اغتيال خاشقجي جريمة العام وفضيحة مدوية للمخابرات السعودية

اغتیال خاشقجی جریمة العام وفضیحة مدویة للمخابرات السعودیة

أبى عام 2018 ان يرحل دون أن يسقط مزيدا من أوراق التوت عن جسد النظام السعودى الغارق حتى آذانه فى التآمر والقتل والتخريب فى دول الجوار؛ ليكشف المزيد من ملامح الوجه البشع للنظام ومراوغاته وعدم احترامه للمواثيق والتعهدات الدولية.

فهكذا تورطت السعودية فى جريمة وحشية جديدة جسدها اغتيال الاعلامى السعودى جمال خاشقجى بعد استدراجه الى قنصلية بلاده فى تركيا يوم الثانى من أكتوبر الماضى؛ ليستيقظ العالم على وقع جريمة بشعة ارتكبت بدم بارد يندى لاسلوب تنفيذها جبين الانسانية؛ لتضاف الى سجل المملكة الأسود فى انتهاكاتها لحقوق الانسان وتأزيمها للعلاقات الدولية وتآمرها على الأشقاء والأصدقاء؛ وهو ما كشفته قيادة الرياض للحصار الجائر على قطر للشهر التاسع عشر على التوالى؛ تحت دعاوى باطلة ما زالت تفتقد الى الصدق والشفافية؛ مما أحرج المملكة وبقية فريق الحصار أمام المجتمع الدولى..

جريمة ذبح خاشقجي، الكاتب والصحفي والمستشار السياسي ورجل المهمات الخاصة احيانا للنظام السعودى، تشكل بلا شك واحدة من اكبر الفضائح الاستخباراتية التى مٌنى بها النظام السعودى على مدى قرن كامل؛ فاسلوب ارتكابها البشع بما بين الحقن والتخدير ثم القتل والتقطيع واخفاء الجثة على يد كتيبة اعدام سعودية شاهد العالم صورهم وشهد بخستهم ونذالتهم؛ وتداعياتها ما بين المراوغة والكذب والتضليل الصادرة من الرياض تشى بان النظام فى المملكة قد فقد عقله السياسى وضميره الانسانى فى آن واحد..!!

وأمام تلك الجريمة بما تحمله من بشاعة واهانة للانسانية فانها يجب ألّا تحجب أسبابها وخلفياتها، وتداعياتها السياسية والإعلامية، على صعيد عالمي. ردود الفعل العالمية الشاجبة للجريمة، التي يتضمن بعضها هجوماً حاداً على النظام السعودي لا مثيل له منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 من أوساط سياسية نافذة ووسائل إعلام واسعة التأثير في الغرب، وصل الى حد الحديث العلني عن رعونة وليّ العهد محمد بن سلمان وعدم أهليته للحكم بعد تقارير عن تورطه فى اغتيال خاشقجى.

الجريمة تطرح عدة تساؤلات

الجريمة ببشاعتها تطرح عديدا من التساؤلات منها هل الرعونة وحدها كافية لتفسير سلوك بن سلمان وفريقه وإقدامهم العلني على قتل خاشقجي في حرم قنصلية بلاده وعلى ارض تركية..؟ هل ذبحوا الرجل لمجرد انه صحفياً أو حتى معارضاً تجرأ على توجيه نقد صريح إلى وليّ العهد وسياساته الداخلية والخارجية مؤخرا، أم دوافع الجريمة أخطر من ذلك بالنسبة إلى من أعطى الأمر بتنفيذها ؟ وهل كانت جريمة قتل صحفي أو معارض عادي للحكم السعودي ستثير عاصفة استنكار عالمية كما يجري حالياً، أم أن الأمر كان سيقتصر على بيانات إدانة من المنظمة الحقوقية وغيرها..؟

الإجابة على ذلك ومحاولة استشراف المآلات المحتملة للأزمة الحالية، تعيدنا إلى السياق العام والواقع السياسى فى المملكة الذي وقعت ضمنه الجريمة، وإلى شخصية الضحية ودورها والمخاطر الناجمة عنه للفريق الذي يحكم السعودية اليوم.حيث كان ولي العهد السعودي قد قفز الى اضواء الحكم وحاول ان يبدو فى صورة الأمير الإصلاحي صاحب المشروع التجديدي لدى قطاعات كبيرة ومؤثرة في النخب الغربية والرأي العام بفضل حملة إعلامية أستنزفت عشرات ملايين الدولارات، جُندت خلالها شخصيات سياسية ومؤسسات إعلامية عريقة كاملة فضلا عن عدد من شركات العلاقات العامة.

وللاسف اعمت ملايين الدولارات اعين غالبية هؤلاء المجندين من الصحافيين والمحللين عن ما يدور من صراعات ساخنة داخل أروقة القصور الملكية؛ كما اصمت آذانهم عن صيحات الاستغاثة وصرخات التعذيب داخل سجون المملكة و جرائم القتل فى اليمن المجاور، حيث شن ذلك "المتدثر بثوب الاصلاح حربه العدوانية المدمرة ليستخدمها كرافعة لتعزيز موقعه في الحكم فوق جماجم الأبرياء.. !!

عملية انقلابية

وفى هذا السياق يؤكد مراقبون أن ولي العهد السعودي إنما نفذ- برعاية والده الملك- عملية انقلابية كاملة غيرت طبيعة النظام السعودي وأسست لشرعية سياسية جديدة تقوم على احتكار قطب واحد داخل العائلة المالكة جميع مقاليد السلطة وصلاحياتها إلى درجة دفعت بعض المحللين والمراقبين إلى الحديث عن نهاية عهد المملكة السعودية وبداية عهد المملكة السلمانية وهو ما أشعل الصراعات داخل البيت السعودى التى جاءت حملة اعتقالات الأمراء والأثرياء لاحقا لتؤجج نيرانها.

وبرأى المراقبين فانه قبل الانقلاب كان نظام الحكم السعودي متعدد الأقطاب إلى حد ما، فى ظل وجود أمراء نافذين على رأس مختلف المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية للدولة واشتراكهم في عملية صنع القرار السياسي ومن بين هؤلاء أمراء لعبوا أدواراً حاسمة في السياسة الخارجية والأمنية للمملكة، كتركي الفيصل ومحمد بن نايف ومقرن بن عبد العزيز وسعود الفيصل. لكن لم يتورع ولي العهد عن اعتقال مجموعة كبيرة من الأمراء ورجال الأعمال المرتبطين بهم.

وكان من بينهم ومن الشخصيات السياسية التي تتمتع بعلاقات عضوية مع بعض الأقطاب السابقين للحكم وتعذيبهم وإهانتهم لانتزاع ولائهم والسطو على قدر كبير من ثرواتهم. وفى ذات هذا السياق جاءت عملية اختطاف سعد الحريرى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. كما يمكن فهم مغادرة خاشقجي للمملكة واللجوء إلى امريكا والمباشرة بالنقد العلني لسياسات الفريق الحاكم الجديد ضمن تلك المعطيات الجديدة.

أبرز محطات الجريمة

ونذكر هنا بأبرز محطات جريمة اغتيال خاشقجي من الانكار إلى الاعتراف والتى مازالت تداعياتها تتفاعل إقليميا ودوليا.

 2 أكتوبر.. دخل خاشقجي قنصلية بلاده في اسطنبول للحصول على وثيقة رسمية للزواج من التركية خديجة جنكيز. ومرت ساعات وخطيبته تنتظر خارج القنصلية دون أن يخرج فاتصلت بصديقه ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وأبلغته بالوضع.

 3 أكتوبر.. أعلنت تركيا أن المعلومات التي لديها تفيد أن الصحفي السعودي مازال في قنصلية بلاده

 4 أكتوبر.. القنصلية السعودية في إسطنبول تصدر بيانا يقول ان خاشقجي اختفى بعد خروجه منها.

 5 أكتوبر.. ولي العهد السعودي يقول في تصريحات لوكالة بلومبيرغ إن خاشقجي غادر القنصلية بعد دخوله بدقائق أو ساعة".

6 أكتوبر.. نسبت وكالة رويترز لمصادر أمنية تركية القول إن تقييمها الأولي للقضية يشير إلى أن خاشقجي قتل داخل القنصلية.

 7 أكتوبر.. نسبت تقارير صحفية لمصادر أمنية تركية إن جثة خاشقجي قطعت على الأرجح ووضعت في صناديق لنقلها خارج القنصلية.

 8 أكتوبر.. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعرب عن قلقه من اختفاء خاشقجي.

 9 أكتوبر.. نشرت صحيفة واشنطن بوست صورة لخاشقجي وهو يدخل القنصلية والسلطات السعودية توافق على السماح للمحققين الأتراك بتفتيش القنصلية.

 10 أكتوبر.. نشرت وسائل الإعلام التركية صور 15 سعوديا ثبت تورطهم بالحادث.

 11 أكتوبر.. صحيفة واشنطن بوست تقول إن الحكومة التركية أبلغت مسؤولين أمريكيين أن لديها تسجيلات تثبت قتل خاشقجي وتقطيع جثته في القنصلية.

 12 أكتوبر.. وزير الداخلية السعودي عبد العزيز بن سعود ينفي الاتهامات الموجهة لبلاده بقتل خاشقجي.

 13 أكتوبر.. الرئيس ترامب يتوعد السعودية بعقاب شديد لو ثبت تورطها في قتل خاشقجي.

 14 أكتوبر.. رفضت السعودية "التهديدات" السياسية والاقتصادية، الموجهة لها بسبب اختفاء خاشقجي

 15 أكتوبر.. ترامب يقول إن "قتلة مارقين" ربما وراء مقتل خاشقجي.

 16 أكتوبر.. التقى وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو في الرياض بولي العهد السعودي.. وقال بومبيو عقب محادثاته: "إن القيادة السعودية تنفي بشدة أي علم لها بما جرى في اسطنبول".

 17 أكتوبر.. ترامب يعلق على الاتهامات الموجهة للقيادة السعودية قائلا "مرة أخرى نجد أنفسنا أمام موقف أنت مذنب حتى تثبت براءتك"

 18 أكتوبر.. نشرت صحيفة "واشنطن بوست" آخر مقال لخاشقجي والذي جاء تحت عنوان:" أمس ما يحتاجه العالم العربي هو حرية التعبير" وباللغتين العربية والانجليزية.

 19 أكتوبر.. نفى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن تكون سلطات بلاده سلمت أي تسجيلات بشأن القضية لأي طرف آخر، بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي.

 20 أكتوبر.. قال النائب العام السعودي إن التحقيقات الأولية أظهرت وفاة خاشقجي في القنصلية السعودية وان"المناقشات التي تمت بينه وبين الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مما أدى إلى وفاته". وتزامنا مع إعلان النائب العام، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أوامر ملكية بإعفاء أحمد عسيري نائب رئيس المخابرات السعودية من منصبه.

 21 أكتوبر.. ترامب يقول إنه "غير راض" عن الرواية السعودية التي تفسر مقتل خاشقجي.

بريطانيا وفرنسا وألمانيا يطالبون الرياض بكشف ملابسات موت خاشقجي في قنصليتها باسطنبول، ودعم روياتها بحقائق "موثوقة".

ترامب يتهم السطات السعودية بالكذب بشأن خاشقجي.

 22 أكتوبر..صحيفة يني شفق التركية تقول إن مسؤولا أمنيا سعوديا أُرسل إلى إسطنبول قد اتصل برئيس مكتب الأمير محمد بن سلمان "أربع مرات" بعد تنفيذ عملية القتل.

 23 أكتوبر..قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إن المملكة"تمر أزمة" وسط استياء دولي بسبب قضية قتل خاشقجي. وجاءت كلمة الفالح خلال مؤتمر استثماري أقيم في الرياض قاطعه كثير من رجال الأعمال ورؤساء شركات عالمية ومسؤولون.

أسوأ عملية تستر

 الرئيس يدعو إلى محاكمة 18 مشتبهاً سعودياً في اسطنبول، وقال "كل أولئك الذين لعبوا دورا في جريمة القتل" يجب أن يعاقبوا.. وقال إن جريمة القتل "خُطّط" لها قبل تنفيذها بأيام، وطالب بالكشف عن المسؤول الذي أعطى الأوامر إلى الفرقة المكونة من 15 شخصا المشتبه بهم في الجريمة.

تهكم الرئيس الأمريكي على رد السعودية، ووصفه بأنه "أسوأ عملية تستر" في التاريخ. وقالت واسنطن إنها ألغت تأشيرات دخول كل الضالعين في حادث القتل. وطال الإجراء الأمريكي 21 سعوديا. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: "تلك العقوبات ليست الكلمة الأخيرة للولايات المتحدة بشأن هذه القضية.

المصدر: بوابة الشرق

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة