خاص تسنيم / إستعمار جديد أم فشل آخر المحاولات؟!!

خاص تسنیم / إستعمار جدید أم فشل آخر المحاولات؟!!

هل نحن أمام خارطة إستعمارية جديدة للهيمنة على أراضي الأمة وثرواتها، أم أمام سقوط آخر المحاولات؟!!.

صفقة القرن ليست مشروع تصفية القضية الفلسطينية فحسب، بل هي اتفاقية لإنشاء حلف جديد تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يضم رموز الاستعمار والمال العالمي - الكيان الصهيوني الغاصب، وأباطرة المال في المنطقة - لرسم خارطة إستعمارية جديدة تتقاسم فيها هذه الزعامات أراضي الأمة وثرواتها، يعني؛ سايكس بيكو بثوب جديد، أكثر قذارة وإجحافاً للمنطقة وشعوبها من سايكس بيكو نفسه!!.

المعطيات على الأرض لا تبشر بنجاح المشروع، وهناك تخوف حقيقي من سقوطه وسقوط زعاماته: رموز صفقة القرن المترنحة: ترامب؛ الداعم الرئيس للصفقة التي رسمها صهره كوشنير (الصهيوني أكثر من الصهاينة)، ونتن ياهو، المترنح تحت إتهامات الفساد والمهدد بالسقوط، والتي تلاحقه في كل مكان مظاهرات عارمة، وأمام منزله مصرة على استقالته وتقديمه للمحكمة..

أما على صعيد الفرقاء الآخرين - الذين هم ليسوا أكثر من عملاء وتابعين للمشروع - ونقصد بهم طغاة المنطقة العملاء: بن سلمان، بن زايد، وحمد الخليفة خاصة، فهم في أوضاع لا يحسدون عليها أبداً، فحمد الخليفة يعاني - ومنذ ٩ سنوات ونصف - من مظاهرات ومطالبات إصلاحية وصلت إلى مستوى طلب إسقاطه ونظامه.
وبن زايد، هو الآخر يعاني من خلافات داخلية في جسم حكومة الإتحاد، ويعاني من فشل ذريع لمخططاته في اليمن، إضافة إلى صراعه مع الإخوان المسلمين وقطر..
أما بن سلمان، اللاهث والمستعجل والمستميت للوصول للحكم وبأي ثمن، فهو غارق إلى أم رأسه في وحل حرب اليمن الخاسرة، ومتهم بإغتيال خاشقجي، وتلاحقه المحاكم التركية والأمريكية بعدة قضايا جنائية!!!ناهيك عن إتساع رقعة المعارضة له في بلاد الحرمين والعالم حتى وصلت إلى أوساط عائلة آل سعود، ولا نغفل كره دول المحيط الشديد لشخصيته الدموية الرعناء، وأمور أخرى..!!.

كل ذلك فرض وقعه على الجميع، وعجل في رسم خطة مستعجلة - كما في كل قرارات ادارة ترامب - بهدف إنجاح ترامب لدورة ثانية، لأنه حسب وجهة نظرهم الوحيد القادر على نجاح المشروع وخارطته الجديدة، والذي يتطلب مسألتين مهمتين:
١/ إيجاد نجاحات في السياسة الخارجية لترامب الذي لا يكاد يعرف له أي نوع من النجاحات؛ لا مع الخصوم روسيا، ايران، سوريا، الصين، و..الخ، ولا على صعيد الحلفاء؛ السعودية، مصر، الإردن، أو دول الخليج، والكيان الغاصب، وما شابه، فتم اختيار خطوة إعلان إختراق في جدار مقاطعة العدو الصهيوني: إتفاقية إقامة علاقات رسمية بين الامارات والكيان الغاصب، لعلها تستطيع إنقاذ ترامب ومشروعه الإستعماري الجديد، وتنقذ شريكه في الخطة نتن ياهو..
٢/ ضخ أموال كافية لتمويل حملات ترامب ونتن ياهو، وهذا ما نراه من خلال صفقات التسليح وبيع البضائع والمنتجات المختلفة لتلك البلدان.

ولذلك، فهناك سباق محموم اليوم لتدارك سقوط مشروع صفقة القرن عن طريق الحفاظ على رموز هذا المشروع الفاشل من الأساس، والذي لا توجد فيه مصلحة إلا الى الصهاينة وعملائهم (حكام الخليج) الموعودون بأدوار متقدمة في ليبيا ومصر وسوريا والسودان واليمن وربما العراق، وهذا ما أدى إلى الاعلان المفاجيء لهذه الصفقة، وبروز تناقضات كثيرة في تفاصيلها، ثم ظهور عدم وجود اتفاق لحد الان وانهم سيعملون على صياغتها بعد سفر رئيس جهاز مخابرات الصهاينة إلى الإمارات في الفترة القادمة!!!.
أي: لا توجد خطة بعد، لا توجد بنود واضحة، لا توجد تفاصيل، مما يعني بيع سمك في البحر أو طيور على الشجر، كما تقول الأمثال العامية..

أما عن التداعيات، فهي محدودة جداً، لأن العلاقات بين عملاء الشيطان الأكبر والصهاينة ليست جديدة، والجميع يعلم عنها وعن لقاءاتها السرية والعلنية، الجديد هو الإعلان بهذه الجرأة والوقاحة، وإلا فالعلاقات موجودة، ولا توجد حالة حرب ولا حتى حالة عداء للكيان الغاصب لدى بن زايد وبن سلمان وحمد الخليفة، ولن تكون تجربة دول الخليج أقوى أو أفضل من تجارب؛ مصر، الإردن..

* التطبيع الرسمي مع الصهاينة هل ينقذ هذا المشروع الإستعماري الجديد؟

لا شك أن هناك - وضمن استراتيجية هذه الدول المستعجلة الحمقاء، ولإنقاذ صفقة القرن ورموزه - أن تبادر دول أخرى لإقامة علاقات طبيعية مع الكيان الغاصب، لتثبت هذا الإختراق وتدعمه، وربما تكون أول دولة ستلتحق بالامارات هي البحرين، وبوادر ذلك الإلتحاق تمثلت في: تأييد آل خليفة لبن زايد وخطوته الحمقاء، إضافة إلى أوامر بن سلمان القاضية بأن يكون آل خليفة قبله، ما سيدفعهم للإلتحاق بقطار التطبيع سريعاً..

وهذا ما ظهر جلياً في تحركات آل خليفة في هذا الاطار، واستعجالهم لإظهار الترحيب بخطوة بن زايد واعتبارها خطوة شجاعة في الإتجاه الصحيح لحفظ الحقوق وحل الدولتين، وهذا ما تفرد به حمد الخليفة عن غيره، لأن هذا المعنى غير واضح حتى عند أصحاب الخطة!!.

نعم، آل خليفة تجاوبوا مع اتفاقية الإمارات والصهاينة، وأعلنوا دعمهم وتأييدهم للإتفاقية، بل قال ملكهم: نبارك للإمارات المبادرة الشجاعة من أجل إبقاء حل الدولتين قائماً!!!.
ولا ندري من اين أصبح طعن الفلسطينيين، والأمة العربية والإسلامية في الظهر شجاعة؟!!.
ولا ندري كيف تكون هذه الخيانة الكبرى تحافظ على حل الدولتين غَيرِ المعتقد به أحد؟!!!.

كل ذلك هو بسبب الخوف الشديد - أو اليقين - من عدم نجاح ترامب وسقوط نتنياهو وإحالته إلى المحاكمة.
ولذلك هناك اليوم سباق محموم لحرق المراحل في بلورة وفرض مشروع صفقة القرن لتكون المبرر لنجاح ترامب ونتنياهو وفرض واقع جديد في المنطقة!!!.

وختاماً..
فإن للأعداء جولة، وللمؤمنين دولة، والحرب سجال، يوم لك ويوم عليك، والعاقبة للمتقين، و{الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}..

الشيخ عبدالله الصالح
نائب أمين عام جمعية العمل الاسلامي "أمل".

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة