أقبيق لـ"تسنيم": بعثة الكيميائي ارتكبت انتهاكات وسوريا فضحت الفبركات بالشهود

أقبیق لـ"تسنیم": بعثة الکیمیائی ارتکبت انتهاکات وسوریا فضحت الفبرکات بالشهود

تواصل الدول الغربية محاولاتها لـتسييس عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد توسيع صلاحياتها، تلك المنظمة التي تشهد حالياً انقساماً كبيراً بعد التصويت على القرار البريطاني، في الوقت الذي حملت فيه موسكو كلاً من واشنطن ولندن مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المنظمة.

خاص / تسنيم || الخبير في القانون الدولي الإنساني المحامي محمد نعيم أقبيق،في حوار خاص مع وكالة تسنيم الدولية، علق على آخر التطورات حول ملف بعثة المنظمة ومواقف باريس ولندن وواشنطن الرامية إلى تسيس هذا الملف.

وأكد أقبيق أنه أذا أردنا أن نفهم أهداف هذه المنظمة ولماذا أنشأت وهل هي مسيسة، يجب علينا العودة إلى عام 1993 عند توقيع اتفاقية استحداث وتصنيع وتخزين ونقل الأسلحة الكيميائية باتفاقية باريس، هذه الاتفاقية نصت في المادة الثامنة على إحداث منظمة لتتابع أعمال الاتفاقية وتسهر على تطبيقها، وتقيّم مدى امتثال الدول الأعضاء ببنودها، طبعاً هذه المنظمة لها مجلس تنفيذي ولها جمعية عامة وإدارة فنية، الإدارة الفنية هي المسؤولة عن تحقيق عنصر الشفافية.

وأضاف أقبيق: "لاحظنا مؤخراً أن الدول الأوروبية وواشنطن تسعى أن تحوّر عمل هذه المنظمة ليتجاوز دور التحقيق"، فعمل المنظمة اليوم يكمن في جمع الأدلة ومن ثم عرضها على جهة قضائية أو على جهة أعلى، أي أن الوكالة عملها فني، ترسل بعثتها للتحقيق في الأدلة وأخذ العينات حسب بروتوكول الاتفاقية، ثم تعرضها على المجلس التنفيذي الذي بدوره يحيلها إلى مجلس الأمن أو إلى الجمعية العامة، لكنها لا تتخذ القرار ولا تلقي أي مسؤولية على أحد، وبالتالي مهمتها جمع الأدلة فقط، مشيراً إلى أن الخبراء هنا ملزمون في المادة الثامنة - الفقرة 46 ألا يتلقوا تعليمات أو توجيهات من أي جهة كانت خارجة عن المجلس التنفيذي، فيما تسعى الدول التي تم ذكرها سابقاً  إلى توسيع صلاحيات هذه المنظمة لتجاوز مجلس الأمن، لأن مجلس الأمن استخدم فيه الفيتو العادل من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين ثلاث مرات"، مضيفاً: "طبعاً تناسوا الـ 79 مرة التي استخدم فيها الفيتو لحماية الكيان الصهيوني، لكن اليوم كون روسيا استخدمت الفيتو العادل الصادق لـ 3 مرات، فهم يريدون أن يتجاوزوا مجلس الأمن وصلاحياته، ويعطوا الحكم وتنفيذ العقاب من خلال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".

انتهاكات وأخطاء..

يضيف الخبير في القانون الدولي الإنساني أن "البعثة ارتكبت أخطاء فادحة في تعاطيها مع الملف السوري، لا سيما إذا أردنا أن نذكر الأخطاء المهنية الكثيرة، فأولاً: إن زيارتها للمكان لم تستمر سوى 17 دقيقة ونصف، لم تستمع خلالها إلى شهادات أهالي الغوطة الشرقية، وكان واضحاً تماماً أن قدوم البعثة ليس مسيسا فقط، بل إن تقريرها معدّ بشكل مسبق، وبالتالي الزيارة كانت شكلية". هذه الثغرة الأولى.

أما الثغرة الثانية: أن ما قامت به البعثة يسمى "تحقيق موقعي بالتحدي" المذكور بالمادة التاسعة من الاتفاقية التي وقعت عليها سورية بتاريخ  27 أيلول عام 2013، إجراءات التحقيق لم تكن نزيهة وعلمية ومنضبطة مع أحكام الاتفاقية، لأنه يجب أخذ العينات وتقسيمها حسب بروتوكول الملحق إلى 3 أجزاء، جزء يعطى للدولة التي يحقق على أراضيها، وجزء يذهب إلى مخابر لاهاي، وجزء يذهب إلى مخبر حيادي، يتم اختياره في دولة ما، كل تلك الخطوات لم تقوم بها البعثة، ولم تعط سورية نسخة من العينات".

الحلفاء تصدوا ..

يضيف أقبيق: "سورية وحلفاؤها وخصوصاً الحليف الروسي، حاول فضح الإدارة الأميركية والدول الأوروبية الشريكة ببدعة الكيميائي، عبر إرسال شريحة من أهالينا في الغوطة الشرقية مع ذويهم للإدلاء بشهاداتهم في لاهاي، وذلك  لإيصال رسالة مفادها أن "هذه السيناريوهات المفضوحة أصبحت بالية"، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية عودتنا دوماً على الفبركة وتلفيق الأكاذيب، فنحن لا ننسى كولن باول عام 2003 الذي اعترف بكذبته، والمحامي عندما يعترف بكذبه، لا تقبل شهاداته في المحافل الأخرى، إضافة إلى أننا نؤمن بعقلية وأخلاق الجيش العربي السوري والقوات الرديفة، ونؤمن أنه من المستحيل أن يرتكب أي جريمة باستخدام غازات خانقة أو أي جريمة حرب، لكن في المقابل نعرف عدونا ونعرف ثقافته ولدينا تجارب عما قام به في العراق وفي فلسطين المحتلة.

التسييس في الميدان أيضاً..

ويقول أقبيق حول عمل البعثة على أرض الواقع: "اللجنة حتى الآن لم تتقدم بتقريرها المكلفة به من قبل المجلس التنفيذي، هناك نقطة أريد ان أشير إليها، أن الآلية المشتركة للتحقيق على قرار 1540 وما بعده من القرارات كالـ 1810 أو 2055 الذي صدر عام 2012 ومدد ولاية اللجنة المشتركة للتحقيق لعام 2020، لا يوجد آلية مشتركة اليوم، فقط منظمة حظر الأسلحة التي، استناداً إلى المادة التاسعة، أرسلت بعثة للتحقيق، ويبدو أن هناك تسريبات بأن تقرير البعثة - الذي نحن أصبحنا متيقنين بأنه كان قد أعد سلفاً - سيقدم إلى المنظمة خلال أيام، بمضمون الإدانة الواضح تماماً والتي كما قلنا أنها باطلة، لأنهم لم يجمعوا الأدلة بموضوعية ولم يسمعوا الشهود".

ويضيف أقبيق: "يحب على اللجنة الاستماع إلى شهادات أهالي الغوطة، هذا موضوع قانوني بحت، فأنتم لجنة مكلفة بالتحقيق حسب أحكام المادة التاسعة، ونحن من حقنا الاعتراض على القرار، ليعاد تشكيل لجنة أخرى موسعة، لأن موضوع الشهود، هام وضروري، ويجب الاستعانة به، فالأصدقاء الروس أخذوا بعض الأشخاص الذين سجلت إفاداتهم من يسموا "أصحاب الخوذ البيضاء" وتبين لاحقاً استناداً لشهاداتهم أن تلك التسجيلات مفبركة، وأصرت أن يصطحبوا معهم ذويهم، تفادياً للأقاويل التي تقول أن أهالي الشهود موقوفون لدى الدولة السورية في دمشق، فأتوا ليدلو بشهادة باطلة ليفرج عنهم".

وأكد أقبيق أن سورية وقعت على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وهذا ما جاء في اجتماع المجلس التنفيذي عام 2014، وهو موثق وموجود، وبالتالي إذا وجد سلاح كيميائي في الغوطة فمن المعروف من الذي امتلكه ومن استخدمه، مضيفاً: "الأصدقاء الروس منذ أيام، بينوا لهم بالعين المجردة، هذه المواد كيف صنعت ومكان وجودها، داخل مستودعات المجموعات الإرهابية، وروسيا طرف عادل ليس من وجهة نظر الدولة السورية، بل من وجهة نظر القانون، لأنها لم تخالف القانون".

الهدف فضحته حماقة ترامب..

أشار أقبيق إلى أن كل ما قامت به أميركا والمخابرات البريطانية في هذه العملية، هو محاولة لإعادة اصطفاف الدول الأوروبية التي بدأت تميل إلى روسيا وإيران والاتفاق النووي 5+1، وبدأت تعلن أنها لا ترغب بالانسحاب من الاتفاق، فكيف يتم إعادتها للاصطفاف إلى جانب الأميركي؟.

ويكون الجواب: يتم إعادتها عبر افتعال جريمة كيميائية قامت بها روسيا في لندن مع شخص يحمل الجنسية البريطانية من أصل روسي، لكن حماقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فضحت المخطط، فخروجه من الاتفاق النووي 5+1 وخروجه من اتفاقية الجات GATT، كان قد أفشل المخطط.

في الختام..

هذا التقرير في حال صدر عن المنظمة سيذهب إلى مجلس الأمن كما قلنا، وفي مجلس الأمن الأصدقاء الروسي شرحوا الأدلة عبر مؤتمرات صحفية وعبر إرسال الرسائل إلى معظم دول العالم، وبالتالي أي إدانة لسورية في مجلس الامن ستقابل بالفيتو العادل من الحلفاء.

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة