عدسة الكاميرا تعكس الصورة الحقيقية لمدينة باريس + صور


عدسة الکامیرا تعکس الصورة الحقیقیة لمدینة باریس + صور

فالسائحون الذين يقصدون العاصمة الفرنسية باريس في إطار رحلات سياحية جماعية عادة ما يتم تحذيرهم من الاحتكاك بالسكنة المحليين الذين يعرضون عليهم بيع بعض السلع أو عرض خدمات رفاهية وذلك لأن غالبيتهم لصوص ونشالون.  

العصر الحديث شهد تنامياً سريعاً للمعالم الحضارية والثقافية في العاصمة الفرنسية باريس كما وصفت بأنها مدينة العشاق وأمست حلماً يراود أذهان الشرقيين للهجرة إليها نظراً لانتعاش الاقتصاد فيها، إلا أنها في واقع الحال تحفل بالمتسولين والمشردين الذين تمنعهم السلطات الفرنسية من التنقل في المناطق السياحية.

وأفاد مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء من مدينة باريس في تقرير ميداني أن الكثيرين يعتبرون هذه المدينة بأنها مدينة أحلامهم ويرجون قضاء أمتع الأوقات في أجوائها الرومانسية نظراً لتطور معالمها الحضارية ومراكزها الخدمية بفضل كونها إحدى أثرى المدن الكبرى في قارة أوروبا، بل والعالم بأسره؛ ولكن حينما يتحقق هذا الحلم ويحط السائح رحاله فيها يجد أحلامه قد تبددت وذهبت أدراج الرياح لأن ما تصوره ليس سوى أوهام شاعت على الألسن.

حينما وصلت إلى مطار شارل ديغول الذي يعد أكبر مطار في المدينة وجدت فيه ثلاثة مداخل تجسد الاختلاف الطبقي بكل وضوح، فالأثرياء عادة ما يرتادون المدخل المخصص للرحلات من الدرجة الأولى وهم لا يواجهون أية عراقيل أو صعوبات ولا يحتكون مع عامة الناس أو يشاهدون معاناتهم المادية عن كثب.

وبعد أن دخلت في صالة المطار، شاهدت رجلاً أسود البشرة وشفتاه جافتان حيث توجه مسرعاً نحوي وسألني ما إن كنت أجيد اللغة الإنجليزية أو الفرنسية لكي يتحدث معي، وبعد أن تفاهمت معه طلب مني مساعدة مالية لكي يعود إلى وطنه الأصلي.

خرجت من المطار فوجدت سيارات الأجرة متراصفة خلف بعضها لكن كلفتها في داخل العاصمة تتراوح بين 30 إلى 70 يورو إلا أن المترو أقل تكلفة فثمن التذكرة فيه من 3 إلى 7 يورو وهو يسهل التنقل في شتى أرجاء المدينة، لذلك قررت أن أنزل تحت الأرض وأستقل واسطة النقل هذه.

جلست في المترو فشاهدت سيدة يبدو من شكلها أنها أوروبية الأصول وهي توزع أوراقاً ملونة بين الركاب مدونة باللغتين الإنجليزية والفرنسية ولكن معظمهم لا يكترثون بها ولا ينظرون إلى ما دون فيها وكأنهم قد اعتادوا على هذه الحالة في مجتمعهم.

وأنا بدوري أخذت ورقة وقرأتها، فوجدت فيها: "أنا سيدة مشردة وعاطلة عن العمل ولدي طفلان، أرجوكم أن تساعدوني وأطفالي لكي نبقى على قيد الحياة، أرجو من الله أن يبارك فيكم، وأتمنى لكم يوماً سعيداً، إن أمكنكم فأعينوني بيورو واحد أو اثنين أو حتى تذكرة للعودة في المترو ... مع جزيل الشكر".

وكما هو متعارف فالسائحون الذين يقصدون العاصمة الفرنسية باريس في إطار رحلات سياحية جماعية عادة ما يتم تحذيرهم من الاحتكاك بالسكنة المحليين الذين يعرضون عليهم بيع بعض السلع أو عرض خدمات رفاهية وذلك لأن غالبيتهم لصوص ونشالون.

تجولت في باريس ووصلت إلى المركز السياحي القلب المقدس الواقع في وسط المدينة بمحاذاة مبانيها وأزقتها القديمة، وعندما اقتربت من البوابة الأصلية شاهدت عدداً من الرجال السود المفتولين العضلات وهم يترصدون لكل من يتجول وحيداً ويحاولون ربط عدة أشرطة في رسغ يده على هيئة علم جنوب أفريقيا وبعد ذلك يطلبون منه أن يدفع عشر يوروهات، ثم يأتي شخص آخر فيعترض طريقة ويطلب منه عشرين يورو ثم أربعين يورو ليسمح له بدخول البوابة، ولو خالفته لاستشاط غضباً، لذلك حاولت إعطاءه ورقة من فئة يورو واحد لكي أنجو منه لكنه رفض ذلك والشرر يتطاير من عينيه.

وقد أخبرني أحد المرشدين السياحيين أن السائحين فور إخراج حقائب نقودهم من جيوبهم ينتشلها هؤلاء اللصوص ويلوذون بالفرار، لذا أوصاني بعدم حمل الكثير من الأموال حينما أتجول في شوراع هذه المدينة المزدحمة.

تحدثت مع أحد سكنة باريس حول هذا الأمر، فأخبرني قائلاً: "من الأفضل لك أن لا تخرج ليلاً للتجوال في شوارع العاصمة، وإذا خرجت فلا تأخذ معك الكثير من المال لأن عمليات النشل تجري على نطاق واسع، ولا سيما سرقة حقائب النساء".

بعد أن بادرت الإدارات المحلية في فرنسا بإقرار قانون يمنع دخول المتسولين إلى المناطق السياحية ولا سيما في العاصمة باريس، أجريت إحصائية جاء فيها أن عدد السائحين قد تزايد بعد هذا القرار تزامناً مع تناقص أعداد المتسولين، ولكن رغم ذلك فما زالت المتسولون يجوبون شوارع العاصمة.

وحسب هذا التقرير الخاص الذي دونه مراسل وكالة تسنيم من العاصمة الفرنسية باريس، فإن بعض الناس لا يرغبون من الأساس بإقامة أية علاقة مع الغرباء نظراً لكثرة المشاكل الناجمة من التسول الشائع في كل أرجائها، فالفقر شائع هناك لدرجة أن بعض المشردين اتخذوا من أرصفة الشوارع مكاناً للإقامة نهاراً والنوم ليلاً، حيث يجدهم السائح على شكل جماعات أو أفراد، ويؤكد السكنة المحليون أن العديد منهم يموتون في فصل الشتاء جراء البرد القارس.

وأما أهم معالم في مدينة باريس مثل برج إيفل الأسطوري وحديقة متحف اللوفر وميدان كونكورد ومقبرة بانتان وقوس النصر، إلى جانب سائر الأماكن السياحية الهامة، فهي ليست أفضل وضعاً من سائر الأماكن هناك، مثلاً حينما تهطل الأمطار سواء كانت غزيرة أو مجرد زخات خفيفة سرعان ما يجد السائح أمامه أعداداً كبيرة من الباعة المتجولين وهم يبيعون مظلات ملونة بقيمة خمسة يورو، إلا أن المتسولين لا تعجبهم هذه الأجواء الممطرة لأنها تحول دون تحقيق أرباح!

بين الفينة والأخرى تهب الرياح في أجواء العاصمة الفرنسية باريس، ولكنها سرعان ما تهدأ، وهذه الأجواء تؤثر بشكل مباشر على المتسولين والمشردين الذين ينحدرون من جنسيات شتى، وبينهم نساء وأطفال لا يجدون أمامهم سوى مد أيديهم للمارة طلباً للعون.

/ انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الدولي
أهم الأخبار الدولي
عناوين مختارة