الدكتور نجفي أسد اللهي.. شخصية أدبية بارزة في التأسيس للغة الضّاد في ايران

الدکتور نجفی أسد اللهی.. شخصیة أدبیة بارزة فی التأسیس للغة الضّاد فی ایران

على مدى نصف القرن الماضي، كان الدكتور سعيد نجفي أسد اللهي كما الشّجرة الطيّبة التي غذّاها بمعين عشق تعلّم العربية وأرخت ظلالها وفيئها على كل من سعى في سبيلها في كل أنحاء إيران.

وكالة تسنيم الدّوليّة للأنباء؛ حسن رستمي- خرج الدكتور سعيد النجفي أسد اللهي إلى الحياة عام 1939 في العاصمة العراقية بغداد، ويعد علمًا إيرانيًا لامعًا على الصّعيد الأدبي واللغوي. تدرج في دراسته الابتدائية في مدرستي "أمير مغزي" و "أدب واميدي" بين عامي 1946 و 1951، بينما أكمل دراسته المتوسطة والثّانوية في ثانوية طهران العلمية بين عام 1952 حتى عام 1957.

ظهر شغفه للغة العربية منذ نعومة أظافره حيث كان بدأ تعلّمها في معهد دار العلوم العربية، وزاد رصيده من لغة الضاد بينما كان ينهل من عذبها خلال الحلقات التّعليمية التي كان يقيمها والده. حاز الأديب الإيراني على شهادة الدكتوراة من قسم اللغة والأدب الفارسي في جامعة طهران عام 1963، ومارس بعدها مهنة تدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة العلامة الطباطبائي حيث شغل منصب رئيس القسم لسنوات عديدة.



كان والده الشّيخ أحمد نجفي من أسس معهد دار العلوم العربية في طهران حيث عمل الدكتور الإبن إلى جانب أبيه لسنوات مديدة. وبعد تقاعده من مهنة التدّريس في الجامعة، تفرّغ الدكتور نجفي إلى تعليم اللغة العربية في معهد دار العلوم العربية حيث يواظب على عمله هذا حتى اليوم إلى جانب الأبحاث التي يجريها في مؤسسة "لغتنامه دهخدا" (قاموس اللغة الفارسية).

ساهم الدكتور سعيد نجفي أسد اللهي إلى جانب غيره من المؤلفين في تدوين قاموس اللغة الفارسية "دهخدا" حيث كان نصيبه قسمًا من الكلمات التي تبدأ بالحروف التّالية: "ب"، "د"، "ع" و "م"، بينما يواصل جهوده في تطوير هذا القاموس. إلى جانب مشاغله العديدة، يتبوأ الدكتور المسؤولية الإدارية لقسم اللغة العربية في جامعة العلامة طباطبائي.



جهود هذا الأدبي واللغوي اللامع امتدت خارج إطار الكلمة وتنظيمها في معاجم اللغة، لتشمل قواعد اللغة الفارسية والعربية كما قام بتعريب وتفريس المناهج بين اللغتين الفارسية والعربية حيث سطّر هذه الجهود ضمن العديد من المؤلفات والآثار.

إذا ما أردنا ذكر بعض إنجازات الدكتور سعيد نجفي أسد اللهي على سبيل التّعداد لا الحصر يمكن تسليط الضوء على: مساهمته في تأليف معجم دهخدا اللغوي، مساهمته في وضع منهجية جديدة للدروس المعطاة في دار العلوم العربية، مشاركته في تأليف كتب اللغة العربية التي تلقن للطلاب في المدارس الإيرانية بين عامي 1976 و2009، ترجمته لرباعيات عمر الخيام إلى العربية، مساهمته في تأليف كتاب "مائة قاعدة وقاعدة"، مشاركته في تأليف معجم الفريد (فارسي – عربي) ومعجم دستور الاخوان (عربي – فارسي و فارسي - عربي) إلى جانب العديد من المساهمات والمؤلفات باللغتين العربية والفارسية.

تتلمذ الدكتور نجفي أسد اللهي على يد جهابذة من أساتذة وعلماء اللغة البارزين والمشهورين في إيران كالعلامة "دهخدا" (صاحب أكبر موسوعة لغوية فارسية)، محمد معين(أديب إيراني متخصص في الأدب الفارسي والدراسات الإيرانية)، بديع الزمان فروزانفر(أديب وشاعر إيراني)، جلال الدين همائي(مؤلف وأديب وأكاديمي إيراني) وذبيح الله صفا (أديب إيراني، مختص بالدراسات الإيرانية).

عاصر الدكتور نجفي العديد من الشّخصيّات البارزة كالعلامة دهخدا، محمد معين وسيد جعفر شهيدي(باحث بارز في اللغة والأدب الفارسي)، حسن انوري(مؤلف قاموس "سخن" الكبير)، علي اشرف صادقي(عالم لغوي ايراني)، والشهيدين باهنر(رئيس وزراء إيران عام 1981) وبهشتي (رئيس السلطة القضائية في ايران عام 1981).

 

لا يزال الدكتور نجفي المشرف على معهد دار العلوم العربية وقسم اللغة والأدب العربي في جامعة العلامة الطباطبائي كما يُعدّ مؤسس المنهجيّة الجديدة في تدريس اللغة والادب العربي في ايران. كما يرأس الدكتور نجفي تحرير المجلّة الفصليّة "دراسات ترجمة القرآن والحديث" التابعة لكلية العلوم الانسانية في جامعة "تربيت مدرس" كذلك ينشط كعضو في لجنة تحرير المجلة الفصلية "أبحاث الترجمة العربية في اللغة والادب" التابعة لجامعة العلامة الطباطبائي وهو عضو أيضا ضمن اللجنة المؤسِّسة للإتحاد الإيراني للغة والأدب العربي.

أشرف الدكتور نجفي على العديد من رسائل التّخرّج العلمية التي ينجزها الطّلاب الإيرانيين نذكر منها: الإتجاه القومي في أدب أعلام المهجر الشمالي، أثر الأدب الفارسي في تطور الأدب العربي، أدب الفكاهة، أساليب الترغيب والترهيب في القرآن الكريم، أشعار ديوان شمس التبريزي العربية، الأشعار العربية في كليلة ودمنة، الإضافة في العربية والفارسية، الأمثال المشتركة بين الفرس والعرب، الترجمة في العصر العباسي، التشبيه في نهج البلاغة، تطور الأدب العربي على أيدي الإيرانيين وغيرها الكثير من الرسائل العلمية.

تقف الكلمات عاجزة عن إيفاء الدكتور نجفي حقه، والحقيقة تُقال إن اللغة التي أفنى عمره في تعلّمها وتعليمها هي أبلغ من يرد جميله ولا يرقى حبر بعض الحروف التي نسطرها إلى عظيم إنجازاته.

كمن يغرف ماءًا من البحر، هو الذي يتناول أطراف الحديث عن الدكتور نجفي حيث علمه الواسع، وأخلاقه الحسنة وصفاته الجميلة وحياته البسيطة وأناقته السّاطعة، يحمل أوراق لغته كأنها الجذور التي ضربت عميقًا في الأرض وكأن تلك أوراق كثيرًا من أوراق الأشجار شديدة الخضرة تسرّ النّاظرين.



يرفض الدّكتور نجفي فكرة أن يحيل الإنسان نفسه إلى التّقاعد، وهو على كبر سنّه لا يزال يمارس مختلف أعماله يوميًّا بمعدل يُقارب الـ 15 ساعة يوميًّا.

اليوم وبعد خمسين سنة حافلة، فإن معظم الذين يتعلّمون أو قد تعلّمو العربية في إيران خلال هذه الفترة يدينون بشكل أو بآخر للدكتور سعيد نجفي أسد اللهي. تلامذته منتشرين على مدى الجغرافيا الإيرانية وقد أطلقوا عليه لقب الأب، حيث يقصد العديد من هؤلاء الأبناء من جميع أنحاء إيران أبيهم اللغوي كلّما تعطّشوا إلى عذب علمه وجميل أخلاقه.

حاول الدّكتور نجفي من خلال تأليفه العديد من الكتب العربية ومساهمته في منهجية تدريس اللغة العربية في إيران إثبات أن تّعليم اللغة العربية الصّحيح هو الطريق الأكمل أمام الإيرانيين لتعلّم هذه اللغة بحيث لن تبدو لغة الضاد معقدة مقارنة بباقي اللغات بل أبسطها. ومن خلال عمله في الترجمة وتنقيح الكتب، يسلط الدكتور نجفي مرارًا وتكرارًا على حساسيّة وخطورة التّرجمة بين أي لغتين بشكل عام على أنّه عمل أصعب من التّأليف.

"مجيد سميعي" مؤسس المركز العالمي للمخ والاعصاب و افضل جراح مخ في العالم

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة