هذه الطبقة 34.7 % من الدخل ويستهلكون 37.2 % من اجمالي الاستهلاك. الفئة دون الوسطى تشكل الشريحة الأكبر من السكان بنسبة 48.6 % تستهلك حوالي 33.8 % وتحقق 33.1 % من الدخل.

 دول الخليج الفارسي..

الباحثون والمثقفون في دول الخليج الفارسي بدأوا منذ فترة يقرعون نواقيس الخطر من أن الطبقة الوسطى في الخليج الفارسي تتعرض للانحسار، والتلاشي. التنمية غير المتوازنة التي مرت بها المنطقة خلال العقود الماضية لم تحظَ فيها التنمية البشرية بجميع عناصرها التعليمية والصحية بالنصيب الكبير، فكان هناك اندفاع قوي جداً في بناء المشاريع الضخمة والكبيرة ولم يكن مقابلها أو ملازم لها مشاريع بذات الحجم تتعلق ببناء عقل الإنسان وقدراته العلمية والمهنية. لذا أدت هذه التنمية إلى زيادة في عدد الطبقة الثرية والثرية جداً، وزيادة في عدد الطبقة ذات الدخل المحدود أو الفقيرة وكانت الزيادتان على حساب الطبقة الوسطى التي تقلص حجمها. فكما هو معروف، المعيار الحضاري للأمم لا يقاس بعدد أثريائه، إنما يقاس بحجم ونوع طبقته الوسطى الحاضنة لبذور التقدم والنمو.

يقول الباحثون من الصعب تحديد مفهوم الطبقة الوسطى في دول الخليج الفارسي، فأحياناً يجري تحديد المصطلح بالأشخاص المكتفين مادياً ولديهم الاستعداد للتأثير الايجابي داخل المجتمع، لكن يمكن القول إن هذه الطبقة هي الرافعة للقيام بدور تنموي، وخلق حراك حضاري داخل المجتمع، و الطبقة الوسطى في منطقة الخليج الفارسي تعتبر طبقة أو جماعة حديثة التشكل وهي طبقة قد ساهم النفط بشكل كبير في تشكلها، كما ساهم التعليم والاحتكاك الخارجي في بلورة الكثير من أفكارها ومواقفها. تتكون هذه الطبقة من فئات وجماعات شتى قد تجمعها الوظيفة والرتبة الاجتماعية وتعمق من انفصال بعضها عن البعض الآخر حالة التشرذم الفكري والثقافي وربما الاستقطاب المذهبي والقبلي الذي تعيشه.

بلغة الأرقام.. يقاس حجم الطبقة الوسطى في دول مجلس التعاون الخليجي، منها نسبة العاملين الذين تفوق اجورهم الشهرية 70 % من متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، أو الذين تفوق اجورهم الشهرية 70 % من متوسط الرواتب، أو على أساس القطاعات الفنية والمهنية، أو حجم الحاصلين على شهادات جامعية، واخيراً على أساس حصة الانفاق على الترفيه والادخار من مجموع الانفاق الشهري.

وفي رأي دراسة اقتصادية، انه كلما كان قياس الطبقة الوسطى مبنيًا على أرقام الدخل الحقيقية اقترب من المصداقية بصورة أكبر. ولذلك، تم وفقًا لهذا المقياس الاستعاضة عن نصيب الفرد من الدخل القومي بمتوسط الرواتب والأجور، وباستثناء الكويت التي يتضح أن متوسط الرواتب والأجور أعلى من نصيب الفرد من الدخل القومي؛ فقد أدى اعتماد هذا المقياس إلى ارتفاع الطبقة الوسطى في البحرين وسلطنة عمان من 20 % ليتراوح ما بين 26 و 27 %، بينما ارتفع في الإمارات من 35 % إلى 40 %، وارتفع في السعودية من 12 % إلى 34 %. بينما ظل في الكويت على حاله اي 33 %.

مصر..

التي تشهد أكبر تراجع للطبقة المتوسطة على مستوى العالم منذ بداية الألفية وحتى العام الماضي، بحسب بيانات بنك كريدي سويس المتخصص في تقدير الثروات، وتبدو هذه الطبقة معرضة لمزيد من التدمير نتيجة الإجراءات التقشفية التي تبنتها الحكومة هذا العام في إطار برنامج "الإصلاح الاقتصادي" الذي تبنته، وحصلت بموجبه على مجموعة من القروض الدولية.

تقلصت الطبقة المتوسطة في مصر بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 مليون شخص بالغ في عام 2000، إلى 2.9 مليون بالغ في 2017، يمثلون الآن 5% فقط من إجمالي البالغين، ويستحوذون على ربع ثروة المصريين.

تنافس مصر على صدارة العالم في تدمير الطبقة المتوسطة 4 دول، وهي الأرجنتين واليونان وروسيا وتركيا، بحسب تقرير كريدي سويس، لكن معدلات تآكل الطبقة المتوسطة في الدول الأربعة مازالت بعيدة عن الحالة المصرية، بفارق ملحوظ يصعب تضييقه خاصة بعد الإجراءات التقشفية الأخيرة في مصر.

السودان..

تُقدر الطبقة الوسطى في السودان بحوالي 32،1% من السكان. وذلك بفعل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي هددت وجود تلك الطبقة وتنذر باحتمال تآكلها وتراجعها إن لم يكن اختفاؤها تمامًا.

هناك دلائل كثيرة تشير إلى تدهور أوضاع هذه الطبقة في السودان، منها التغيرات الاقتصادية التي أدت إلى ازدياد البطالة وقلة فرص العمل وتدهور الأجور رغم ارتفاع تكاليف المعيشة والتصاعد الرهيب في أسعار الضرورات الأساسية وتضخم الديون إلى جانب تراجع القيم التي كانت تحملها تلك الطبقة طيلة العقود الطويلة السابقة وزحف سلوكيات وأنماط جديدة من قيم وأخلاقيات كانت تعتبر منبوذة من المجتمع ككل لارتباطها بمواقف وأفكار مرفوضة تتآلف كلها الآن ضد تماسك هذه الطبقة وتمثل مصدرا خطيرا يهدد كيانها واختفاء ملامحها الأساسية ومقومات وجودها.

ليبيا..

بعد أحداث شباط 2011 شهدت ليبيا تغيرات جذرية، ليس في أوضاعها السياسية فحسب بل طالت كل مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما طال أيضا التركيبة المجتمعية وأحدث تآكل الطبقات، وفي هذا السياق الذي نتناول فيه الطبقة الوسطى وتغيراتها، فإنها تعد الأكثر تأثرا، وبالتالي الأكثر تأثيرا باعتبار وضعها بمثابة وحدة قياس استقرار وتفاعل المجتمع، حيث يتفق المختصون أن ما جرى في ليبيا لاسيما بعد ثلاث سنوات من أحداث شباط 2011 جاء على حساب الطبقة الوسطى بتعرضها لحالة من التآكل والاضمحلال، وصاحب ذلك توسع ونمو في الطبقتين الدنيا والعليا، وذلك بزيادة تحول أعداد كبيرة من أفراد الطبقة الوسطى إلى الأدنى نتيجة تفشي حالة الفقر الناتج عن انحدار مستوى دخل الفرد في ليبيا، بالنظر للزيادة المضاعفة في أسعار السلع والمواد الأساسية، وثبات المرتبات والأجور، وغياب السيولة، وانخفاض قيمة العملة المحلية، كما ساهم في ظهور عدد جديد من الأغنياء من قادة المليشيات، وبعض المستفيدين من مغانم الحروب زاد من عدد الطبقة العليا.

موارد البلاد اليوم بالكاد تكفي لدفع رواتب موظفي الدولة الليبية، فيما كان دخل الفــرد في ليبيا السنـوي قبـل الأحداث يقدر بـ11 ألف دولار، بما يضـــع هذا البلد ضمن الدول المتوسطة في العالم التي يبلغ فيها الدخــل الفردي مستوى عاليًا نسبيًّا.

دول المغرب العربي..

"ليست غنية لدرجة تسمح لها بالعيش دون خوف من الظروف الاقتصادية التي تمر بها، ولا هي فقيرة لتستفيد من المنح التي تخصصها الحكومة للفقراء" ذاك هو التعريف الذي يضعه أستاذ الاقتصاد الاجتماعي في جامعة باجي مختار في الجزائر، سعيد بربيش لـ "الطبقة الوسطى" في المغرب العربي ، التي تمثل 52% من سكان البلاد التي ومع اشتداد وقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، ظهرت بوادر تآكل طبقتها الوسطى من موظفين ومعلّمين وأطباء وغيرهم، ما اعتبره خبراء الاقتصاد ناقوس خطر حول انحدار هذه الطبقة نحو " الفقر".

في الجزائر، عاشت الطبقة الوسطى سنوات "وردية" منذ 2010 حتى 2014 تميزت برفع أجور عمال القطاع العمومي وإقرار زيادة في الحد الأدنى للرواتب، إلا أن هذه الشريحة من المجتمع أضحت تعيش حاضرا يتميز بتدهور قدرتها الشرائية جراء تهاوي قيمة الدينار وارتفاع الأسعار، ما قد يغير تركيبة المجتمع الجزائري إذا استمر الحال على هذا الحال. وكان البنك الأفريقي للتنمية قد كشف في دراسة له أجراها سنة 2013 أن 27% من الطبقة الوسطى في الجزائر باتت مهددة بالفقر.

أما في المغرب، فيعتبر وزن الطبقة الوسطى دون المكانة التي تتمتع بها هذه الطبقة في بلدان ناشئة أخرى، حيث تمثل في المتوسط نسبة 44% من السكان. واعتبر البنك الدولي أن 15% من الأسر المغربية فقط، تنتمي للطبقة الوسطى، إذا ما أخذ بعين الاعتبار معيار دخل شهري في حدود 1000 دولار. تونس، سجلت تراجع نسبة الطبقة الوسطى  من 81 % سنة 2005 إلى حدود 63.4 % سنة 2017.

في سورية..

معدل التضخم الذي وصل إلى نسبة 510 % عام 2016، وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، وكافة ظروف الحرب، أبقت دمشق الأرخص إقليمياً، وفق مؤشر مستوى المعيشة الاقتصادي العالمي (expatistan).

لكن الكارثة في سورية، هي تدني الأجور، والفجوة بين الدخل الشهري للمواطن والأسعار، فآخر الاحصائيات حسب المكتب المركزي للإحصاء في سورية كشفت أن متوسط دخل الأسرة السورية يجب ألا يقل عن 250 ألف ليرة سورية (ما يعادل 500 دولار أميركي) وهو الرقم الذي لا تحصل على أقل من نصفه حتى أغلب العائلات السورية اليوم، فمتوسط الدخل في سورية حسب النسخة الأخيرة من مؤشر "Numbeo" لمتوسط الراتب الشهري في العالم لسنة 2017، عن متوسط الرواتب في بلدان العالم العربي، وضعتها "سورية" في ذيل القائمة، بمتوسط دخل لا يتجاوز 50 دولار شهرياً.

الطبقة الوسطى كانت تشكل نسبة بين 60 و80% من تركيبة السكان في سورية، وهي نسبة متقاربة مع الدول المماثلة في النمو بالمقارنة بين مستويات الأسعار، ضمت الأطباء والمحامين والموظفين والصحفيين والفنانين وغيرهم من المختصين وخرج من هؤلاء أهم الشعراء والأدباء والكتاب والمبدعين والسياسيين وغيرهم من الشخصيات المميزة وشكل هؤلاء منارات للأجيال اللاحقة.

في 2017 تضررت الطبقة الوسطى ووقعت في المستويين الفقر المدقع والمستورين وتراجع الدخل القومي 60% وارتفعت الأسعار 700% وتغيرت حاملة التنمية وركيزة الاستقرار وظهرت أشكال اجتماعية اقتصادية جديدة وركبت موجة الحرب والأزمة واتخذت صورة الكسب غير المشروع جراء الاحتكار إضافة إلى أعمال الخطف والسرقة والتسلط التي قامت بها المجموعات التكفيرية.حسب المعيار العالمي الذي حدده البنك الدولي فان  85% من السوريين يعتبرون  فقراء.

ختاماً، الطبقة الوسطى هي التي تتوسط هموم الطبقتين الاُخريين، إذ "تنحدر الطبقة العليا الثرية نحو الخمول الفكري وهي تنغمس في تعظيم الربح وتراكم راس المال، في حين تكابد الطبقة العمالية والفقيرة هموم العيش وضعف قدرتها على بلورة مطالبها".

الطبقة الوسطى هي من أكثر الطبقات قدرة على بلورة أفكارها وتنظيم مطالبها وصياغة حركتها في الحراك السياسي، وان الرخاء النسبي الذي تتمتع به الطبقة الوسطى يمنحها الاستقلال والاستقرار في الحراك الاجتماعي وقيادته، كما ان مقوماتها التعليمية وبنيتها الثقافية مكّنها من ان تطرح نفسها كطبقة متخصصة قادرة على قيادة التنظيمات في ظل النظام المدني".

هذه المعطيات يجب أن تدفع الحكومات العربية إلى النهوض واتخاذ خطوات جادة في سبيل التصدي لهذه المخاطر والمتمثلة في إيجاد آليات لمكافحة الفقر والتراجع عن السياسات الاقتصادية الخاطئة ومحاربة الفساد بكل أشكاله قبل أن نصل إلى مرحلة تصعب فيها المعالجة ونصل إلى نقطة اللاعودة.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الأقتصاد
أهم الأخبار الأقتصاد
عناوين مختارة